مع قِصَـــر ساعـــات النهـــار.. “فلكيـــة جدة” تحـــذر: نهايـــة فلكيـــة لفصـــل الصيـــف وشهر ملئ بالمفاجآت الفلكيـــة!
في نصف الكرة الشمالي، مع بدء شهر سبتمبر، يشهد نهاية فصل الصيف فلكياً حيث يُلاحظ انخفاض قوس المسار الظاهري للشمس تدريجياً. يرتبط هذا الخفض بتناقص ساعات النهار اليومية، مما يجعل الأيام تبدو أقصر تدريجياً كلما تقدم الشهر. وهذا ليس مجرد تغير عشوائي بل هو جزء من الظواهر الفلكية التي تنظم دورات الطبيعة. في 22 سبتمبر، يحدث الاعتدال الخريفي الذي يُعتبر نهاية فعلية لفصل الصيف وبداية لفصل الخريف.
الاعتدال الخريفي هو الحدث الذي يتساوى فيه النهار والليل في جميع أنحاء العالم. ويعد الاعتدال الخريفي من العلامات الفلكية الهامة حيث تتساوى فيه فترات الظلام والضوء، محدثًا تغيرات ملموسة في البيئة والمناخ. يبدأ الناس في الشعور بتبرد الطقس واستقبال أمطار بداية الخريف، وهو ما يؤدي إلى تحول تدريجي في روتينهم اليومي ونشاطاتهم الخارجية.
ويعتبر شهر سبتمبر محطة انتقال هامة في السنة الفلكية حيث أنه يميز نهاية موسم وبدء آخر. التغير في مسار الشمس وقوسها الظاهري له انعكاسات متعددة على الحياة اليومية للناس وكذلك على البيئة. النباتات تبدأ في إعداد نفسها لفترة البرودة القادمة، والحيوانات تتكيف مع التغيرات في درجات الحرارة ووفرة الغذاء.
هذا التغير في موقع الشمس وزاويتها على الأرض قابل للرصد والمتابعة من خلال العديد من الأدوات الفلكية. كما يمكن للهواة والمحترفين الانتباه إلى هذه الظواهر بعيونهم المجردة أو باستخدام تلسكوبات بسيطة. إن الفهم العميق لهذه الظواهر يساعد في التنبؤ بالتغيرات المقبلة والاستعداد لها بأفضل طريقة ممكنة.
يُعتبر النصف الأول من شهر سبتمبر من أفضل الأوقات لرصد السماء الليلية. هذه الفترة تتميز بغياب ضوء القمر الذي يعكر صفو الرؤية، مما يمنح الهواة والمحترفين فرصة مثالية لمراقبة النجوم والكواكب بوضوح. السماء تكون في أبهى حُلة، وتتيح مشاهدة مجرات ومجموعات نجمية تتنوع وتتوزع عبر السماء.
لكن مع اقتراب منتصف الشهر، تحديدًا في 18 سبتمبر، يتغير المشهد السماوي. يكتمل القمر ويصبح بدرًا، ويصل إلى أقرب نقطة له من الأرض، مُشكلاً ما يُعرف بقمر الحصاد. هذا الظاهرة الفلكية المميزة تجعل القمر يبدو أكثر بريقًا وأكبر حجمًا عن المعتاد، ولهذا يُطلق عليه “القمر العملاق”. يُعد هذا الوقت فرصة ذهبية لمحبي الفلك للاستمتاع بجمال السماء الليلية بطريقة مختلفة.
قمر الحصاد هو تسمية تقليدية تُطلق على البدر القريب من الاعتدال الخريفي، والذي يكون عادةً أكثر سطوعًا وأكبر شكلًا. يُضفي هذا القمر البديع رونقًا خاصًا على الليالي المظلمة، مُنيرًا الطرق والمزروعات بنوره الفضّي. بالنسبة للعديد من الثقافات والحضارات، يحمل قمر الحصاد رمزية خاصة ويعتبر وقتًا للاحتفال والحصاد.
لذلك، يُنصح عشاق الفلك بالاستفادة من النصف الأول من سبتمبر لرصد السماء واكتشاف عجائبها بدون إزعاج من ضوء القمر. كما يمكنهم استغلال فترة اكتمال القمر لمشاهدة الظاهرة الفلكية المتميزة والاستمتاع برؤية القمر العملاق بأعلى صفاء. يوفر هذا الوقت فرصة مميزة لمراقبة تفرد السماء الليلية والاستمتاع بجمالها الطبيعي في لحظاتها المختلفة.
يُعَد شهر سبتمبرا شهراً غنياً بالأحداث الفلكية المذهلة، حيث يتضمن حدثًا بارزًا يتمثل في خسوف جزئي للقمر. سيخضع القمر لهذا الخسوف الجزئي في عدة مناطق حول العالم، بما في ذلك السعودية والعالم العربي وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية والمحيط الأطلسي وأوروبا وأفريقيا. خلال هذا الخسوف، سيمر جزء صغير من القمر عبر ظل الأرض، مما يسمح لمحبي الفلك بمشاهدة هذا الظاهرة بوضوح في سماء صافية ومظلمة.
تُعد هذه الظاهرة فرصة ذهبية للحصول على مشاهد ممتازة للقمر في مراحله المختلفة. ومن المهم أن يكون الراصدون مجهزين بتلسكوبات أو كاميرات ذات تكبير جيد للحصول على أفضل رؤية ممكنة. هذا الحدث الفلكي لن يقتصر فقط على المصورين والمراقبين المتحمسين، بل سيكون أيضًا مادة تعليمية قيمة للطلاب والباحثين في مجال الفلك.
بجانب خسوف القمر الجزئي، سيشهد شهر سبتمر أحداثًا فلكية أخرى جديرة بالاهتمام. من بين هذه الأحداث هو اللقاء بين كوكب الزهرة وزحل، حيث يمكن رؤية الكوكبين بوضوح في السماء ليلة. هذا الاقتران الظاهري بين الزهرة وزحل سيضيف رونقًا آخر إلى المشهد السماوي ويُشجع عشاق الفلك على تخصيص وقت لمتابعة هذا العرض الطبيعي الرائع.
تُعد تلك الفرصة جيدة لتعزيز الفهم العام للظواهر الفلكية والترويج لعلم الفلك بين الجمهور. سواء كنت من هواة الفلك أو من المتخصصين، فإن شهر سبتمبر يوفر لك العديد من الأسباب لمتابعة السماء والمشاركة في رصد هذه الأحداث الفلكية الممتعة.
لقاء الزهرة وزحل وغيره من الأحداث الفلكية
في أواخر شهر أغسطس وأوائل سبتمبر، يقدم كوكب الزهرة استعراضاً مذهلاً في السماء، حيث يظهر مشرقاً في الأفق الجنوبي الغربي بعد شفق المساء ويظل مرئيًا لفترة وجيزة قبل أن يغرب. تلك الفترة توفر فرصة مثالية لعشاق الفلك لمتابعة واقتناء مشاهد رائعة للسماء، بما في ذلك رصد كوكب زحل وبعض الكواكب الأخرى والكويكبات.
من 4 إلى 6 سبتمبر، سيكون هناك اقتران رائع بين هلال ربيع الأول وكوكب الزهرة، حيث يقتربان لبعضهما البعض ويظهران بشكل بديع في السماء. هذا الظاهرة الفلكية تشكل مشهدًا رائعًا للرصد والتصوير الفلكي، حيث يمكن للمصورين وعلماء الفلك الهواة التقاط صور مذهلة لتلك اللحظة النادرة.
هذا الاقتران ليس الحدث الفلكي الوحيد الذي يمكن متابعته في هذه الفترة، إذ يصبح كوكب زحل مرئيًا كذلك. زحل، المعروف بحلقاته المدهشة، سيكون في أفضل المواقع للرصد، حيث يظهر بوضوح في السماء الليلية. هذا يعطي الفرصة لمراقبي السماء للاستمتاع برؤية هذه الكوكب عبر التلسكوب واكتشاف تفاصيله الفريدة.
إلى جانب ظهور الزهرة وزحل، سيكون هناك فرصة لرصد عدة كواكب وكويكبات أخرى تكون في مواقع مثالية للرصد. هذا يجعل شهر سبتمبر مليئ بالمفاجآت الفلكية المثيرة للاهتمام والتي تستحق المتابعة عن كثب. عشاق الفلك يمكنهم استغلال هذه الفترة لتحقيق رصد مميز وتوثيق مشاهد فلكية رائعة نادرة التكرار.