صحة

تحذير طبي عاجل: نوع شائع من المضادات الحيوية قد يسبب تلفًا دائمًا في الأعصاب إذا استُخدم دون وصفة طبية!

في خضم السباق اليومي نحو العلاج السريع والراحة الفورية، يغفل كثيرون عن العواقب الخفية وراء استخدام الأدوية الشائعة دون إشراف طبي. وبين هذه الأخطاء، يبرز تهديد جديد يتسلل في صمت داخل أجسامنا: تلف عصبي دائم قد يُسببه مضاد حيوي شائع الاستخدام يُصرف في كثير من الحالات دون وصفة طبية.

نعم، أنت لم تخطئ في القراءة. فمضاد حيوي يُستخدم على نطاق واسع لعلاج نزلات البرد، التهابات المسالك البولية، والتهابات الجيوب الأنفية، قد يؤدي إلى أضرار عصبية دائمة إذا تم استخدامه عشوائيًا. ووفقًا لتحذيرات صادرة من منظمات صحية عالمية مرموقة، فإن هذا الدواء، الذي ظنه كثيرون آمنًا، يحمل في طياته خطرًا خفيًا يهدد الجهاز العصبي الطرفي للإنسان.

ما هو هذا المضاد الحيوي؟ ولماذا هو شائع؟

الحديث يدور حول مجموعة من المضادات الحيوية تُعرف باسم “الفلوروكينولونات” (Fluoroquinolones)، وتضم أدوية مثل:

سيبروفلوكساسين (Ciprofloxacin)

ليفوفلوكساسين (Levofloxacin)

أوفلوكساسين (Ofloxacin)

موكسي فلوكساسين (Moxifloxacin)

هذه الأدوية تُستخدم على نطاق واسع لعلاج التهابات الجهاز التنفسي، وعدوى المسالك البولية، وبعض التهابات الجلد والمعدة. فعاليتها القوية وسرعة تأثيرها جعلتها في صدارة الخيارات لدى الأطباء، ولكن استخدامها الواسع جعلها أيضًا متاحة بكثرة خارج الإشراف الطبي، وبدأ المرضى يتناولونها من تلقاء أنفسهم في كل مرة يشعرون فيها بالحمى أو الألم.

المشكلة الخفية: تلف عصبي لا يمكن إصلاحه

وفقًا لتقارير أصدرتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، فقد تم تسجيل الآلاف من الحالات التي أصيب فيها المرضى بأعراض عصبية خطيرة بعد استخدامهم لمضادات الفلوروكينولون، حيث تطورت لديهم حالة تُعرف باسم الاعتلال العصبي المحيطي (Peripheral Neuropathy).

وهذه الحالة تتضمن:

خدر وتنميل في الأطراف (اليدين والقدمين)

ألم حارق أو طعنات كهربائية

ضعف في العضلات

فقدان التوازن أو التنسيق

زيادة الحساسية للّمس أو الحرارة

وفي بعض الحالات المتقدمة: تلف دائم في الأعصاب الطرفية

والمثير للقلق أن هذه الأعراض قد تظهر بعد أيام قليلة فقط من بدء تناول المضاد الحيوي، وقد تستمر لفترات طويلة حتى بعد التوقف عن تناوله، وفي كثير من الحالات لا تُشفى الأعصاب المتضررة، مما يؤدي إلى إعاقات عصبية مزمنة يصعب علاجها.

تحذيرات دولية صارمة: أوقفوا الاستخدام العشوائي!

وكالة الغذاء والدواء الأمريكية لم تقف مكتوفة الأيدي. بل أصدرت تحذيرًا رسميًا في عام 2016، أكدت فيه أن هذه الأدوية يجب أن تُستخدم فقط في الحالات التي لا تتوفر فيها بدائل أكثر أمانًا، وأنها لا تُناسب علاج الالتهابات البسيطة أو غير المعقدة مثل التهاب الجيوب الأنفية البسيط أو التهاب المسالك البولية غير المعقد.

كما تبعتها الهيئة الأوروبية للأدوية (EMA) بتحذيرات مماثلة، وأوصت بشدة بعدم استخدام الفلوروكينولونات إلا عندما يكون الأمر ضروريًا جدًا وتحت إشراف طبي متخصص، مع ضرورة توعية المرضى بمخاطرها العصبية والنفسية.

لماذا تحدث هذه الأعراض؟ وما مدى خطورتها؟

حتى الآن، لا تزال الدراسات قائمة لفهم آلية التلف العصبي بدقة، ولكن يُعتقد أن مضادات الفلوروكينولون تؤثر بشكل مباشر على الميتوكوندريا داخل الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى خلل في إرسال الإشارات العصبية ويُضعف وظيفة الأعصاب الطرفية.

الخطير في الأمر أن الأعراض العصبية قد تبدأ فجأة، دون إنذار مسبق، وأن الضرر قد لا يكون مؤقتًا كما هو الحال في بعض الأدوية الأخرى. بل في حالات عديدة، يستمر الخدر أو الألم العصبي مدى الحياة، مما يؤثر على جودة الحياة بشكل كبير، وقد يُسبب الإعاقة في بعض المهن التي تتطلب التنقل أو التوازن أو التحكم الدقيق باليدين.

لماذا لا يجب استخدام المضادات الحيوية دون وصفة؟

بجانب خطر تلف الأعصاب، فإن استخدام المضادات الحيوية بشكل خاطئ يؤدي إلى:

ظهور بكتيريا مقاومة يصعب علاجها في المستقبل

فشل الأدوية في العمل لاحقًا عند الحاجة الحقيقية لها

إرهاق الكبد والكلى دون فائدة

قتل البكتيريا النافعة في الأمعاء، مما يؤدي إلى مشاكل في المناعة والهضم

تفاعلات دوائية خطيرة مع أدوية أخرى

من الأكثر عرضة للخطر؟

هناك بعض الفئات يُعتقد أنها أكثر عرضة للإصابة بالتلف العصبي عند استخدام هذه المضادات، مثل:

كبار السن

مرضى السكري

الأشخاص الذين يعانون من أمراض عصبية سابقة

المرضى الذين يتناولون أدوية أخرى تؤثر على الأعصاب

من سبق له استخدام هذه الأدوية وأصيب بأعراض جانبية

ماذا يجب أن تفعل إذا شعرت بأعراض عصبية أثناء استخدام المضاد الحيوي؟

إذا كنت تستخدم مضادًا حيويًا من مجموعة الفلوروكينولون وشعرت بأي من الأعراض التالية:

تنميل أو خدر مفاجئ في الأطراف

ألم حارق أو إحساس بالصعق الكهربائي

ضعف مفاجئ في الساقين أو اليدين

مشاكل في التوازن أو المشي

فيجب التوقف فورًا عن تناول الدواء، والتوجه للطبيب فورًا، فالتدخل المبكر قد يقلل من الأضرار طويلة الأمد.

نحن لا نُحذّر من المضادات الحيوية كمبدأ، فهي من أعظم اكتشافات الطب الحديث، ولكننا نُحذر من الاستخدام الخاطئ وغير المسؤول لها. فدواء واحد، لو أُسيء استخدامه، قد يُكلفك الإحساس بقدميك مدى الحياة.

لا تتناول مضادًا حيويًا دون وصفة طبية، ولا تستهن بالأعراض العصبية. الوقاية تبدأ بالوعي، والمسؤولية تبدأ بك أنت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!