كل صباح، دون تفكير، يبدأ الملايين يومهم بتكرار نفس العادة، ظنًّا منهم أنها طبيعية أو غير مؤذية، بل وقد تكون مرتبطة بالراحة أو التركيز… لكن المفاجأة: هذه العادة قد تدمّر قلبك تدريجيًا دون أن تشعر!
في هذا التحقيق الطبي، نكشف لك العادة اليومية التي يحذر منها أطباء القلب، ونشرح بالتفصيل كيف تؤثر على عضلة القلب، وتزيد من خطر تلف الشرايين، بل وترفع احتمال الإصابة بنوبة قلبية مفاجئة.
العادة الخطيرة: الجلوس لفترات طويلة دون حركة!
قد يبدو الأمر بسيطًا، لكنه في الواقع واحد من أخطر الأنماط اليومية التي تؤثر على صحة القلب. الجلوس لساعات متواصلة—سواء للعمل، لمتابعة الهاتف، أو مشاهدة التلفاز—دون فترات منتظمة من الحركة، يُعد خطرًا صامتًا على القلب، وهو ما أطلق عليه الأطباء “القتل البطيء للقلب”.
ماذا يحدث للجسم أثناء الجلوس الطويل؟
عند الجلوس لفترة طويلة دون تحريك الساقين أو تغيير الوضعية:
1. يقلّ تدفق الدم إلى الأطراف السفلية
مما يعيق الدورة الدموية ويزيد من لزوجة الدم، وهو ما قد يؤدي إلى جلطات دموية خطيرة.
2. ينخفض نشاط عضلة القلب تدريجيًا
فكلما قلّت الحركة، قلّ معها ضخ الدم النشط من القلب إلى الأطراف، مما يُجهد عضلة القلب مع الوقت.
3. يُقلّ استهلاك الجسم للجلوكوز والدهون
ما يؤدي إلى تراكم الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار، أحد الأسباب المباشرة لأمراض الشرايين.
دراسات وأرقام صادمة
دراسة نُشرت في مجلة “JAMA Cardiology” وجدت أن الأشخاص الذين يجلسون لأكثر من 8 ساعات يوميًا دون حركة معرضون لخطر الوفاة بأمراض القلب بنسبة تزيد على 30% مقارنة بغيرهم.
دراسة أسترالية أجريت على أكثر من 200 ألف شخص، أثبتت أن كل ساعة جلوس إضافية بعد سن الـ45 تزيد خطر الوفاة المبكرة بنسبة 11%.
هذه الفئات في خطر أكبر:
الموظفون الذين يعملون من مكاتب لساعات طويلة
طلاب الجامعات الذين يقضون يومهم على الطاولات أو أمام الشاشات
كبار السن الذين تقل حركتهم مع الوقت
مدمنو التلفاز أو الألعاب الإلكترونية
العاملون عن بعد دون جدول للحركة
أعراض مبكرة لتلف القلب المرتبط بقلة الحركة:
تسارع نبض القلب عند أقل مجهود
برودة في القدمين نتيجة ضعف الدورة الدموية
الشعور بالخمول والتعب طوال الوقت
ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم أو الكوليسترول
ضيق في التنفس حتى دون مجهود واضح
كيف تحمي قلبك من هذا الخطر الصامت؟
حتى لو كان عملك يتطلب الجلوس الطويل، يمكنك حماية نفسك بهذه الخطوات البسيطة:
1. التحرك كل 30 دقيقة
حتى الوقوف أو المشي الخفيف لدقيقتين يُحدث فرقًا كبيرًا.
2. مارس تمارين التمدد
خاصة أثناء الجلوس الطويل، مثل تحريك الكاحلين ورفع الساقين.
3. استخدم مكتبًا قابلًا للوقوف
إن أمكن، لتقسيم وقت العمل بين الجلوس والوقوف.
4. اشرب الكثير من الماء
ليس فقط للترطيب، بل لإجبار نفسك على الحركة للذهاب إلى الحمام.
5. خصص 30 دقيقة على الأقل يوميًا للمشي أو الرياضة
فالنشاط البدني هو أقوى سلاح ضد أمراض القلب المرتبطة بنمط الحياة.
ملاحظة مهمة
حتى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام لا يكونون محصنين من أضرار الجلوس الطويل، إذا قضوا باقي اليوم في وضعية ثابتة!
لذا فالسرّ لا يكمن فقط في ساعة الجيم، بل في الحركة المتكررة على مدار اليوم. الجلوس الطويل هو عادة يومية تبدو غير مؤذية، لكنها في الحقيقة تُشكّل تهديدًا صامتًا لقلبك… وكل دقيقة تقضيها في الكسل قد تُقربك خطوة من أزمة قلبية لا ترحم.
انهض الآن، تحرّك، أنقذ قلبك قبل أن يدق ناقوس الخطر!
