نوع شائع من الخبز على موائدنا قد يخفي خطرًا صادمًا.. مادة مرتبطة بالسرطان داخله دون أن نعلم!

الخبز… الغذاء الأساسي الذي لا تخلو منه المائدة، قد يحمل في طياته خطرًا صامتًا لا يشعر به أحد.
قد لا يخطر في بالك أبدًا أن وجبة الإفطار أو العشاء اليومية التي تبدأ بقطعة خبز، قد تكون حاملة لمادة كيميائية مصنّفة على أنها “مُحتملة التسرطن” من قبل هيئات صحية دولية. التحذير الجديد الذي صدر عن خبراء تغذية وسلامة غذائية في أوروبا وأمريكا، سلط الضوء مجددًا على “الأكريلاميد”، وهي مادة تتكون أثناء تحميص أو خبز بعض الأطعمة، خاصةً الخبز الصناعي المخبوز في درجات حرارة عالية.
فهل حان الوقت لننظر إلى خبزنا بعين الحذر؟
ما هي مادة الأكريلاميد ولماذا تُعد خطيرة؟
الأكريلاميد (Acrylamide) هي مادة كيميائية تتكون بشكل طبيعي عند طهي الأطعمة النشوية في درجات حرارة عالية — مثل القلي، الخبز، أو التحميص. تتكون هذه المادة نتيجة تفاعل بين السكريات وحمض أميني يسمى الأسباراجين، وهي عملية تسمى تفاعل ميلارد، وهي نفسها المسؤولة عن اللون البني والنكهة المقرمشة التي يحبها كثيرون.
ورغم أن هذه المظاهر محببة للناس، إلا أن الدراسات أثبتت أن الأكريلاميد قد يكون ضارًا جدًا إذا تم استهلاكه بكميات مرتفعة وبشكل متكرر.
تحذيرات دولية بشأن الخبز الصناعي المخبوز
كشفت هيئة السلامة الغذائية الأوروبية (EFSA)، وكذلك إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، أن الأكريلاميد الموجودة في الخبز المحمص أو المصنع بشكل صناعي يمكن أن ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، خصوصًا سرطان المبيض، الرئة، والغدة الدرقية.
وفي تجارب على الحيوانات، أظهرت هذه المادة خصائص مسرطنة واضحة، مما دفع الهيئات إلى دعوة المصنعين لتقليل مستوياتها قدر الإمكان.
الخبز المحمص: القشرة المقرمشة التي تخفي الخطر
العديد من أنواع الخبز المتوفرة في الأسواق — خاصة الخبز الأبيض المصنع الذي يُخبز أو يُحمص في درجات حرارة عالية جدًا — قد يحتوي على مستويات مرتفعة من الأكريلاميد، خصوصًا إذا كانت القشرة بنية أو محترقة قليلاً. الأمر لا يقتصر فقط على الخبز الجاهز، بل حتى الخبز المحمص في المنازل — حين يتحول لونه إلى البني الداكن أو الأسود — قد يحتوي على تركيزات مرتفعة من هذه المادة.
كيف يؤثر الأكريلاميد على الجسم؟
تشير بعض الدراسات إلى أن الأكريلاميد لا يزيد فقط من خطر الإصابة بالسرطان، بل قد يؤثر أيضًا على:
الجهاز العصبي: حيث ثبت أنه قد يؤدي إلى تلف في الخلايا العصبية عند التعرض له لفترات طويلة.
الخصوبة: إذ يُعتقد أن له تأثيرات سلبية على جودة الحيوانات المنوية.
الجينات: يمكن أن يُحدث تغييرات طفيفة على المستوى الجيني قد تؤدي إلى مشاكل على المدى البعيد.
ورغم أن الكميات الموجودة في الطعام قد تكون أقل بكثير من الجرعات السامة التي تمت دراستها في المختبر، إلا أن التعرض التراكمي على مدى سنوات هو ما يثير القلق الأكبر.
ما الذي يمكن فعله؟ وكيف نتجنب هذا الخطر؟
أولًا: لا داعي للذعر.
الخبز بحد ذاته ليس خطرًا، لكن طريقة تصنيعه ودرجة حرارة الخبز هي التي تحدد مدى وجود الأكريلاميد فيه. إليك بعض النصائح البسيطة لتقليل الخطر:
تجنب الخبز المقرمش جدًا أو المحترق.
عند تحميص الخبز، اجعله بلون ذهبي فاتح، وليس بني داكن أو أسود. اختر الخبز المصنوع منزليًا أو من المخابز التي تستخدم طرق خبز معتدلة. قلل من استهلاك الوجبات السريعة التي تحتوي على الخبز المحمص الجاهز أو البطاطا المقلية. أكثر من تناول الأطعمة الطبيعية الطازجة التي لا تمر بعمليات تصنيع حراري معقدة.
هل كل أنواع الخبز تحتوي على الأكريلاميد؟
لا.
الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، والذي يُخبز على درجات حرارة أقل أو يُطهى بالبخار، عادة ما يحتوي على كميات أقل بكثير من الأكريلاميد، بل ويعد خيارًا صحيًا غنيًا بالألياف والمعادن. أيضًا، الخبز العربي التقليدي أو المخبوز بالحطب على درجات حرارة مضبوطة، يُعد خيارًا أفضل بكثير من الخبز الأبيض المصنع تجاريًا.
كل لقمة تستحق وعيًا… حتى وإن كانت مجرد خبز
الخبز، هذا الطعام البسيط الذي نستهلكه يوميًا، قد يحمل في داخله خطرًا صامتًا لا يُرى ولا يُشم ولا يُذاق. ولكن بالوعي والتصرف الذكي، يمكننا تقليل هذا الخطر بسهولة دون أن نحرم أنفسنا من وجبة نحبها. كل ما عليك فعله هو إعادة النظر في خياراتك، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي قد تُحدث فرقًا كبيرًا في صحتك على المدى البعيد.