وداعًا للأدوية الكيماوية… عشبة تنمو في الشتاء تُعيد الأمل وتوقف الخلايا السرطانية فورًا

في عالم الطب الحديث الذي يزداد فيه البحث عن علاجات بديلة وآمنة للأمراض المزمنة، برزت خلال السنوات الأخيرة مجموعة من الدراسات العلمية التي أعادت تسليط الضوء على النباتات الطبية القديمة التي تمتلك خصائص علاجية مذهلة. ومن بين هذه النباتات، ظهرت عشبة شتوية بسيطة في مظهرها لكنها أدهشت العلماء بقدرتها الفائقة على إيقاف نمو الخلايا السرطانية ومنع انتشارها، حتى أطلق عليها بعض الباحثين اسم “الأمل الأخضر” في مواجهة السرطان. هذه العشبة هي عشبة القراص (Urtica dioica)، المعروفة منذ آلاف السنين في الطب الشعبي الأوروبي والعربي، والتي تنمو عادة في المناطق الباردة والرطبة خلال فصل الشتاء.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن عشبة القراص تحتوي على تركيبة فريدة من المركبات النشطة بيولوجيًا، من بينها الليكوبين، والبوليفينولات، والفلافونويدات، والستيرولات النباتية، وهي مركبات تمتلك خصائص مضادة للأكسدة والالتهابات، وتلعب دورًا مهمًا في الحد من تكاثر الخلايا السرطانية. وقد أظهرت أبحاث أجريت في جامعة “وارويك” البريطانية أن مستخلصات القراص تعمل على تحفيز ما يُعرف بـ”الاستماتة الخلوية” وهي عملية الموت المبرمج للخلايا غير الطبيعية، ما يعني أنها تساعد الجسم على التخلص من الخلايا السرطانية دون التأثير في الخلايا السليمة المحيطة بها، بعكس ما تفعله الأدوية الكيماوية.
وفي دراسة أخرى نشرتها مجلة Journal of Ethnopharmacology، تم اختبار مستخلصات عشبة القراص على خلايا سرطانية في المختبر، وأظهرت النتائج انخفاضًا واضحًا في نشاط هذه الخلايا بنسبة تجاوزت 70٪ خلال فترة قصيرة من الزمن، وهو رقم اعتُبر مذهلًا من قبل الباحثين. كما بينت الدراسة أن هذه العشبة تحتوي على مركبات تعمل كمثبطات لأنزيمات معينة مسؤولة عن تغذية الخلايا السرطانية ونموها، مما يوقف انقسامها ويمنعها من الانتشار.
لكن المدهش في الأمر أن فوائد عشبة القراص لا تقتصر على مكافحة السرطان فقط، بل تمتد لتشمل تعزيز المناعة، وتنقية الدم، وتنشيط الكبد، حيث أظهرت دراسات أجرتها جامعة طوكيو أن القراص يحتوي على نسب عالية من الحديد والمغنيسيوم والكالسيوم، وهي معادن أساسية لدعم الجهاز المناعي وتحسين مقاومة الجسم للأمراض. كما أنه يحسن الدورة الدموية ويساعد على إزالة السموم من الجسم عبر الكبد والكلى، مما يخلق بيئة داخلية صحية تُضعف قدرة الخلايا السرطانية على التكاثر.
من الناحية العملية، يتم استخدام القراص بعدة طرق؛ حيث يمكن غليه وشربه كشاي دافئ، أو استخدام أوراقه المجففة في مستخلصات عشبية مركزة، أو تناوله كمكمل غذائي بعد استشارة الطبيب. شرب كوب واحد يوميًا من مغلي أوراق القراص في الشتاء يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على توازن الجسم وتنشيط وظائفه الحيوية. ومع ذلك، يُنصح بعدم الإفراط في استخدامه، إذ قد يسبب عند بعض الأشخاص انخفاضًا في ضغط الدم أو تأثيرًا خفيفًا على مستوى السكر.
ويشير بعض الباحثين إلى أن سر فعالية عشبة القراص يعود إلى قدرتها على تنشيط إنزيمات الدفاع الطبيعية في الجسم، مثل الجلوتاثيون بيروكسيداز والسوبر أوكسيد ديسموتاز، وهما إنزيمان يساعدان في مقاومة الجذور الحرة المسؤولة عن تلف الخلايا والتحول السرطاني. ومن هذا المنطلق، فإن استخدام القراص بشكل منتظم يمكن أن يكون وسيلة وقائية طبيعية ضد السرطان وأمراض الشيخوخة.
في الطب الشعبي العربي، كانت عشبة القراص تُعرف باسم “الحريق”، وكان الأطباء القدامى يوصون بها لعلاج فقر الدم وآلام المفاصل وتنقية الدم. وقد أظهرت البحوث الحديثة أن تلك الاستخدامات لم تكن خرافة، بل كانت نابعة من معرفة دقيقة بخواص النبات. فالقراص يحتوي على مركبات تساعد على تحفيز إنتاج خلايا الدم الحمراء وتنشيط الدورة الدموية، وهو ما يجعله خيارًا طبيعيًا داعمًا لجسم الإنسان أثناء العلاج من الأمراض المزمنة.
ما يميز هذه العشبة الشتوية هو أنها تنمو تلقائيًا دون تدخل الإنسان، وتحتفظ بمكوناتها الكيميائية الطبيعية النقية بعيدًا عن التلوث والمبيدات، مما يجعلها من أكثر النباتات أمانًا من الناحية البيئية والغذائية. وقد أكدت دراسات ألمانية أن استخدام القراص كمشروب عشبي خلال فصل الشتاء يحسن مناعة الجسم ضد الفيروسات والعدوى التنفسية، كما يساعد على تنظيم الهرمونات في الجسم خاصة لدى النساء.
رغم أن القراص لا يمكن اعتباره علاجًا نهائيًا للسرطان، إلا أنه يمثل أداة قوية داعمة في الوقاية منه وفي تعزيز كفاءة العلاجات الأخرى. الأطباء اليوم أصبحوا أكثر انفتاحًا تجاه دمج الأعشاب الطبية مثل القراص ضمن البروتوكولات العلاجية المكملة، خاصة في الحالات التي تتطلب دعم المناعة وتقليل الأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي.
يمكن اعتبار عشبة القراص واحدة من الكنوز الطبيعية التي منحتها لنا الأرض، فهي ليست مجرد نبات شتوي بسيط، بل علاج طبيعي شامل يعيد التوازن للجسم، ويمنح الأمل للمرضى في مواجهة أمراض العصر. ومع أن العودة إلى الطبيعة لا تُغني عن استشارة الأطباء، إلا أن العلم الحديث بدأ يؤكد ما كان أجدادنا يعلمونه intuitively منذ قرون: أن الشفاء الحقيقي يبدأ من الطبيعة.