أحداث مثيرة

هل يجوز شرعاً استحمام الزوجين معاً أو نظر كل منهما للآخر أثناء الاغتسال

من المسائل التي يكثر السؤال عنها في عصرنا مسألة استحمام الزوجين معاً أو اغتسالهما في مكان واحد، وهل يجوز شرعاً أن يرى كل واحد منهما عورة الآخر أثناء ذلك، أم أن في الأمر حرمة أو كراهة؟ وهذه المسألة ترتبط بفقه العلاقة الزوجية وما أباحه الشرع من خصوصيات بين الزوجين.

أولاً: الأصل العام في العلاقة بين الزوجين

الأصل أن الله سبحانه وتعالى جعل العلاقة بين الزوجين قائمة على المودة والرحمة والستر، قال تعالى:

“هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ” [البقرة: 187].

ومعنى اللباس هنا يشمل الستر والمعاشرة القريبة والالتصاق الذي يزيل الحواجز بين الطرفين. وقد ثبت في صحيح السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل مع بعض زوجاته من إناء واحد.

ثانياً: الأدلة الشرعية على جواز استحمام الزوجين معاً

ورد في صحيح مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه.”

وهذا الحديث نص صريح على أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل مع زوجته في مكان واحد، وكان كل منهما يرى الآخر.

كما ورد في صحيح البخاري ومسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تغتسل مع النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً.

هذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن استحمام الزوجين معاً أمر مباح في الشرع ولا حرج فيه، سواء رآى كل منهما جسد الآخر أم لا.

ثالثاً: حكم نظر الزوج لعورة زوجته والعكس

أجمع جمهور العلماء على أن للزوجين أن ينظر كل منهما إلى جسد الآخر كله بلا استثناء، لأن ذلك من الحقوق المباحة بينهما. وقد استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده:

“احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك.” [رواه أبو داود والترمذي].

فدل الحديث على أن الزوجة مستثناة من حكم الستر الواجب، وبالتالي يجوز للزوج أن يرى جسد زوجته والعكس.

رابعاً: أقوال المذاهب الفقهية

الحنفية: أجازوا النظر بين الزوجين إلى جميع الجسد حتى الفرج.

المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا بجواز النظر أيضاً، مستندين إلى نفس الأدلة من السنة.

وبناءً عليه فلا يوجد خلاف معتبر في جواز اغتسال الزوجين معاً ورؤية كل واحد لجسد الآخر.

خامساً: البعد النفسي والاجتماعي

أثبتت بعض الدراسات الاجتماعية والنفسية الحديثة أن المشاركة بين الزوجين في تفاصيل الحياة اليومية، ومنها الاستحمام أو المشاركة في العناية الشخصية، تعزز الروابط العاطفية وتزيد من الثقة المتبادلة. وهذا منسجم مع ما قررته الشريعة من مبدأ المودة والرحمة.

سادساً: الضوابط الشرعية

رغم الإباحة، إلا أن هناك ضوابط عامة يجب مراعاتها:

1. أن يكون الأمر في حدود خصوصية الزوجين دون اطلاع الآخرين.

2. أن لا يصحب ذلك كشف أو تصوير أو نقل خارج دائرة الحياة الزوجية.

3. أن يقصد به المباح لا الدخول في ممارسات محرمة أو غريبة عن الفطرة.

يجوز شرعاً استحمام الزوجين معاً في مكان واحد، ويجوز أن يرى كل منهما عورة الآخر، ولا حرج في ذلك على الإطلاق، بل ورد في السنة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع أمهات المؤمنين. وهذا الحكم مجمع عليه عند أهل العلم، وهو من تمام المودة والرحمة بين الزوجين.

وقد جعل الإسلام العلاقة الزوجية علاقة مبنية على الطهر والستر والرضا المتبادل، وأباح من الخصوصيات بين الزوجين ما لا يجوز بين غيرهما، تحقيقاً لمقاصد الشرع في حفظ العرض وبناء الأسرة على أساس من الألفة والسكينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!