علامة في العين تنبئ بمرض نفسي خطير!.. دراسة تكشف سرًا جديدًا في شبكية العين والفصام!

في كشف علمي مثير قد يغيّر قواعد تشخيص الأمراض النفسية، توصل باحثون من جامعتين في سويسرا وبريطانيا إلى وجود ارتباط دقيق بين سماكة شبكية العين وخطر الإصابة بمرض الفصام (انفصام الشخصية)، ما يفتح آفاقًا جديدة لتشخيص هذا الاضطراب العقلي المعقّد.
وبحسب نتائج الدراسة المنشورة في موقع “Interesting Engineering”، فإن الأشخاص الذين لديهم استعداد جيني للفصام يميلون إلى امتلاك شبكية أرق من غيرهم، وهي علامة يمكن رصدها بسهولة باستخدام فحص بصري بسيط وسريع.
فحص سريع يكشف الكثير
اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات ضخمة من “البنك الحيوي البريطاني” (UK Biobank)، الذي يحتوي على ملفات طبية وجينية لأكثر من 500 ألف شخص. وبتقنية تُعرف بـ”التصوير المقطعي البصري للعين” (OCT)، وهو فحص غير جراحي لا يستغرق سوى دقائق، تمكن الباحثون من ربط درجات الخطورة الجينية بقياسات دقيقة لسماكة الشبكية.
الأمر اللافت هو أن هذا الفحص يُجرى بالفعل في العديد من العيادات البصرية، ما يعني أن استخدامه لأغراض التشخيص النفسي قد يصبح قريبًا ممارسة شائعة في الطب الوقائي.
لماذا الشبكية؟
شبكية العين ليست مجرد طبقة بصرية، بل امتداد مباشر للجهاز العصبي المركزي. وأوضح الدكتور “فين رابي”، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن التغيرات التي تطرأ على الشبكية قد تكون “نافذة على الدماغ”، وتساعد على فهم التغيرات العصبية المرتبطة بالأمراض النفسية، دون الحاجة إلى إجراءات معقّدة أو مكلفة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي.
الالتهاب.. حلقة مفقودة في الفصام؟
وما يزيد أهمية هذا الاكتشاف هو ربطه بما يُعرف بـ”فرضية الالتهاب” في مرض الفصام. فقد كشفت الدراسة أن المتغيرات الجينية المرتبطة بالاستجابات الالتهابية قد تساهم في ترقّق الشبكية، ما يعزز نظرية أن الالتهاب المزمن في الدماغ قد يكون عاملاً رئيسيًا في نشوء المرض. هذه النتائج قد تفتح الباب أمام علاجات مستقبلية تستهدف الالتهابات العصبية كوسيلة للوقاية أو التأخير من تطور الفصام، مما يمثل نقطة تحول في فهم هذا الاضطراب.
هل سنفحص أعيننا للكشف عن الأمراض النفسية؟
بينما لا يزال التأثير الذي رُصد في الدراسة صغيرًا على مستوى الأفراد، إلا أنه يظهر بوضوح عند تحليل مجموعات كبيرة. ويأمل الباحثون أن تقود هذه النتائج إلى تطوير أدوات فحص جديدة تُستخدم في العيادات النفسية، وربما حتى في فحوصات الصحة العامة. لكنهم يؤكدون في الوقت نفسه أن هذه النتائج بحاجة إلى مزيد من الدراسات الطولية لتتبع الحالات عبر الزمن، والتأكد من فعالية هذه الطريقة في التنبؤ المبكر والإفادة السريرية.
العين ليست فقط نافذتك إلى العالم، بل قد تكون نافذة العلماء إلى أعماق عقلك. هذا الاكتشاف ليس مجرد سبق علمي، بل هو دليل جديد على أن الصحة النفسية والجسدية متداخلتان بعمق، وأن الوقاية تبدأ أحيانًا من نظرة.