أقتراحات عامة

بقعة ضباب لا تتحرك لساعات فوق حقل!.. الأهالي يصورون من الداخل والعلم يفسّر: هل نحن أمام ظاهرة نادرة أم رسالة من الطبيعة؟!

في مشهد لا يتكرر كثيرًا، اجتمع عشرات الأهالي صباح الثلاثاء حول بقعة ضبابية غريبة ظهرت فجأة فوق حقل زراعي مفتوح بإحدى قرى دلتا مصر، حيث استمرت ثابتة في مكانها لأكثر من خمس ساعات متواصلة، دون أن تتأثر بالرياح أو أشعة الشمس الصباحية. وبين الفضول والدهشة، اقترب البعض ليلتقط صورًا وفيديوهات من داخل هذه السحابة الأرضية الغريبة، ليكتشفوا أن الضباب من الداخل يبدو أكثر كثافة ويمتلك شعورًا حراريًا مختلفًا عن باقي الأجواء المحيطة.

لكن، ما تفسير هذه الظاهرة التي وصفها بعض الأهالي بأنها “رسالة من السماء”؟ وهل هي مجرد صدفة نادرة أم دليل على تغيّر مناخي أو بيئي ما؟

في هذا التحقيق، نستعرض رأي العلم، وخلفية الظاهرة، وخطرها المحتمل، وكيفية التمييز بينها وبين الظواهر الأكثر خطورة كالغازات السامة أو تسربات الطاقة.

ما حدث بالضبط؟

في تمام السادسة صباحًا، لاحظ عدد من الفلاحين أثناء توجههم لري الحقول أن منطقة معينة وسط الحقل مغطاة بضباب كثيف. ليس هذا فقط، بل إن الضباب لا يتحرك رغم وجود نسيم خفيف في الجو، ما أثار شكوك البعض وخوف الآخرين.

سعيد عبداللاه، 58 عامًا، مزارع:

“المنظر كان غريب.. وقفنا نراقب ساعة وساعتين.. الضباب مش بيتحرك خالص!”.

منى عاطف، مدرسة علوم، علّقت قائلة:

“لما دخلنا جوّا الضباب حسّينا كأنه أبرد من باقي الجو، وفيه ريحة ندى ورطوبة شديدة.. حسّيت كأني في مكان تاني خالص”.

التفسير العلمي: ما هذه الظاهرة؟

يُعرف هذا النوع من الضباب علميًا باسم:

“الضباب الإشعاعي (Radiation Fog)”

ويحدث تحت ظروف معينة:

1. رطوبة عالية قريبة من سطح الأرض (بعد مطر أو ندى).

2. سماء صافية وهدوء تام في الرياح أثناء الليل.

3. برودة شديدة خلال ساعات الفجر تجعل الأرض تفقد حرارتها بسرعة.

4. منخفض طبوغرافي (مثل حفرة طبيعية أو وادٍ صغير) يحتجز الهواء البارد والرطب، فيتكثف البخار ويُكوّن الضباب.

يقول د. عبدالغني يوسف، أستاذ الأرصاد الجوية بجامعة القاهرة:

“ما حدث ظاهرة معروفة ولكنها نادرة الحدوث في بيئتنا الزراعية.. الضباب الثابت لا يعني بالضرورة خطرًا، لكنه مثير علميًا لأنه يدل على توازن دقيق بين حرارة الأرض والرطوبة والهواء”.

هل هناك خطر على الصحة أو الزراعة؟

عمومًا، الضباب الإشعاعي غير ضار، لكنه قد يثير بعض المخاوف لعدة أسباب:

ضعف الرؤية الأفقية خاصة للسائقين.

قد يسبب شعورًا بالاختناق المؤقت لمن يعانون من أمراض تنفسية. تكراره قد يدل على اختلالات مناخية في المنطقة. يُوصى بعدم البقاء طويلًا داخل الضباب الكثيف، خاصة لمرضى الربو أو كبار السن.

متى يجب القلق؟

ليست كل بقعة ضبابية بريئة.. فبعض الغازات الصناعية أو الانبعاثات الكيميائية قد تتشكل بشكل يشبه الضباب. لذا، عند ملاحظة:

رائحة غريبة أو نفّاذة.

تغير لون الضباب إلى أصفر أو أخضر أو رمادي. شعور بحكة في العينين أو الحلق. ينبغي الاتصال بالجهات المعنية فورًا، مثل وزارة البيئة أو الحماية المدنية.

الطبيعة تتحدث.. فهل نصغي؟

تكرر ظهور هذه الظواهر في مناطق زراعية أو قريبة من مصادر مائية قد يكون تذكيرًا من الطبيعة بضرورة:

مراقبة التغيرات البيئية المحلية.

الحد من التلوث. تشجيع البحث العلمي حول المناخ المحلي.

خاتمة: هل نحن أمام ظاهرة طبيعية أم شيء أكثر غموضًا؟

رغم أن التفسير العلمي واضح، إلا أن الجانب الإنساني من الحكاية — الصور التي التُقطت، المشاعر التي عبّر عنها الناس، الفضول الذي انتشر — كلها تعكس عطش الإنسان للغموض والمعرفة معًا. هذه الظاهرة هي تذكير بأن الطبيعة ما زالت تملك مفاجآتها ، وما علينا إلا أن نرصد، ونتعلم، ونتفاعل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!