سر يتكشف مع مرور السنين.. لماذا تتراكم دهون البطن فجأة بعد الأربعين؟!

في لحظة ما من العمر، يبدأ الكثير من الناس في ملاحظة تغيّرات غير مبررة في أجسامهم، أبرزها ذلك الانتفاخ المتزايد حول البطن، رغم عدم تغيّر العادات الغذائية أو حتى الوزن الظاهري. فهل هي مجرد مصادفة مرتبطة بالتقدم في السن؟ أم أن الجسم يخفي آليات داخلية تعمل بصمت حتى تحين لحظة التغيير المفاجئة؟
دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة “ساينس” كشفت عن لغز ظل محيّراً لعقود: لماذا تتزايد كتلة الدهون في منطقة البطن مع التقدم في العمر؟ الجواب جاء من داخل الجسم نفسه، حيث رصد الباحثون آلية بيولوجية جديدة لم تكن معروفة من قبل.
ففي دراسة أجراها “مركز سيتي أوف هوب الطبي” بالولايات المتحدة، وجد العلماء أن التقدم في العمر يُفعّل نوعًا خاصًا من الخلايا الجذعية التي تتحول إلى خلايا دهنية بمعدلات متسارعة. هذه الخلايا، التي لم تكن تنشط في مراحل الشباب، تبدأ في التكاثر فجأة بعد منتصف العمر، مما يفسر ذلك التغير الملحوظ في شكل الجسم وتراكم الدهون العميقة حول البطن.
والأدهى من ذلك، أن الفريق البحثي توصل إلى أن هناك مسارًا جينيًا يُعرف باسم “مستقبل عامل تثبيط اللوكيميا (LIFR)” هو المسؤول عن تحفيز هذه الخلايا على الانقسام والتكاثر، ما يفتح الباب أمام تطوير أدوية وعلاجات جديدة تستهدف هذا المسار تحديدًا للحد من نمو الخلايا الدهنية، وبالتالي مقاومة البدانة المرتبطة بالعمر.
البروفيسورة “أنابيل وانغ”، إحدى المشاركات في الدراسة، أكدت أن ما يحدث في الجسم ليس مجرد ضعف في الحرق أو قلة في النشاط البدني فقط، بل هناك تحول جذري في بنية الخلايا ذاتها. وأضافت أن هذه النتائج قد تساعد في تصميم علاجات تقلل من إنتاج الخلايا الدهنية الجديدة، ما يمنح الأمل في الوقاية من أمراض مثل السكري وأمراض القلب، بل وربما إطالة العمر الصحي.
ولم تكتف الدراسة بالبيانات النظرية، بل أجرت تجارب على فئران مختلفة الأعمار، وزرعت خلايا مأخوذة من الفئران الكبيرة في السن في أجسام أخرى، ووجدت أن الخلايا القديمة تفرز خلايا دهنية بكثافة أكبر وأسرع بكثير من الخلايا الشابة. حتى عندما زُرعت خلايا شابة في بيئة جسدية مسنّة، لم تنتج نفس الكمية من الدهون، مما يشير إلى أن سرّ التغيير يكمن داخل الخلايا نفسها.
ما تعنيه هذه النتائج عملياً، هو أن محاربة سمنة البطن بعد الأربعين لم تعد مجرد معركة مع “الأكل الزائد”، بل هي مواجهة علمية مع خلايا تغيرت طبيعتها بفعل الزمن.
ويبقى السؤال الكبير: هل سنشهد في السنوات القادمة أدوية تعيد تنشيط الخلايا كما كانت في شبابها؟ وهل سنتمكن أخيرًا من التحكم في واحدة من أصعب المشكلات الصحية المرتبطة بالعمر؟
الخبراء يؤكدون أن هذا الاكتشاف ليس مجرد خطوة علمية، بل بداية لتغيير جذري في فهمنا لجسم الإنسان، وقدرتنا على إبطاء عقارب الشيخوخة من الداخل.