أزمة غذائية تهدد هذا البلد!.. المنتجات تختفي من الأسواق والمواطنون يشتكون!

في ظل صراع دموي لا يزال يحصد الأرواح ويدمر البلاد، تعيش السودان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخها الحديث، وربما في العالم بأسره. فبينما ينشغل العالم بأزمات أخرى، يتفاقم الوضع في هذا البلد المنكوب، حيث تختفي المنتجات من الأسواق، ويزداد الجوع يوماً بعد يوم، حتى باتت المجاعة واقعاً مريراً ينهش جسد الوطن بصمت
كارثة إنسانية من صنع الإنسان
وفقاً لما كشفه شون هيوز، منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، فإن السودان يشهد حاليًا “أكبر أزمة إنسانية في العالم بكل المقاييس”، وذلك مع دخول الحرب عامها الثاني. هذه الأزمة ليست ناتجة عن كوارث طبيعية أو تغيّرات مناخية، بل هي نتيجة مباشرة لنزاع مسلح مستمر تسبب في تدمير البنية التحتية، وتعطيل خطوط الإمداد، وتهجير الملايين.
وأكد هيوز في إفادة صحفية من نيروبي، أن هذه الأزمة أدت إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخليًا، بينما لجأ نحو 4 ملايين آخرين إلى دول تعاني بدورها من أوضاع إنسانية هشة. الأسوأ من ذلك أن 80% من هؤلاء النازحين هم من النساء والأطفال، الفئة الأضعف والأكثر تعرضًا للجوع والمخاطر الصحية.
مجاعة معلنة رسمياً لأول مرة منذ سنوات
المفاجأة الصادمة أن الأمم المتحدة أعلنت وقوع مجاعة فعلية في السودان، وتحديدًا في مخيم زمزم بإقليم دارفور، في سابقة لم تحدث بهذا الحجم منذ أكثر من عقد. ووفقاً لتقارير برنامج الأغذية العالمي، فإن المجاعة امتدت منذ ذلك الحين إلى عشر مناطق أخرى، مما ينذر بانهيار شامل للنظام الغذائي في البلاد.
نحو 25 مليون شخص — أي ما يعادل نصف سكان السودان — يعانون من مستويات حادة من الجوع، من بينهم 5 ملايين طفل وأم يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو رقم مرعب يهدد جيلاً كاملاً بالموت أو التشوهات الصحية والنفسية الدائمة.
شهادات تقشعر لها الأبدان
يقول هيوز إنه التقى بناجين، خصوصًا من النساء والأطفال، خاضوا رحلات محفوفة بالمخاطر هربًا من القتال، بعضهم اضطر للسير أيامًا بلا طعام أو ماء، والقصص التي حملوها كانت مفزعة إلى حد لا يُصدق. جثث على الطرقات، أطفال يموتون من الجوع، وأمهات يتوسلن للحصول على حفنة من الدقيق أو بعض الأدوية.
الوضع يزداد سوءًا.. والوقت ينفد
رغم الجهود المستمرة، يعاني برنامج الأغذية العالمي من نقص حاد في التمويل، ما يهدد بإجباره على تقليص حجم المساعدات أو تقليص عدد المستفيدين، وهو ما قد يتسبب في وفاة عشرات الآلاف خلال الشهور المقبلة. وقال هيوز إن هناك “سباقًا مع الزمن”، خصوصًا أن موسم الأمطار على الأبواب، ما سيجعل العديد من الطرق المؤدية إلى المناطق المنكوبة غير صالحة للاستخدام، ويُعقّد من جهود إيصال الغذاء والدواء.
النداء الأخير: لا تتركوا السودان يموت!
اختتم هيوز حديثه بنداء مؤثر إلى المجتمع الدولي:
“السودان لا يحتاج إلى كلمات، بل إلى أفعال. يحتاج إلى تمويل عاجل، ووقف فوري لإطلاق النار، حتى يتمكن الناس من إعادة بناء حياتهم، وإنقاذ ما تبقى من أمل”.
إن ما يحدث اليوم في السودان ليس مجرد أزمة إنسانية، بل كارثة أخلاقية أيضاً.. فهل يتحرك العالم قبل أن يفوت الأوان؟