أقتراحات عامة

مادة شائعة جدًا في الأطعمة المعلبة وراء تزايد أمراض السرطان

تشهد الأوساط العلمية والصحية في السنوات الأخيرة جدلًا واسعًا حول العلاقة بين المواد الكيميائية المضافة إلى الأطعمة المعلبة وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان. فقد حذرت منظمات دولية معنية بالصحة العامة، مثل منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لأبحاث السرطان، من أن بعض المواد الشائعة جدًا والمستخدمة بكثرة في حفظ الأغذية المعلبة قد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض خطيرة أبرزها السرطان.

إحدى أكثر هذه المواد إثارة للقلق هي مادة البيسفينول A المعروفة اختصارًا بـ BPA، وهي مركب كيميائي يدخل في صناعة بطانة العلب المعدنية والبلاستيك الصلب. هذه المادة تمنع تفاعل الطعام مع المعدن وتحافظ على جودة المنتج لفترات طويلة، لكنها في المقابل قادرة على التسرب إلى الغذاء خاصة عند تعرض العلبة للحرارة أو التخزين لفترات طويلة.

تشير دراسات علمية منشورة في دوريات محكّمة مثل Environmental Health Perspectives وThe Lancet Oncology إلى أن مادة BPA تعمل كمُعطل للغدد الصماء، حيث تتشابه في تركيبها مع هرمون الإستروجين، ما يجعلها قادرة على التأثير على التوازن الهرموني في الجسم. هذا الاضطراب الهرموني قد يقود إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطانات مرتبطة بالهرمونات مثل سرطان الثدي وسرطان البروستاتا، بالإضافة إلى مشاكل في الخصوبة واضطرابات في النمو لدى الأطفال.

وليس BPA وحده موضع الشبهات، فهناك أيضًا النتريت والنترات التي تُستخدم كمضافات غذائية لحفظ اللحوم المعلبة والوجبات الجاهزة. عند تعرضها لدرجات حرارة عالية أو عند تفاعلها مع مكونات معينة في الجسم، يمكن أن تتحول إلى مركبات النيتروزامين التي تُعتبر من أخطر المواد المسرطنة على الإطلاق. تقرير صادر عن الوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية EFSA عام 2023 أكد وجود علاقة قوية بين الاستهلاك المفرط للأطعمة الغنية بالنتريت وبين زيادة نسب الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

إضافة إلى ذلك، تُعتبر المواد الحافظة مثل بنزوات الصوديوم والمحليات الصناعية مثل الأسبارتام من بين المركبات التي تخضع للتحقيق العلمي المستمر. فبينما تؤكد بعض الدراسات أنها آمنة ضمن الحدود المسموح بها، تشير أبحاث أخرى إلى وجود مخاطر محتملة على المدى البعيد، خصوصًا عند الاستهلاك المتكرر واليومي.

الخطير في الأمر أن هذه المواد موجودة في أطعمة يستهلكها الناس بشكل يومي مثل المشروبات الغازية، العصائر المعلبة، الخضار والفاكهة المحفوظة، وحتى بعض منتجات الألبان واللحوم المصنعة. الأمر الذي يجعل من الصعب على المستهلك العادي إدراك حجم تعرضه لهذه المواد.

ما الذي ينصح به الخبراء؟

الاعتدال في استهلاك الأطعمة المعلبة: الاعتماد أكثر على الأطعمة الطازجة والمطهية منزليًا.

القراءة الجيدة للملصقات الغذائية: تجنّب المنتجات التي تحتوي على رموز مثل E249 وE250 (المرتبطة بالنتريت).

تجنب تعريض العلب المعلبة للحرارة: فالتسخين أو التخزين غير السليم يزيد من احتمالية تسرب المواد الضارة إلى الطعام.

استخدام بدائل صحية: مثل الأغذية المحفوظة بالطرق التقليدية كالتمليح والتجفيف والتبريد الطبيعي.

وفي الوقت نفسه، تؤكد الأبحاث أن التعرّض لهذه المواد لا يعني بالضرورة الإصابة بالسرطان بشكل مباشر، لكنه يزيد من احتمالية الخطر على المدى الطويل، خصوصًا مع تراكم المواد الكيميائية في الجسم. لذلك فإن تقليل استهلاك الأطعمة المصنعة والمعلبة يُعتبر خطوة فعالة لحماية الصحة العامة والوقاية من الأمراض المزمنة.

أن التحذيرات الدولية ليست مجرد مبالغة، بل هي دعوة واضحة لمراجعة عاداتنا الغذائية، والوعي بما نتناوله يوميًا، فالوقاية تبدأ من المائدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!