في السنوات الأخيرة أصبح الناس أكثر اهتماما بما يسمى بالمشروبات الصحية التي تسوق على أنها بدائل طبيعية للمشروبات الغازية أو المصنعة، حيث يتم الترويج لها على أنها مفيدة للقلب والجهاز الهضمي وتساعد في تنظيم الوزن، بل إن الكثير من الأشخاص باتوا يتناولونها بشكل يومي دون أي وعي بمخاطرها المحتملة. غير أن تقارير علمية حديثة صادمة كشفت أن بعض هذه المشروبات التي تحمل صفة الصحي قد يكون لها آثار سلبية خطيرة على المدى البعيد، وقد تسبب أمراضا مزمنة تؤثر على حياة الإنسان وجودتها بشكل مباشر.
المشروبات الصحية المزعومة بين الفائدة والضرر
من أبرز هذه المشروبات التي يكثر استهلاكها الشاي الأخضر، العصائر الطبيعية المعلبة، مشروبات الطاقة النباتية، القهوة الخالية من الكافيين، إضافة إلى مشروبات الحليب النباتي مثل حليب الصويا واللوز. ورغم أن بعضها يحتوي على عناصر غذائية مفيدة مثل مضادات الأكسدة والفيتامينات، إلا أن الإفراط في تناولها أو الاعتماد عليها بشكل يومي دون ضوابط قد يقود إلى عواقب صحية غير متوقعة.
الدراسات العلمية تكشف المستور
دراسة أجراها باحثون في جامعة هارفارد على مدى عشر سنوات أظهرت أن الاستهلاك المفرط للشاي الأخضر المركز يؤدي إلى مشكلات في الكبد بسبب تراكم مركبات تسمى الكاتيشينات، وهي مضادات أكسدة قوية قد تصبح سامة عند زيادتها. وفي دراسة أخرى نُشرت في مجلة التغذية السريرية الأمريكية تبين أن العصائر الطبيعية المعلبة، رغم احتوائها على الفيتامينات، إلا أنها غنية جدا بالسكريات التي تعادل في تأثيرها تناول المشروبات الغازية، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالسكري من النوع الثاني والسمنة المفرطة.
أما فيما يتعلق بحليب الصويا فقد وجدت دراسات أن الإفراط في تناوله يؤدي إلى اضطراب في هرمونات الغدة الدرقية لاحتوائه على مركبات الإيزوفلافون التي تحاكي تأثير الإستروجين في الجسم، وهو ما قد يسبب مشاكل هرمونية عند النساء والرجال على حد سواء.
أمراض مزمنة مرتبطة بالاستهلاك اليومي
الخبراء يحذرون من أن هذه المشروبات رغم أنها قد تكون مفيدة بكميات معتدلة إلا أن تناولها بشكل يومي بكميات كبيرة يرفع من مخاطر الإصابة بعدة أمراض مزمنة مثل
1. أمراض الكبد الناتجة عن تراكم السموم النباتية في الجسم
2. أمراض القلب بسبب زيادة نسبة السكريات وتأثيرها على ضغط الدم ومستوى الكوليسترول
3. مرض السكري من النوع الثاني نتيجة الارتفاع المستمر في مستوى الجلوكوز في الدم
4. هشاشة العظام بسبب اعتماد البعض على مشروبات نباتية بديلة عن الحليب الطبيعي وبالتالي نقص الكالسيوم
5. مشكلات الغدة الدرقية نتيجة الإفراط في حليب الصويا أو منتجات مشابهة
وجهة نظر الأطباء وخبراء التغذية
الأطباء يشددون على أن كلمة صحي لا تعني أبدا أن المشروب يمكن تناوله بلا حدود، فحتى الماء إذا شرب بكميات هائلة يمكن أن يسبب ما يسمى بتسمم الماء. والمطلوب دائما هو الاعتدال والتنويع، بحيث يحصل الجسم على العناصر الغذائية من مصادر متنوعة دون الاعتماد على نوع واحد فقط.
الدكتور مايكل غريغر المتخصص في التغذية الوقائية أوضح في أحد مؤلفاته أن تناول كوب واحد يوميا من الشاي الأخضر أو العصائر الطبيعية الطازجة قد يكون مفيدا، لكن تجاوز ثلاثة أو أربعة أكواب يوميا يشكل عبئا على الكبد والبنكرياس والجهاز الهضمي.
البدائل الصحية الآمنة
الخبراء ينصحون بعدة بدائل يمكن الاعتماد عليها بشكل آمن وصحي مثل
شرب الماء بانتظام لأنه أفضل مشروب على الإطلاق للحفاظ على وظائف الجسم
تناول الفواكه الطازجة بدلا من العصائر المعلبة للحصول على الألياف مع الفيتامينات
شرب الأعشاب الطبيعية مثل النعناع والبابونج والزنجبيل باعتدال حيث أثبتت الدراسات أنها تساعد على تحسين الهضم وتقوية المناعة
الاكتفاء بالقهوة أو الشاي مرة أو مرتين في اليوم وعدم الاعتماد عليها كمصدر أساسي للطاقة
المشروبات التي توصف بأنها صحية ليست دائما كذلك، بل إن بعض الأنواع التي يستهلكها الملايين يوميا قد تسبب أمراضا مزمنة إذا تم الإفراط فيها أو الاعتماد عليها كليا. الاعتدال والوعي الغذائي هما الأساس، والعودة إلى المشروبات الطبيعية البسيطة مثل الماء والأعشاب الطازجة تبقى الخيار الأكثر أمانا.
