مشروب سحري يوصي به الأطباء.. يمنع الجلطات ويحافظ على القلب قويًا

في عالم الطب الحديث، لا يزال القلب يحتل مكانة الصدارة بين أكثر الأعضاء التي يحرص الأطباء على حمايتها، إذ إن أمراض القلب والأوعية الدموية تعد المسبب الأول للوفاة عالميًا وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. ومع ارتفاع معدلات التوتر، وسوء التغذية، وقلة النشاط البدني، أصبحت الحاجة إلى مشروبات وأطعمة طبيعية تدعم صحة القلب وتمنع الجلطات أمرًا ملحًا. وفي السنوات الأخيرة، لفت انتباه الأطباء مشروب طبيعي بسيط متوافر في كل منزل تقريبًا، يملك قدرة مدهشة على حماية الشرايين وتحسين الدورة الدموية وتقوية عضلة القلب بشكل آمن وطبيعي.
هذا المشروب هو الشاي الأخضر، الذي وصفته دراسات علمية عديدة بأنه أحد أقوى المشروبات التي تقي من الجلطات وتحافظ على صحة القلب. ففي دراسة أجريت في جامعة هارفارد الأمريكية، تبين أن الأشخاص الذين يتناولون كوبين إلى ثلاثة أكواب من الشاي الأخضر يوميًا تقل لديهم احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة تزيد عن 30% مقارنة بغيرهم. ويعزو العلماء هذا التأثير إلى احتواء الشاي الأخضر على مركبات البوليفينولات والكاتيكينات، وهي مضادات أكسدة قوية تعمل على حماية خلايا الأوعية الدموية من التلف والالتهاب، وتمنع تراكم الدهون الضارة على جدران الشرايين.
كما أن الشاي الأخضر يساعد على خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL في الدم، وهو أحد أهم العوامل المسببة لتصلب الشرايين. دراسة أخرى نشرتها المجلة الأوروبية للتغذية السريرية أكدت أن الاستهلاك المنتظم للشاي الأخضر يقلل من نسبة الكوليسترول الكلي والدهون الثلاثية بشكل واضح، مما يساهم في الحفاظ على مرونة الشرايين وسهولة تدفق الدم.
ولا يتوقف دور هذا المشروب السحري عند حماية الشرايين فحسب، بل يمتد إلى تقوية عضلة القلب نفسها من خلال تحسين كفاءة ضخ الدم وتنظيم ضغط الدم. فالكافيين المعتدل الموجود في الشاي الأخضر يحفز القلب بطريقة صحية دون إجهاده، كما أنه يساعد على تحسين وظيفة الأوعية الدقيقة في الجسم، وهو ما يفسر الشعور بالنشاط والراحة بعد تناوله.
وتشير أبحاث طبية حديثة من اليابان إلى أن المركبات النشطة في الشاي الأخضر، مثل الإبيغالوكاتيشين غاليت (EGCG)، تساعد على منع تجلط الدم عن طريق إبطاء عملية التصاق الصفائح الدموية ببعضها البعض، وهي خطوة أساسية في تكون الجلطات. هذه الخاصية جعلت بعض الأطباء يشبهون تأثيره بعمل الأسبرين الطبيعي ولكن دون آثار جانبية تذكر.
وللاستفادة القصوى من فوائده، يُنصح بتناول الشاي الأخضر بدون سكر، لأن السكر الزائد يمكن أن يعاكس تأثيره الوقائي. كما يُفضل تحضيره بطريقة صحيحة عبر نقع الأوراق في ماء ساخن بدرجة لا تتجاوز 80 مئوية لمدة دقيقتين إلى ثلاث دقائق، إذ إن غلي الماء بشدة قد يقلل من فعالية مضادات الأكسدة الحساسة للحرارة.
ومن الجدير بالذكر أن الشاي الأخضر لا يعمل بمعزل عن نمط الحياة الصحي، بل يُكمل دوره إذا ترافق مع نظام غذائي متوازن غني بالخضروات والفواكه، وتقليل تناول الدهون المشبعة، وممارسة النشاط البدني بانتظام. فالقلب يحتاج إلى مزيج من العادات الجيدة ليبقى قويًا ومرنًا حتى مع تقدم العمر.
إلى جانب فوائده للقلب، اكتشفت الأبحاث أن الشاي الأخضر يساعد على تحسين وظائف الدماغ وتقليل الالتهابات المزمنة التي قد تؤدي إلى أمراض مثل الزهايمر والسكري، ما يجعله مشروبًا وقائيًا متعدد الفوائد. كما أنه يعزز مناعة الجسم بفضل خصائصه المضادة للبكتيريا والفيروسات، ويعمل على تحسين عملية التمثيل الغذائي مما يساهم في الحفاظ على وزن صحي.
وقد لاحظ الباحثون في دراسات سكانية واسعة أن شعوب شرق آسيا التي تستهلك الشاي الأخضر يوميًا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، تتمتع بمعدلات أقل من أمراض القلب والجلطات، إلى جانب معدلات عمر أطول وجودة حياة أفضل. وهذا ما دفع الأطباء في الغرب إلى التوصية بإدخاله ضمن النظام الغذائي اليومي كوسيلة طبيعية لتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.
ورغم كل هذه الفوائد، إلا أن الأطباء ينصحون بالاعتدال في تناوله، حيث إن الإفراط في شربه قد يؤدي إلى نقص امتصاص الحديد لدى بعض الأشخاص أو اضطرابات بسيطة في النوم بسبب محتواه من الكافيين. لذلك، فإن الكمية المثالية هي من كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميًا بعد الوجبات وليس على معدة فارغة.
يمكن القول إن الشاي الأخضر هو بالفعل مشروب سحري طبيعي يستحق مكانه في قائمة العادات اليومية لكل من يرغب في حماية قلبه والحفاظ على صحته العامة. فوائده مدعومة بالأدلة العلمية، وأثره الوقائي يمتد ليشمل الجسم بأكمله. وبينما يسعى الطب الحديث إلى تطوير أدوية جديدة للوقاية من أمراض القلب، يبقى الحل الأبسط والأكثر أمانًا في متناول اليد، في كوب من مشروب طبيعي يجمع بين العلم والحكمة القديمة.