أقتراحات عامة

ضربت الأرض بقوة غير مسبوقة في 2025: أقوى عاصفة شمسية خلال الدورة الشمسية الحالية تُربك التكنولوجيا وتضيء السماء!

في مشهد كوني مثير قلّ أن يتكرر، أطلقت الشمس صباح يوم الثلاثاء 14 مايو/أيار 2025 انفجارًا هائلًا من الطاقة، فيما يُعدّ أقوى توهّج شمسي لهذا العام. وقد رصدت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية (NOAA) هذا الحدث غير العادي، مؤكدة أن التوهج من الفئة X2.7 – وهي الفئة الأعلى من حيث القوة – بلغ ذروته عند الساعة 08:25 صباحًا بتوقيت غرينتش، ليفتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات حول تأثيراته على الأرض، وحجم المخاطر المحتملة.

هذا التوهّج لم يكن عاديًا، بل يُعتبر الأقوى حتى الآن ضمن الدورة الشمسية الحالية التي يُنتظر أن تبلغ ذروتها في 2025. وكان مصدر الانفجار هو البقعة الشمسية النشطة AR4087، التي رُصدت وهي تطلق طاقة هائلة اختزلت ملايين السنين من النشاط المغناطيسي في لحظات مدمّرة من الإشعاع الكوني.

ما هو التوهج الشمسي؟ انفجار كوني يهدد التكنولوجيا الأرضية

التوهج الشمسي هو انفجار هائل للطاقة يحدث في الغلاف الجوي للشمس، نتيجة تراكُم الحقول المغناطيسية فوق مناطق محددة تُعرف بالبقع الشمسية. هذه البقع، التي تظهر داكنة في صور التلسكوبات بسبب انخفاض طفيف في درجة حرارتها، هي بمثابة قنابل موقوتة في قلب الشمس، تنتظر لحظة الانفجار لتطلق طوفانًا من الأشعة عالية الطاقة.

حين يقع التوهج، يتم إطلاق إشعاعات كهرومغناطيسية شديدة تشمل الأشعة السينية، الأشعة فوق البنفسجية، أشعة غاما، وموجات راديوية، وكلها تنطلق بسرعة الضوء نحو الفضاء، لتصل إلى الأرض في غضون دقائق. وإذا كانت الأرض في خط الاستهداف المباشر، فإن آثارًا فورية يمكن أن تحدث على الطبقات العليا من الغلاف الجوي، مثل طبقة الأيونوسفير، التي تلعب دورًا أساسيًا في نقل الموجات الراديوية.

ما الذي حدث على الأرض؟ انقطاعات وخسائر… وأضواء خلّابة في السماء!

رغم أن الغلاف الجوي للأرض يعمل كدرع طبيعي يمتص أغلب هذه الإشعاعات، فإن التوهجات من فئة X تكون قوية بما يكفي لإحداث اضطرابات ملموسة. وفي هذا الحدث الأخير، سُجّلت انقطاعات مؤقتة في الاتصالات اللاسلكية عالية التردد في الجانب النهاري من الأرض، خاصة في أوروبا، آسيا، والشرق الأوسط. وقد تأثّرت خدمات الطيران المدني، الاتصالات البحرية، وبعض أنظمة الملاحة الجوية، وسط تحذيرات متزامنة من هيئات الطيران العالمية.

لكن الأمر لم يكن سلبيًا بالكامل. فقد شهدت مناطق واسعة من الدول الشمالية، وكذلك بعض المناطق غير المعتادة، ظاهرة مذهلة: الشفق القطبي. ظهرت الأضواء الراقصة باللون الأخضر والبنفسجي في السماء، حتى في مناطق لم تكن ترى هذه الظاهرة عادة، مثل الولايات الشمالية من الولايات المتحدة، وشمال أوروبا، مخلّفة مشاهد بصرية أدهشت الملايين، وأعادت الاهتمام الشعبي بظواهر الفضاء.

هل يُشكّل هذا التوهج خطرًا على الإنسان؟ العلم يطمئن… ولكن!

رغم ضخامة الحدث، يؤكد العلماء أن التأثير المباشر للتوهجات الشمسية على صحة الإنسان على سطح الأرض يُعد شبه منعدم، وذلك بفضل طبقات الحماية التي تحيط بالكوكب. لكن هذا لا ينطبق على كل البشر. فالرواد في محطة الفضاء الدولية، والطيارون الذين يحلقون في رحلات عبر القطبين، هم أكثر عرضة لتلقي جرعات أعلى من الإشعاع، مما يتطلب اتخاذ تدابير احترازية تشمل تعديل المسارات الجوية وتحديد أوقات التحليق.

أما على الصعيد الطبي، فبعض الدراسات أشارت إلى احتمال وجود تأثيرات خفيفة للعواصف الشمسية على الساعة البيولوجية للإنسان، أو على بعض الحالات النفسية والعصبية، لكن الأدلة لا تزال غير كافية لحسم هذا النقاش علميًا.

هل يمكن أن تؤثر هذه التوهجات على الطقس أو المناخ؟

رغم شيوع الفكرة في الثقافة العامة، إلا أن التوهجات الشمسية لا تسبب تغيرات مباشرة في الطقس اليومي، مثل هطول الأمطار أو تغير درجات الحرارة. إلا أن العلماء يواصلون دراسة العلاقة بين النشاط الشمسي والمناخ على المدى الطويل. بعض النظريات تربط بين فترات النشاط الشمسي المنخفض وبين موجات التبريد التاريخية التي مر بها الكوكب، مثل “العصر الجليدي الصغير” في أوروبا، لكن العلاقة ما زالت محل نقاش.

اليوم، يُعدّ التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري، من احتراق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات، العامل الرئيسي في تطرف الأحوال الجوية على الكوكب، بينما تبقى التأثيرات الشمسية في خلفية المشهد، رغم أهميتها في الدراسة العلمية.

طقس الفضاء: علم جديد لحماية التكنولوجيا من غضب الشمس

مع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا، أصبح فهم تأثيرات الشمس على الأرض ضرورة علمية واقتصادية. إن التوهجات الشمسية القوية قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بالأقمار الصناعية، شبكات الكهرباء، أنظمة الاتصالات، وحتى الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS). لهذا السبب، أنشأت وكالات الفضاء مثل ناسا ومراكز الأرصاد الفضائية برامج لمراقبة “طقس الفضاء”، حيث يتم متابعة الشمس لحظة بلحظة، وإصدار تحذيرات فورية عند وقوع انفجارات أو انبعاثات تاجية ضخمة.

وبالفعل، تسارع شركات التكنولوجيا والطيران والاتصالات إلى تحديث أنظمتها لتكون أكثر مقاومة لهذه الظواهر، مع بناء شبكات بديلة وخطط طوارئ للحفاظ على استمرار الخدمات في حال وقوع أحداث مشابهة.

نهاية مفتوحة: هل القادم أعظم؟

ما حدث في 14 مايو 2025 قد لا يكون النهاية، بل مجرد بداية لذروة الدورة الشمسية 25، التي يُتوقع أن تستمر حتى عام 2030. ومع ازدياد عدد البقع الشمسية النشطة يومًا بعد يوم، يحذّر الخبراء من احتمال وقوع توهجات أقوى خلال الشهور المقبلة. فهل نحن مستعدون لمواجهة عاصفة شمسية بحجم تلك التي ضربت الأرض في عام 1859 (الحدث المعروف باسم كارينغتون)؟ وهل التكنولوجيا الحالية قادرة على الصمود؟

العلماء يراقبون… والشمس لا تنام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!