فاكهة تُنقي الشرايين وتقوي القلب وتمنع السرطان بفاعلية مذهلة

في تطور علمي جديد أثار اهتمام الأطباء والباحثين في أنحاء العالم، كشفت دراسات حديثة أن فاكهة بسيطة ومتوفره في معظم المنازل تمتلك قدرة مذهلة على حماية القلب وتنقية الشرايين ومنع تراكم الدهون، بل وتمتد فوائدها لتشمل الوقاية من بعض أنواع السرطان بفضل احتوائها على مجموعة نادرة من المركبات الحيوية المضادة للأكسدة. هذه الفاكهة التي لم تحظَ سابقًا بالاهتمام الكافي أصبحت اليوم محور أبحاث واسعة تؤكد أن تناولها بانتظام قد يكون أحد أسرار طول العمر وصحة القلب.
الفاكهة المقصودة هنا هي الرمان، الذي يُعرف منذ آلاف السنين بفوائده الطبية والغذائية العظيمة، لكن العلم الحديث استطاع أن يكشف تفاصيل دقيقة عن تأثيره المذهل على القلب والجهاز الدوري. فقد أوضحت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا أن عصير الرمان قادر على تقليل تراكم اللويحات الدهنية داخل الشرايين بنسبة وصلت إلى أكثر من 30% خلال عام واحد فقط من الاستهلاك المنتظم، مما يساعد على الوقاية من تصلب الشرايين أحد الأسباب الرئيسية للنوبات القلبية والجلطات الدماغية.
ويعزو الباحثون هذه النتائج إلى احتواء الرمان على مجموعة قوية من البوليفينولات ومضادات الأكسدة مثل البونيكالاجين وحمض الإيلاجيك، وهي مركبات قادرة على محاربة الجذور الحرة التي تسبب تلف الخلايا وتسريع الشيخوخة الداخلية للأعضاء الحيوية. كما أن هذه المركبات تحفز إنتاج أكسيد النيتريك في الجسم، وهو عنصر يساعد على توسيع الأوعية الدموية وتحسين تدفق الدم، مما يقلل من ضغط الدم ويحسن من كفاءة عضلة القلب.
ولم تتوقف الفوائد عند هذا الحد، فبحسب دراسة نُشرت في مجلة Nutrition and Cancer تبين أن مستخلص الرمان يمكن أن يبطئ نمو الخلايا السرطانية في سرطان البروستاتا والثدي والقولون، وذلك عبر تثبيط نشاط الإنزيمات التي تغذي الأورام وتقوي مقاومتها للعلاج. ويشير الباحثون إلى أن تناول كوب من عصير الرمان يوميًا أو نصف ثمرة متوسطة الحجم يمد الجسم بجرعة عالية من مضادات الأكسدة تعادل ثلاث مرات ما يوجد في الشاي الأخضر أو النبيذ الأحمر.
ومن المثير أن الرمان لا يعمل فقط كمنظف للشرايين بل يسهم كذلك في خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL ورفع الكوليسترول الجيد HDL، ما يخلق توازنًا صحيًا في النظام القلبي الوعائي. كما أن احتواءه على البوتاسيوم والمغنيسيوم يساعد على تنظيم ضربات القلب ومنع اضطرابات النبض، بينما يسهم في ترطيب الجسم ودعم وظائف الخلايا العصبية والعضلية.
أما في مجال الوقاية من السرطان، فقد أظهرت دراسات مخبرية أن المركبات الفينولية في الرمان تعيق انقسام الخلايا السرطانية وتمنع انتشارها إلى الأنسجة المجاورة، وتزيد من قدرة الجسم على تدمير الخلايا المتحولة ذاتيًا. كما أن الرمان يحتوي على مواد تعمل كمعدلات هرمونية طبيعية تقلل من خطر تطور الأورام الحساسة للهرمونات، مثل سرطان الثدي عند النساء وسرطان البروستاتا عند الرجال.
ولتعزيز الاستفادة القصوى من هذه الفاكهة، ينصح الخبراء بتناول الرمان طازجًا أو على شكل عصير طبيعي غير محلى، لأن السكر الزائد قد يقلل من فعالية مضادات الأكسدة. كما يُفضل شرب العصير في الصباح أو بعد الوجبات الغنية بالدهون ليساعد في تسريع عملية الأيض وتفكيك الدهون داخل الأوعية الدموية.
إضافة إلى فوائده على القلب والسرطان، يساهم الرمان في دعم صحة الجلد والمخ والجهاز المناعي. إذ يحتوي على فيتامين C الضروري لتكوين الكولاجين، ما يجعله أحد أفضل الأطعمة لمكافحة التجاعيد والحفاظ على مرونة البشرة. كما أن الأبحاث الحديثة أوضحت أن الرمان يحسن الذاكرة ويقلل من الالتهابات العصبية بفضل مركباته المضادة للالتهاب، الأمر الذي يجعله مفيدًا للوقاية من أمراض الشيخوخة مثل الزهايمر.
ويؤكد الأطباء أن سر قوة الرمان يكمن في تناوله المنتظم وليس الكميات الكبيرة المفاجئة، فالتأثير التراكمي لمضادات الأكسدة على مدى أسابيع أو أشهر هو ما يمنح الجسم حماية حقيقية من الأكسدة والتلف الخلوي. لذلك يوصى بإدخاله ضمن النظام الغذائي اليومي سواء على شكل عصير، أو بإضافة حبوبه إلى السلطات أو الزبادي أو العصائر الطبيعية الأخرى.
العلماء الذين قادوا هذه الدراسات وصفوا نتائجهم بأنها نقطة تحول في فهم العلاقة بين الغذاء والوقاية من الأمراض القلبية والسرطانية، مؤكدين أن الطبيعة ما زالت تخفي بين ثمارها علاجًا وقائيًا يفوق قوة الأدوية في بعض الحالات. ومع تزايد الاهتمام بالعلاجات الطبيعية، أصبح الرمان رمزًا لما يسمى بالغذاء الدوائي، أي الأطعمة التي تُغذي وتُعالج في الوقت نفسه.
في النهاية يمكن القول إن الرمان ليس مجرد فاكهة حمراء جميلة المظهر، بل هو درع طبيعي ضد أخطر أمراض العصر. فكل حبة صغيرة فيه تحتوي على قوة غذائية وعلاجية استثنائية تجمع بين تنقية الشرايين، تقوية القلب، وتنشيط المناعة، والوقاية من السرطان. لذا فإن إدراجه ضمن الروتين الغذائي اليومي قد يكون من أذكى القرارات التي يمكن للإنسان اتخاذها للحفاظ على صحته وعمره الحيوي.