“العلم يثبتها أخيرًا” فاكهة موسمية تنظف الكبد… وتمنع تراكم الدهون تمامًا

في عالم الطب الحديث، لا يزال العلماء يكتشفون يومًا بعد يوم أسرارًا جديدة في مكونات الطبيعة التي لطالما كانت بين أيدينا ولم ندرك قيمتها الحقيقية. واحدة من أكثر الاكتشافات العلمية إثارة في السنوات الأخيرة تتعلق بفاكهة موسمية شهيرة ومحبوبة أثبتت الأبحاث أنها تلعب دورًا فعالًا في تنظيف الكبد ومنع تراكم الدهون فيه بشكل طبيعي وآمن، وهو ما يجعلها من أقوى الأسلحة الغذائية ضد أمراض الكبد الدهني، ذلك المرض الذي بات يصيب الملايين حول العالم بسبب العادات الغذائية الخاطئة وقلة النشاط البدني.
هذه الفاكهة ليست نادرة ولا باهظة الثمن، بل متوفرة في أغلب الأسواق العربية خلال موسمها، وهي فاكهة الجريب فروت. فبحسب دراسات علمية أجريت في عدة جامعات حول العالم، فإن الجريب فروت يحتوي على مجموعة مميزة من المركبات الطبيعية القادرة على دعم الكبد وتعزيز وظائفه الحيوية. من أبرز هذه المركبات النارينجينين والنارينجينينين، وهما نوعان من الفلافونويدات التي تعمل على حماية خلايا الكبد من الأكسدة وتنشيط الإنزيمات المسؤولة عن تكسير الدهون الضارة.
في دراسة نشرت في مجلة European Journal of Nutrition عام 2021، وجد الباحثون أن تناول عصير الجريب فروت بشكل منتظم يساعد على تقليل تراكم الدهون في الكبد بنسبة تصل إلى 35% لدى الأشخاص الذين يعانون من الكبد الدهني غير الكحولي. كما أظهرت الدراسة أن الفاكهة تعمل على تحسين حساسية الجسم للأنسولين، ما يعني أنها تساعد أيضًا في الوقاية من السكري من النوع الثاني، وهو أحد الأسباب الرئيسية لاضطراب وظائف الكبد.
وتكمن أهمية الجريب فروت في أنه لا يكتفي فقط بمنع تراكم الدهون، بل يعمل أيضًا على تحفيز عملية إزالة السموم من الجسم. فالكبد هو العضو الأساسي المسؤول عن تنقية الدم من المواد الضارة، وتناول هذه الفاكهة الغنية بمضادات الأكسدة والفيتامينات، خصوصًا فيتامين ج، يمنحه دعمًا قويًا في أداء هذه الوظيفة. كما أن وجود مركبات مثل حمض الستريك والبيتا كاروتين يعزز قدرة الكبد على تجديد خلاياه وتقليل الالتهابات الناتجة عن الإجهاد التأكسدي.
الباحثون في جامعة كاليفورنيا أشاروا في تقرير عام 2023 إلى أن الجريب فروت يساهم في تقليل مستويات الكوليسترول السيئ LDL ورفع الكوليسترول الجيد HDL، مما ينعكس إيجابًا على صحة الكبد والقلب معًا. وفي تجربة أجريت على مجموعة من المتطوعين تناولوا نصف ثمرة من الجريب فروت يوميًا لمدة ثلاثة أسابيع، لوحظ تحسن في مؤشرات وظائف الكبد وانخفاض في مستويات إنزيمات الكبد المرتفعة، وهو ما يدل على تحسن حقيقي في صحة هذا العضو الحيوي.
أما من الناحية الغذائية، فإن الجريب فروت يحتوي على نسبة عالية من الألياف القابلة للذوبان التي تساعد على تحسين الهضم وتقليل امتصاص الدهون من الأمعاء، كما تعمل هذه الألياف على تنظيم مستوى السكر في الدم، ما يقلل العبء الواقع على الكبد في التعامل مع الدهون الزائدة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجريب فروت منخفض في السعرات الحرارية، ما يجعله خيارًا مثاليًا في الأنظمة الغذائية الهادفة إلى إنقاص الوزن والحفاظ على الجسم خاليًا من السموم.
ومن المثير للاهتمام أن هناك دراسات حديثة بدأت تشير إلى أن الجريب فروت يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الميكروبيوم المعوي، وهو مجتمع البكتيريا النافعة التي تعيش في الجهاز الهضمي، حيث يساعد في تعزيز نمو الأنواع المفيدة التي تدعم عمليات الهضم وتنقية الكبد. هذا الترابط بين صحة الأمعاء وصحة الكبد أصبح محورًا رئيسيًا في أبحاث الطب الوظيفي خلال العقد الأخير.
لكن رغم كل هذه الفوائد، يحذر الخبراء من تناول الجريب فروت بكميات مفرطة في بعض الحالات الخاصة، خصوصًا عند الأشخاص الذين يستخدمون أدوية معينة مثل أدوية ضغط الدم أو الكوليسترول، لأن مكونات الجريب فروت قد تتداخل مع امتصاص هذه الأدوية في الكبد. لذلك ينصح دائمًا باستشارة الطبيب قبل دمج الجريب فروت بشكل منتظم في النظام الغذائي إذا كان الشخص يتناول أدوية مزمنة.
طريقة تناول الجريب فروت للحصول على فوائده القصوى بسيطة وسهلة. يمكن تناول نصف ثمرة صباحًا على معدة فارغة أو بعد الوجبات، أو شرب عصيره الطبيعي دون إضافة السكر. كما يمكن إضافته إلى السلطات أو العصائر الخضراء لتعزيز مفعوله التطهيري. ويُفضل دائمًا تناول الفاكهة كاملة بدلًا من العصير وحده، لأن الألياف الموجودة في اللب تلعب دورًا أساسيًا في تحسين امتصاص المغذيات وتنظيم السكر.
ويؤكد خبراء التغذية أن إدخال الجريب فروت ضمن نظام غذائي متوازن غني بالخضروات والفواكه والماء، مع التقليل من الدهون المشبعة والمقليات، يمكن أن يحدث تحولًا جذريًا في صحة الكبد خلال فترة قصيرة لا تتجاوز بضعة أسابيع. فالكبد عضو يمتلك قدرة مذهلة على التجدد الذاتي، وكل ما يحتاجه هو بيئة غذائية نظيفة تدعمه.
أن الجريب فروت ليس مجرد فاكهة لذيذة الطعم، بل هو درع طبيعي قوي لتنقية الكبد ومنع تراكم الدهون والسموم فيه، وقد أثبتت الأبحاث أن هذه الفاكهة الموسمية البسيطة قادرة على تحقيق ما تعجز عنه بعض الأدوية الصناعية من دون أي آثار جانبية. إنه دليل آخر على أن أسرار الشفاء لا تزال كامنة في الطبيعة التي خلقها الله لتكون مصدر العافية الأولى للإنسان.




