لم يعد ارتفاع فواتير الكهرباء مجرّد مشكلة عابرة، بل أصبح كابوسًا يلاحق الأسر شهريًا، خصوصًا مع ازدياد الطلب على الطاقة في ظل موجات الحر الشديدة واعتماد الناس بشكل أكبر على الأجهزة الكهربائية. وبينما يظن البعض أن الحل الوحيد هو تقليل الاستخدام أو التضحية بالراحة، تؤكد تجارب حديثة أن هناك طريقة بسيطة وذكية يمكنها أن تقلل الاستهلاك إلى النصف دون أي معاناة تُذكر.
أزمة عالمية.. وفاتورة منزلية مرهقة
تشير بيانات الوكالة الدولية للطاقة إلى أن أسعار الكهرباء ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية بما يتراوح بين 20 – 40% في معظم دول العالم. وفي الدول النامية تحديدًا، أصبح دفع فاتورة الكهرباء يستنزف جزءًا كبيرًا من دخل الأسر متوسطة الدخل.
ولأن الحلول الحكومية مثل دعم الطاقة أو حملات الترشيد ليست كافية، يتجه المستهلكون إلى البحث عن وسائل عملية داخل منازلهم تساعدهم على خفض الاستهلاك فعليًا.
الطريقة البسيطة: فصل الأجهزة من “الاستهلاك الصامت”
ما لا يعرفه كثيرون أن حوالي 25 – 30% من استهلاك الكهرباء المنزلي يأتي مما يُعرف بـ”الاستهلاك الصامت” أو وضع الاستعداد (Standby Mode)، أي أن الأجهزة تظل تسحب كهرباء حتى وهي مغلقة ظاهريًا، مثل التلفاز، الميكروويف، أجهزة الشحن، أجهزة الكمبيوتر، وحتى المكيفات.
الحل الذي يطرحه الخبراء هو الاعتماد على:
المقابس الذكية (Smart Plugs) أو أجهزة تنظيم الطاقة (Power Strips)، التي تسمح بفصل التيار نهائيًا عن الأجهزة غير المستخدمة.
جدولة أوقات تشغيل الأجهزة، بحيث تُغلق تلقائيًا في ساعات الليل أو أثناء غياب أصحاب المنزل.
مراقبة استهلاك كل جهاز على حدة عبر تطبيق الهاتف، لمعرفة أي الأجهزة يستهلك أكثر.
دراسات وأرقام
دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا عام 2021 وجدت أن استخدام المقابس الذكية ساعد الأسر على تقليل استهلاك الكهرباء بنسبة تتراوح بين 35% و55%.
وفي تجربة عملية في إحدى المدن الأوروبية، تمكنت 200 أسرة من خفض فواتيرها بمعدل وسطي بلغ 45% خلال ستة أشهر فقط من تطبيق هذه التقنية.
خطوات تطبيق الفكرة في البيت
1. شراء مقابس ذكية (متوفرة بأسعار تبدأ من 10 – 15 دولارًا).
2. توصيل الأجهزة الأكثر استهلاكًا بها: المكيفات، التلفاز، السخان الكهربائي، الشواحن.
3. برمجة أوقات التشغيل والفصل حسب الحاجة.
4. متابعة تقارير الاستهلاك عبر التطبيق، وتحديد مصادر الهدر.
تجارب حقيقية
يقول أحمد السيد (40 عامًا)، موظف حكومي:
“كانت فاتورتي تصل أحيانًا إلى 1200 جنيه في الصيف. بعد تركيب المقابس الذكية وتنظيم تشغيل المكيف، انخفضت إلى حوالي 600 جنيه فقط.”
وتوضح منى عبد الرحمن، ربة منزل:
“الميزة أنني لا أشعر بأي فرق في حياتي اليومية. كل الأجهزة تعمل كما اعتدت، لكن الفاتورة أصبحت أقل بكثير.”
رأي الخبراء
المهندس وليد كمال، خبير كفاءة الطاقة، يشرح:
“الطاقة المهدورة في وضع الاستعداد تمثل نزيفًا صامتًا للمال. مجرد فصل الأجهزة أو استخدام المقابس الذكية يمكن أن يخفض الفواتير إلى النصف تقريبًا. كما أن هذه الخطوة تحمي الأجهزة من تقلبات الكهرباء المفاجئة.”
ويضيف: “إلى جانب ذلك، لا بد من استخدام المصابيح الموفرة (LED)، وضبط المكيف على درجة 24 مئوية، وصيانة الأجهزة بانتظام لتعمل بكفاءة أعلى.”
ثقافة جديدة في استهلاك الطاقة
لم يعد ترشيد الكهرباء يعني العيش في الظلام أو الاستغناء عن الأجهزة الأساسية. الحل أصبح أبسط بكثير: إدارة ذكية للاستهلاك.
ومع تزايد إقبال الأسر على هذه التقنية، يبدو أن شعار “انتهى زمن الفواتير المرتفعة” لم يعد مجرد أمنية، بل أصبح حقيقة يمكن تحقيقها بخطوات صغيرة وواعية.
