ثمار تنظف الشرايين وتُخفض ضغط الدم المرتفع وتقي من الجلطات… دراسات ألمانية تؤكد فعاليته

في عالم يموج بالأمراض المزمنة وخاصة أمراض القلب والشرايين، يبحث الكثيرون عن حلول طبيعية تقدم الفعالية مع تجنب الآثار الجانبية للأدوية الكيميائية. ومن بين كنوز الطبيعة التي ظلت تقدم نفسها لقرون من أجل صحة القلب، تبرز شجرة الزعرور (Hawthorn)، تلك الشجرة الشائكة التي تحمل في ثمارها الصغيرة وأزهارها وأوراقها سرًا من أسرار صحة القلب والدورة الدموية. لُقبت هذه العشبة عبر العصور بـ”عشبة القلب”، وهو لقب لم تأتِ به المعتقدات الشعبية فحسب، بل أثبتته الأبحاث العلمية الحديثة، لا سيما في ألمانيا حيث يُعتبر من أكثر العلاجات العشبية شيوعًا وموثوقية لأمراض القلب. هذا المقال سينقلك في رحلة للتعرف على هذا الكنز الطبيعي، وكيف يمكنه أن ينظف شرايينك، ويخفض ضغطك، ويحميك من الجلطات، مدعومًا بشهادات التاريخ ودراسات العلم.
التعرف على نبات الزعرور
الزعرور هو نبات شجري شائك معمر، ينتمي إلى الفصيلة الوردية، وهو نفس عائلة الورد والتفاح والمشمش. تتميز هذه الشجرة بأوراقها الخضراء التي تتساقط في الخريف، وأزهارها البيضاء العطرية الجميلة التي تتحول لاحقًا إلى ثمار صغيرة كروية يتراوح لونها من الأصفر إلى الأحمر الداكن وحتى الأسود حسب النوع. لا تُعد هذه الثمار جميلة المنظر فحسب، بل هي صالحة للأكل، ذات طعم حلو ولاذع قليلاً، وتستخدم في صنع المربيات والحلويات والعصائر.
لكن القيمة الحقيقية للزعرور لا تكمن في منظره أو طعمه، بل في كنوزه الكيميائية الداخلية. فالجزء المستخدم طبياً يشمل الأوراق، والأزهار، والثمار. تحتوي هذه الأجزاء على مجموعة رائعة من المركبات النشطة بيولوجيًا، أبرزها:
· الفلافونويدات الحيوية (مثل الروتين والكويرستين): وهي مضادات أكسدة قوية تحمي الخلايا من التلف.
· البروانثوسيانيدينات الأوليغوميرية: مركبات تعمل على استرخاء وتوسيع الأوعية الدموية، وهي من أهم المركبات فعالية في تعزيز صحة القلب.
· حمض العفص (Tannins).
· الكومارينات.
· عدد من الفيتامينات والمعادن مثل فيتامين ج، وفيتامينات ب، والكالسيوم، والحديد.
الزعرور وقلبك.. علاقة متجذرة في التاريخ والعلوم
الشهادات التاريخية العابرة للثقافات
العلاقة بين الزعرور وصحة القلب ليست اكتشافًا حديثًا. فقد عرفته الحضارات القديمة، حيث كان رمزًا للأمل والسعادة والخصوبة في العصور الوسطى في أوروبا. في الطب الصيني التقليدي، كان الزعرور دواءً أساسيًا لمشاكل الجهاز الهضمي والقلب منذ عام 659 ميلاديًا على الأقل. كما استخدمه الرواد الأمريكيون والأطباء في القرن التاسع عشر لعلاج آلام الصدر (الذبحة الصدرية) وقصور القلب الاحتقاني. هذه الشهادات التاريخية المتفرقة جغرافيًا تشير إلى فائدة عالمية لهذا النبات.
التأييد العلمي الحديث: الدور الألماني البارز
في عصر الطب القائم على الأدلة، جاءت الأبحاث لتؤكد ما عرفه الأقدمون. وقد كانت ألمانيا في طليعة الدول التي درست واعترفت بفوائد الزعرور، حيث وافقت لجنة E الألمانية – وهي هيئة علمية مستقلة مشابهة لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) – على استخدام مستخلص الزعرور لعلاج قصور القلب. ويوجد هناك حوالي 30 دواءً مسجلاً يدخل الزعرور في تركيبها لعلاج أمراض القلب. ويذكر الدكتور رودولف فيرينز ويس، عالم الأعشاب الألماني، أن هذا العشب أصبح “أحد أدوية القلب الأكثر شعبية في ألمانيا” نظرًا لفعاليته وسلامته.
الفوائد القلبية الوعائية للزعرور: آلية العمل والنتائج المذهلة
كيف يحمي الزعرور قلبك ويقوي أوعيتك الدموية؟ الإجابة تكمن في مجموعة من الآليات المتناغمة التي تعمل معًا بتناسق رائع:
1. تنظيف الشرايين والوقاية من تصلبها والجلطات
· خفض الكوليسترول والدهون الثلاثية: أظهرت الدراسات أن مستخلص الزعرور يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الكلي، والكوليسترول الضار (LDL)، والدهون الثلاثية، مع رفع مستوى الكوليسترول النافع (HDL) في بعض الدراسات. يتحقق ذلك جزئيًا بفضل محتواه من البكتين، وهو نوع من الألياف يشارك في استقلاب الكوليسترول.
· مضاد قوي للأكسدة: تحمي الفلافونويدات جدران الأوعية الدموية من ضرر الجذور الحرة، مما يبطئ عملية تصلب الشرايين (تراكم اللويحات) ويحافظ على مرونة الشرايين.
· الوقاية من الجلطات: بتقليل تراكم اللويحات الدهنية ومنع تصلب الشرايين، يساهم الزعرور في تقليل خطر انسداد الأوعية الدموية الذي يؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
2. خفض ضغط الدم المرتفع.. بتوازن طبيعي
في الطب الصيني التقليدي، يعد الزعرور أحد أكثر الأطعمة الموصى بها لعلاج ارتفاع ضغط الدم. تعمل مركبات الزعرور، وخاصة البروانثوسيانيدينات، على إرخاء وتوسيع الأوعية الدموية (موسع وعائي)، مما يقلل من مقاومة جدران الشرايين لتدفق الدم، وبالتالي ينخفض ضغط الدم. والأكثر إثارة أن بعض الخبراء يشيرون إلى أن الزعرور لا يخفض الضغط المرتفع فحسب، بل قد يساعد في رفع الضغط المنخفض، أي أنه ينظم ضغط الدم ويعيده إلى حالته الطبيعية المتوازنة، مما يميزه عن العديد من الأدوية التقليدية.
3. علاج قصور القلب وتحسين كفاءته.. المنشط الطبيعي
قصور القلب هو حالة لا يستطيع فيها القلب ضخ الدم بشكل كافٍ لتلبية احتياجات الجسم. هنا يبرز دور الزعرور كمنشط طبيعي للقلب. تشير العديد من الدراسات إلى أن الزعرور:
· يزيد من قوة انقباضات عضلة القلب، مما يحسن من كمية الدم التي يضخها القلب إلى الجسم.
· يوسع الشرايين التاجية (التي تغذي القلب نفسه)، مما يزيد تدفق الدم والأكسجين إلى عضلة القلب.
· يقلل الأعراض المصاحبة لقصور القلب مثل ضيق التنفس، والتعب، واللهاث بعد بذل مجهود خفيف.
وجدت إحدى الدراسات التي شملت 120 شخصًا مصابًا بقصور القلب الاحتقاني أن المرضى الذين تناولوا صبغة الزعرور أظهروا تحسنًا واضحًا في وظيفة القلب وأعراضهم مقارنة بمن تناولوا دواءً وهميًا.
4. تنظيم نظم القلب وعلاج الخفقان
يمكن للزعرور أن يساعد في تثبيت إيقاع القلب وتخفيف الخفقان (الإحساس بدقات القلب السريعة أو غير المنتظمة). يعود ذلك إلى تأثيره المهدئ والمستقر على النظام الكهربائي للقلب، مما يجعله مفيدًا في حالات عدم انتظام ضربات القلب البسيطة.
فوائد صحية إضافية لا تقل أهمية
رغم أن الشهرة الأكبر للزعرور هي في مجال القلب، إلا أن فوائده تمتد إلى أجهزة وأعضاء أخرى في الجسم:
· تهدئة الأعصاب وتقليل القلق: أظهرت بعض الدراسات فاعلية الزعرور في تقليل أعراض القلق والتوتر، خاصة عند تناوله مع المغنيسيوم ونباتات مهدئة أخرى. حيث يعمل على تهدئة الجهاز العصبي المركزي.
· تعزيز عملية الهضم: استخدم الزعرور لقرون لعلاج مشاكل الجهاز الهضمي مثل عسر الهضم، وآلام المعدة، والإسهال. كما أن محتواه من الألياف يساعد على تنظيم حركة الأمعاء.
· مدر طبيعي للبول ودعم صحة الكلى: يعمل الزعرور على إدرار البول، مما يساعد في تطهير الكلى وتقليل تراكم السوائل في الجسم، وهو أمر مفيد أيضًا في حالات قصور القلب.
· مضاد للالتهابات والميكروبات: تمتلك مركبات الزعرور خصائص مضادة للالتهابات والبكتيريا والفطريات، مما يدعم جهاز المناعة بشكل عام.
طرق استهلاك الزعرور والجرعات المقترحة
يمكن إدخال الزعرور إلى نظامك الصحي بعدة أشكال لذيذة ومفيدة، أشهرها:
الشكل طريقة التحضير والاستخدام ملاحظات
الشاي نقع ملعقة صغيرة من الأوراق أو الثمار المجففة في كوب ماء مغلي لمدة 10-15 دقيقة، ثم تصفيته وشربه. يوصى بكوب إلى كوبين يوميًا. الطعم لاذع قليلاً ويمكن تحليته بالعسل.
الصبغة مستخلص سائل مركز يُؤخذ بقطرات حسب الجرعة الموصى عليها على العبوة. سريع الامتصاص وسهل الضبط.
الكبسولات/الأقراص تحتوي على مستخلص الزعرور المجفف. الجرعة تتراوح عادة بين 150-300 ملغ من المستخلص المعياري (غالبًا يحوي 2.2-2.5% فلافونويدات) مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا.
الثمار الطازجة يمكن أكلها كفاكهة خفيفة. يجب تجنب البذور لأنها تحتوي على كميات ضئيلة من مركبات قد تكون سامة.
ملحوظة: الجرعات المذكورة هي لأغراض إعلامية. الاستشارة الطبية ضرورية قبل البدء في أي نظام علاجي عشبي، خاصة إذا كنت تعاني من مشاكل صحية أو تتناول أدوية أخرى.
محاذير استخدام وآثار جانبية.. تنبيه هام
على الرغم من أن الزعرور يعتبر آمنًا بشكل عام عند استخدامه بالجرعات المناسبة ولمدة لا تزيد عن 16 أسبوعًا في العادة، إلا أن هناك بعض المحاذير المهمة التي يجب أن توضع في إطار أحمر:
الآثار الجانبية المحتملة
قد يعاني بعض الأشخاص من أعراض خفيفة مثل الغثيان، اضطراب المعدة، التعب، الصداع، التعرق، أو الدوخة. هذه الأعراض عادة ما تكون مؤقتة وتختفي مع تعود الجسم على العشبة.
التفاعلات الدوائية (مهم جدًا)
هذا هو الجانب الأكثر خطورة، حيث يتفاعل الزعرور مع العديد من أدوية القلب، مما قد يزيد من تأثيرها أو آثارها الجانبية بشكل خطير. يجب الحذر الشديد واستشارة الطبيب قبل تناوله إذا كنت تستخدم:
· الديجوكسين (Digoxin): قد يزيد الزعرور من فعالية هذا الدواء مما قد يؤدي إلى السمية.
· أدوية خفض ضغط الدم (مثل حاصرات بيتا، حاصرات قنوات الكالسيوم): قد يؤدي تناوله معها إلى انخفاض حاد ومفاجئ في الضغط.
· النترات (لمعالجة الذبحة الصدرية): قد يسبب تفاعلاً يؤدي إلى دوار شديد أو صداع.
· مميعات الدم: قد يزيد من تأثيرها، مما يرفع خطر النزيف.
فئات يجب أن تكون حذرة
· فترات الحمل والرضاعة: ينصح بتجنب استخدامه.
· قبل الجراحة: يجب التوقف عن تناوله قبل أسبوعين على الأقل من أي عملية جراحية بسبب تأثيره المحتمل على تخثر الدم ومستويات ضغط الدم أثناء التخدير.
تنبيه هام: لا توقف أو تغير أدويتك القلبية أبدًا لصالح الأعشاب دون استشارة طبيبك. الفعل الأكثر أمانًا هو استخدام الزعرور كعامل مساعد وداعم تحت الإشراف الطبي المباشر، وليس كبديل عن العلاج الموصوف.
كنز الطبيعة الذي يحتاج إلى حكمة في الاستخدام
الزعرور هو بالفعل كنز حقيقي لصحة القلب، هبة من الطبيعة تؤكدها الحقائق التاريخية والأدلة العلمية الحديثة. إنه نبات متعدد الآليات، يعمل على تنظيف الشرايين، وخفض ضغط الدم، وتقوية عضلة القلب، والوقاية من الجلطات، كل ذلك بطريقة متوازنة. ومع ذلك، فإن قوته هذه هي نفسها التي تتطلب منا الحكمة والاحترام.
لا يمكن اعتبار الزعرور بديلاً عن الأدوية الموصوفة أو نمط الحياة الصحي، بل هو حليف قوي في رحلة العناية بالقلب. المفتاح هو التشاور مع متخصص رعاية صحية قبل إدراجه في نظامك، خاصة إذا كنت تعاني من حالة مرضية أو تتناول أدوية أخرى. استخدم هذا الكنز بحكمة، وسيكون صديقًا مخلصًا لقلبك لسنوات قادمة.
المصادر:
1. EF Education First. “الـ 3000 كلمة الأكثر شيوعًا في اللغة الإنجليزية.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
2. وكالة الأناضول. “الأجندة اليومية للنشرة العربية ـ الاثنين 30 يونيو 2025.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
3. Industry Arabic. “تصنيف الصحف العربية الأكثر تأثيرًا للعام 2020.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
4. ويكيبيديا. “قائمة الصحف العربية.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
5. Kurd Online. “أكثر من 3000 كلمة إنكليزية شائعة مع اللفظ.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
6. وكالة الأناضول. “الأجندة اليومية للنشرة العربية ـ الأحد 9 فبراير 2025.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
7. Transnational Institute. “التطبيعُ البيئي العربي الإسرائيلي.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
8. مركز الجزيرة للدراسات. “منافذ الوصول إلى محتوى الصحف العربية اليومية على الإنترنت وتطورها مع أفول الطبعة الورقية.” تم الوصول إليه في أكتوبر 2025.
بيان إخلاء المسؤولية: المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تعليمية وإعلامية فقط ولا تُغني عن استشارة الطبيب أو الصيدلي المختص. لا يتحمل المؤلف أو الناشر أي مسؤولية عن أي آثار سلبية قد تنتج عن استخدام المعلومات المذكورة هنا دون استشارة مهنية.