أقتراحات عامة

تحذير عاجل للأمهات… مشروب يُقدم للأطفال يوميًا يرفع خطر السكري والسرطان

في السنوات الأخيرة، أصبحت صحة الأطفال تواجه تحديات كبيرة بسبب التغيّرات في نمط الحياة والعادات الغذائية. ومع انشغال الأمهات والآباء، صار من الشائع تقديم بعض المشروبات الجاهزة للأطفال ظنًا بأنها آمنة أو حتى مفيدة، في حين أن العديد منها يحمل مخاطر صحية خطيرة لا تظهر آثارها إلا بعد مرور سنوات. الدراسات الحديثة دقّت ناقوس الخطر، مؤكدة أن بعض المشروبات التي يتناولها الأطفال يوميًا يمكن أن ترفع من احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، بل وتزيد كذلك من خطر تطور أنواع معينة من السرطان على المدى الطويل.

المقصود هنا ليس المشروبات الغازية فقط، بل حتى العصائر الجاهزة المحلاة والمشروبات الملونة التي تُسوّق للأطفال تحت شعارات “طبيعية” أو “مدعّمة بالفيتامينات”. فقد كشفت دراسة نشرتها جامعة هارفارد للصحة العامة عام 2023 أن الأطفال الذين يتناولون أكثر من كوب واحد من العصائر المحلاة يوميًا ترتفع لديهم احتمالية الإصابة بمرض السكري بنسبة تصل إلى 60٪ مقارنة بأقرانهم الذين يتناولون الماء أو العصائر الطازجة غير المحلاة. وأشارت الدراسة إلى أن السبب الرئيسي هو ارتفاع مستويات الفركتوز والسكريات الصناعية في هذه المشروبات، والتي تسبب اضطرابًا في توازن الإنسولين بالجسم.

من الناحية العلمية، تحتوي هذه العصائر على كميات كبيرة من سكر الفركتوز المركز، وهو نوع من السكر يتم امتصاصه في الكبد بسرعة عالية، مما يؤدي إلى تراكم الدهون في هذا العضو الحيوي بمرور الوقت. هذا التراكم يسبب مقاومة الإنسولين وهي الخطوة الأولى نحو تطور مرض السكري من النوع الثاني حتى لدى الأطفال الصغار. كما أن استهلاك السكر المكرر بكميات كبيرة يرفع من الالتهابات المزمنة في الجسم، وهي من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان وفقًا لتقارير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد حذرت دراسة بريطانية من أن الأصباغ الصناعية والنكهات المستخدمة في المشروبات الملونة قد تؤثر سلبًا على خلايا الجسم من خلال زيادة الجذور الحرة التي تسبب تلف الحمض النووي. هذا التلف المستمر في الخلايا يمكن أن يتحول مع الوقت إلى طفرات جينية تؤدي إلى نشوء خلايا سرطانية. ومن أكثر المواد خطورة في هذه المشروبات هي الأسبرتام وبنزوات الصوديوم واللون الأصفر رقم 5، والتي أثبتت عدة دراسات ارتباطها باضطرابات سلوكية لدى الأطفال وضعف في جهاز المناعة.

الأطباء وخبراء التغذية ينصحون الأمهات بالابتعاد تمامًا عن العصائر الجاهزة والمشروبات الغازية حتى وإن كانت مكتوبًا عليها “بدون سكر مضاف” لأن كثيرًا منها يحتوي على محليات صناعية ضارة أكثر من السكر نفسه. البديل الصحي هو العصائر الطبيعية المحضّرة في المنزل دون إضافة سكر، أو تقديم الماء المنكّه بقطع من الفواكه الطبيعية مثل البرتقال أو الفراولة أو النعناع، فهذه الطريقة تجعل الأطفال يقبلون على شرب الماء بشكل ممتع وصحي في الوقت نفسه.

من المهم أن تدرك الأمهات أن أجسام الأطفال لا تزال في طور النمو، وأي ضرر ناتج عن تناول المواد الصناعية يتضاعف أثره على المدى البعيد. فالكبد والبنكرياس لدى الطفل أكثر حساسية بكثير من البالغين، وأي خلل في عمل الإنسولين أو تراكم للدهون قد ينعكس مستقبلًا على صحة القلب والتمثيل الغذائي وحتى على القدرة الذهنية.

وقد أوصى الباحثون أيضًا بضرورة تثقيف الأسر حول قراءة الملصقات الغذائية بعناية قبل شراء أي منتج. فالكثير من الشركات تستخدم عبارات مضللة مثل “طبيعي 100%” أو “خالٍ من السكر” لجذب المستهلكين، بينما تحتوي المنتجات على نسب عالية من السكريات الصناعية أو العصائر المركزة أو الملونات الكيميائية.

تجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية أصدرت عام 2024 توصية صريحة بضرورة الحد من استهلاك الأطفال للسكريات الحرة إلى أقل من 5% من مجموع السعرات اليومية. كما شددت على أهمية استبدال العصائر الجاهزة بالماء والحليب الطبيعي لضمان نمو صحي وتوازن غذائي.

إن المشروب الذي تعتقد الأمهات أنه بريء وغير ضار قد يكون في الحقيقة أحد أخطر أسباب تدهور صحة الأطفال في المستقبل. فالسكريات والمضافات الصناعية تعمل بصمت على إضعاف المناعة وإتلاف خلايا الكبد والبنكرياس، مما يفتح الباب أمام أمراض العصر كالسكري والسرطان. لذلك، فإن الوعي والاختيار الذكي هما خط الدفاع الأول لحماية صحة الجيل القادم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!