عشبة برية رخيصة تُخفض الكوليسترول… وتمنع أمراض القلب والدماغ فورًا

في عالم الطب الحديث، لا تزال الطبيعة تُثبت يومًا بعد يوم أنها تحمل بين عناصرها مفاتيح الشفاء التي يبحث عنها الإنسان منذ القدم. وبينما يعتمد كثيرون على الأدوية الكيميائية لعلاج ارتفاع الكوليسترول وأمراض القلب، خرج طبيب فرنسي بارز بتصريح أثار دهشة الوسط الطبي بعد أن كشف عن عشبة برية رخيصة الثمن تمتلك خصائص فريدة تُمكّنها من خفض الكوليسترول الضار وحماية القلب والدماغ من أخطر الأمراض المرتبطة بتصلب الشرايين وضعف الدورة الدموية.
الطبيب الفرنسي “د. جان بيير مورو”، المتخصص في أمراض القلب والباطنة في جامعة باريس الطبية، أشار في لقاء صحفي حديث إلى أن هذه العشبة، المعروفة في الأوساط الزراعية باسم الهندباء البرية (Chicorium intybus)، قد أثبتت فعالية مدهشة في ضبط مستويات الدهون في الدم وتحسين وظائف الأوعية الدموية بطرق طبيعية وآمنة.
وأوضح مورو أن الهندباء البرية، التي تنمو في الأراضي الجافة وعلى أطراف الطرق دون عناية خاصة، تحتوي على مجموعة من المركبات النشطة مثل الإينولين والفلافونويدات وحمض الكافيين، وهي مركبات تعمل بتناغم لتقليل امتصاص الدهون من الأمعاء وتحفيز الكبد على التخلص من الكوليسترول الزائد. كما أن هذه العشبة تحفز إنتاج العصارة الصفراوية، مما يُسرّع من عملية حرق الدهون بدلاً من تراكمها في الشرايين.
الدراسات العلمية الحديثة دعمت هذه النتائج. ففي بحث نُشر عام 2021 في المجلة الأوروبية للتغذية السريرية، تبين أن تناول مستخلص الهندباء لمدة 8 أسابيع فقط أدى إلى انخفاض واضح في الكوليسترول الضار (LDL) وارتفاع في الكوليسترول النافع (HDL) لدى المشاركين الذين يعانون من ارتفاع الدهون في الدم. كما لاحظ الباحثون تحسنًا في مؤشرات الالتهاب، وهو ما يعني انخفاض خطر الإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب التاجية.
وأشار الطبيب مورو إلى أن التأثير لا يقتصر على القلب فقط، بل يمتد ليشمل الدماغ أيضًا، إذ أن انخفاض الكوليسترول الضار وتحسن تدفق الدم يعني حماية خلايا المخ من الأكسدة وضعف التروية، وهو ما يقلل من احتمالية الإصابة بالجلطات الدماغية أو الخرف الوعائي المرتبط بتصلب الشرايين الدقيقة في الدماغ.
من الناحية الغذائية، يمكن تناول الهندباء البرية بطرق متعددة. أوراقها الخضراء يمكن إضافتها إلى السلطات، وجذورها يمكن غليها وشرب منقوعها كبديل طبيعي للقهوة دون كافيين. ويؤكد الباحثون أن الاستهلاك المنتظم لمغلي الهندباء بمعدل كوب واحد يوميًا صباحًا على معدة فارغة قد يساهم في تنظيم الكوليسترول وتحسين صحة الكبد والجهاز الهضمي بشكل عام.
ومن المثير للاهتمام أن هذه العشبة تحمل تاريخًا طويلًا في الطب الشعبي، إذ استخدمها العرب منذ مئات السنين في علاج أمراض الكبد والصفار وتنقية الدم، وكانت تعرف باسم “عشبة الصحة العامة” لما لها من تأثير شامل في تنشيط أجهزة الجسم المختلفة. واليوم يعود العلم الحديث ليُثبت صحة تلك الاستخدامات القديمة بالأدلة المخبرية والتحاليل السريرية.
كما أوضحت دراسات أجريت في جامعة القاهرة وجامعة طهران أن تناول مستخلص الهندباء يساعد على خفض مستويات السكر في الدم وتحسين مقاومة الإنسولين، وهو ما يجعلها مفيدة بشكل مضاعف للمرضى الذين يعانون من السكري وأمراض القلب في آن واحد. هذه النتائج تعزز الفرضية القائلة بأن هذه العشبة تعمل كمنظّم طبيعي لوظائف الأيض وتوازن الطاقة في الجسم.
ويوصي الأطباء بتناول الهندباء البرية بشكل معتدل ضمن نظام غذائي متوازن، مع الإكثار من شرب الماء لتسهيل عملية التخلص من الدهون عبر البول. كما ينصح بعدم الإفراط في تناولها لمرضى الكلى أو الذين يتناولون مدرات البول، لأن العشبة لها تأثير مدر طبيعي قد يزيد من فقدان السوائل إذا تم استهلاكها بكثرة.
أما من الناحية الاقتصادية، فالهندباء البرية تعتبر من أرخص الأعشاب المتوفرة في الأسواق المحلية، ويمكن الحصول عليها بسهولة سواء طازجة أو مجففة، مما يجعلها بديلاً طبيعيًا وآمنًا للأدوية باهظة الثمن.
ويضيف الدكتور مورو أن ما يميز هذه العشبة عن كثير من المكملات الدوائية هو أنها لا تعمل على خفض الكوليسترول فقط، بل تساهم في تحسين الصحة العامة، من خلال دعم الكبد والمعدة والأمعاء وتنقية الدم من السموم. وهذا ما يجعل تأثيرها شاملاً وطبيعيًا دون أي آثار جانبية تُذكر.
إن أهمية هذا الاكتشاف لا تكمن فقط في خصائص العشبة العلاجية، بل في بساطتها وقربها من الناس، إذ تنمو في الحقول وعلى أطراف الطرق دون الحاجة إلى مزارع خاصة أو عمليات تصنيع معقدة. إنها مثال حي على أن الحلول الصحية قد تكون أمام أعيننا دون أن نلتفت إليها.
في ضوء هذه النتائج المبهرة، بدأ العديد من المراكز البحثية في أوروبا وآسيا بإجراء المزيد من التجارب السريرية لتأكيد فعالية الهندباء في خفض الكوليسترول وتحسين صحة القلب والدماغ. ويتوقع الباحثون أن تصبح هذه العشبة خلال السنوات القادمة جزءًا من برامج الوقاية الطبيعية من أمراض القلب في الطب التكميلي.
يوصي الأطباء كل من يعاني من ارتفاع الكوليسترول أو يرغب في حماية قلبه ودماغه بتجربة تناول منقوع الهندباء البرية بانتظام مع اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن. فهي ليست مجرد عشبة عادية، بل هدية من الطبيعة تعيد التوازن إلى الجسم وتدعم صحة القلب والمخ بطريقة آمنة وفعالة ومجربة علميًا.