نبتة واحدة تنظف الرئتين تقوي القلب وتمنع الجلطات نهائيًا

في السنوات الأخيرة، ازدادت الأبحاث العلمية التي تركز على الأعشاب الطبية ودورها في دعم صحة الإنسان وتعزيز وظائف الأعضاء الحيوية، خاصة في ظل تزايد معدلات الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والرئتين والجلطات. من بين هذه الأعشاب التي أثارت اهتمام العلماء والأطباء حول العالم، برزت عشبة الزعرور البري (Hawthorn)، التي وُصفت في العديد من الدراسات بأنها “كنز طبيعي للقلب والرئتين” لما تمتلكه من خصائص فريدة أثبتت فعاليتها في تحسين الدورة الدموية وتنقية الجهاز التنفسي من السموم.
تُعتبر عشبة الزعرور من النباتات القديمة التي استخدمها الطب الصيني والأوروبي منذ قرون لعلاج أمراض القلب وضعف التنفس. ومع تطور الأبحاث الطبية الحديثة، أصبح العلماء يدرسون تركيبتها الكيميائية الغنية بمضادات الأكسدة والفلافونويدات التي تلعب دورًا محوريًا في حماية الأوعية الدموية من التلف وتقليل الالتهابات الداخلية التي تؤدي إلى تصلب الشرايين.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن مركبات الفلافونويد في الزعرور تساعد على توسيع الأوعية الدموية وتحسين تدفق الدم، مما يخفف الضغط على القلب ويقلل خطر تكوّن الجلطات. كما أن هذه المركبات تعمل على تقوية عضلة القلب وتحسين قدرتها على ضخ الدم بانتظام، وهو ما يجعلها فعالة في حالات فشل القلب البسيطة أو المتوسطة. دراسة منشورة في مجلة Phytomedicine عام 2010 أوضحت أن مستخلص الزعرور حسّن وظائف القلب لدى مرضى قصور القلب خلال 12 أسبوعًا فقط من الاستخدام المنتظم.
ولا يقتصر تأثير هذه العشبة على القلب فحسب، بل تمتد فوائدها لتشمل الرئتين أيضًا. إذ يحتوي الزعرور على مركبات تساعد على تنظيف الجهاز التنفسي من البلغم والسموم المتراكمة نتيجة التلوث أو التدخين. كما تعمل مضادات الأكسدة الموجودة فيه على تقليل الالتهاب في الشعب الهوائية وتحسين تشبع الدم بالأوكسجين. وقد لاحظ باحثون في جامعة بكين أن المرضى الذين تناولوا مستخلص الزعرور يوميًا لمدة شهرين شهدوا تحسنًا ملحوظًا في سعة الرئة وانخفاضًا في نوبات السعال المزمن.
إضافة إلى ذلك، فإن الزعرور يمتلك قدرة مدهشة على منع تكوّن الجلطات الدموية بفضل تأثيره على الصفائح الدموية. حيث أظهرت دراسة أجريت في جامعة أكسفورد أن المواد الفعالة في أوراق الزعرور تقلل التصاق الصفائح ببعضها، وهو العامل الرئيسي في تكوين الجلطات داخل الأوعية الدموية. هذه الخاصية جعلت الأطباء يصفونه كمكمل طبيعي للوقاية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية لدى المرضى المعرضين للخطر.
ولأن الزعرور غني أيضًا بفيتامين C والبوليفينولات، فإنه يُعتبر داعمًا قويًا لجهاز المناعة ومحاربًا طبيعيًا للجذور الحرة التي تسرّع الشيخوخة الخلوية. تناول كوب من شاي الزعرور يوميًا قد يساهم في تنظيف الدم وتحسين حيوية الجسم بشكل عام، إلى جانب تهدئة الأعصاب وتعزيز النوم العميق بفضل خصائصه المهدئة.
أما عن طريقة استخدامه، فيمكن تحضير شاي الزعرور بسهولة من خلال غلي أوراقه أو ثماره المجففة في الماء لمدة 10 دقائق، ثم شربه بعد التصفية. يمكن أيضًا مزجه مع أعشاب أخرى مثل النعناع أو الزنجبيل لزيادة فوائده. وللحصول على نتائج فعالة، يُنصح بالاستمرار في تناوله لمدة لا تقل عن شهرين، بمعدل كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميًا.
ويحذر الأطباء من تناول الزعرور بجرعات كبيرة دون استشارة الطبيب خاصة للمرضى الذين يتناولون أدوية القلب أو مميعات الدم، لأن التفاعل بينهما قد يسبب انخفاضًا مفرطًا في ضغط الدم. لكن عند استخدامه بجرعات معتدلة وتحت إشراف طبي، يُعد من أكثر الأعشاب أمانًا وفعالية.
من الجدير بالذكر أن الاهتمام العالمي بهذه العشبة ازداد بعد أن نُشرت نتائج دراسة ألمانية واسعة عام 2022 أكدت أن تناول الزعرور بانتظام ساهم في خفض معدلات الجلطات بنسبة 27% لدى المشاركين الذين كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم. كما رصد الباحثون تحسنًا واضحًا في قدرة القلب على ضخ الدم بنسبة وصلت إلى 18% خلال ثلاثة أشهر فقط.
وإلى جانب الزعرور، تشير الأبحاث إلى وجود تآزر مذهل بينه وبين بعض النباتات الأخرى مثل الكركم والثوم، حيث يعزز الجمع بينها من فعالية الحماية القلبية والوقاية من الالتهابات. الكركم يحتوي على مركب الكركومين الذي يمنع ترسب الدهون في الأوعية الدموية، بينما الثوم يقلل من الكولسترول الضار ويزيد من مرونة الشرايين.
العجيب أن استخدام الزعرور لا يقتصر على العلاج فحسب، بل يُعتمد عليه أيضًا في الطب الوقائي، حيث يعمل على تعزيز التوازن العام داخل الجسم وتقوية أداء الجهاز الدوري والتنفسي. لذلك بدأ العديد من مراكز الأبحاث الصحية في أوروبا واليابان بإدخاله في تركيبة المكملات الغذائية المخصصة لدعم القلب والرئتين.
يمكن القول إن عشبة الزعرور ليست مجرد نبات عادي بل هدية من الطبيعة تحمل في داخلها قدرة مذهلة على تجديد نشاط القلب وتنظيف الرئتين من السموم، وتمنح الجسم حماية مستمرة من أخطر الأمراض. ومع استمرار الأبحاث، قد يصبح الزعرور في المستقبل جزءًا أساسيًا من برامج الوقاية والعلاج الحديثة، ليؤكد مجددًا أن الطبيعة ما زالت تملك أسرارًا لم يُكشف عنها بعد.