منوعات عامة

“زلزال طبي عالمي” مشروب عشبي يوازن السكر في الدم… ويقضي على التعب والإرهاق فورًا

في السنوات الأخيرة، أصبح اضطراب مستوى السكر في الدم من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا في العالم، سواء بين مرضى السكري أو بين الأشخاص الأصحاء الذين يعانون من تقلبات في مستويات الطاقة، التعب الدائم، أو الخمول بعد الوجبات. ومع تزايد الأبحاث العلمية في مجال الطب الطبيعي، لفت انتباه العلماء مشروب عشبي بسيط أظهر قدرة مدهشة على تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم وتحسين حساسية الإنسولين، إلى جانب منح الجسم طاقة طبيعية ومستمرة دون الحاجة إلى منبهات أو أدوية. هذا الاكتشاف وصفه الباحثون بـ”الزلزال الطبي”، نظرًا لتأثيره السريع والملموس على الجسم.

المشروب الذي أثار كل هذا الاهتمام هو شاي القرفة، أحد أكثر المشروبات العشبية التي تمت دراستها في العقود الأخيرة. القرفة ليست مجرد توابل ذات نكهة محببة، بل هي مخزن غني بالمركبات النشطة بيولوجيًا التي تمتلك قدرة فريدة على تحسين وظيفة الإنسولين وخفض مقاومته، وهو العامل الأساسي في تطور مرض السكري من النوع الثاني.

دراسة منشورة في مجلة Diabetes Care التابعة لجمعية السكري الأمريكية وجدت أن تناول نصف ملعقة صغيرة من القرفة يوميًا لمدة 40 يومًا فقط أدى إلى خفض مستويات السكر الصيامي في الدم بنسبة تتراوح بين 18 إلى 29 بالمئة، كما ساعد على تقليل الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار. الباحثون أوضحوا أن مادة السينمالدهيد الموجودة في القرفة هي المسؤولة عن هذه التأثيرات المذهلة، إذ تعمل على تنشيط مستقبلات الإنسولين وتحفيز الخلايا على امتصاص الجلوكوز بكفاءة أكبر.

لكن المفاجأة لا تتوقف عند هذا الحد، فبحسب دراسة أخرى أجريت في جامعة Penn State الأمريكية، فإن تناول مشروب القرفة يساعد أيضًا في تثبيت مستويات الطاقة في الجسم ومنع الهبوط المفاجئ للسكر بعد الوجبات، مما ينعكس على الشعور العام بالنشاط الذهني والبدني. الأشخاص الذين وُضعوا تحت التجربة أفادوا بأنهم شعروا بانخفاض كبير في التعب والإرهاق بعد ساعات العمل الطويلة، كما لاحظوا تحسنًا واضحًا في التركيز والذاكرة.

القرفة كذلك تعتبر من أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية على الإطلاق، فهي تحتوي على مركبات بوليفينول تساعد في محاربة الالتهابات المزمنة المرتبطة بمقاومة الإنسولين والسمنة وأمراض القلب. هذه الخصائص تجعل منها مشروبًا شامل الفوائد، لا يقتصر دوره على تنظيم السكر فحسب، بل يمتد ليشمل تحسين الدورة الدموية، دعم وظائف الكبد، وتنشيط عملية الأيض.

أما عن طريقة إعداد مشروب القرفة المثالي للحصول على أقصى فائدة، فيُنصح بغلي عودين من القرفة الطبيعية في كوبين من الماء لمدة 10 دقائق، ثم ترك المشروب ليبرد قليلًا وشربه دافئًا مرة أو مرتين يوميًا، ويفضل تناوله قبل وجبة الطعام بحوالي 30 دقيقة. يمكن إضافة القليل من الزنجبيل أو الليمون لتعزيز الطعم وزيادة الفائدة، لكن يُفضل تجنب إضافة السكر حتى لا تفقد القرفة تأثيرها المنظم للجلوكوز.

وقد أشارت دراسات أُجريت في جامعة تافتس الأمريكية إلى أن القرفة يمكن أن تحاكي في تأثيرها بعض الأدوية المستخدمة لخفض السكر مثل الميتفورمين، ولكن دون آثار جانبية تُذكر، مما يجعلها خيارًا طبيعيًا آمنًا لكثير من الأشخاص، خاصة من يعانون من اضطرابات بسيطة في مستويات السكر.

من الناحية الحيوية، تعمل القرفة على تحفيز إنزيمات معينة في الخلايا تزيد من دخول الجلوكوز إلى العضلات واستخدامه كمصدر للطاقة بدلًا من بقائه مرتفعًا في مجرى الدم. هذا ما يفسر الشعور السريع بالحيوية والنشاط بعد تناولها، حيث يتحول السكر إلى طاقة فعلية يستفيد منها الجسم بدلًا من تخزينها في صورة دهون.

ويشير الباحثون إلى أن الاستمرار في شرب القرفة يوميًا لفترة تتراوح بين 4 إلى 8 أسابيع يمكن أن يؤدي إلى تحسين واضح في مقاومة الإنسولين، وخفض ملحوظ في مستويات السكر الصيامي والهيموغلوبين السكري (HbA1c)، وهو المؤشر الأساسي الذي يقيس مدى السيطرة على السكر في الدم.

لكن رغم كل هذه الفوائد، هناك تحذير بسيط يجب الانتباه له: الإفراط في تناول القرفة، خصوصًا القرفة الصينية (Cassia)، قد يؤدي إلى زيادة مادة الكومارين في الجسم، وهي مادة يمكن أن تجهد الكبد عند استهلاكها بكميات كبيرة. لذلك يُفضل تناول القرفة باعتدال، بمعدل كوب إلى كوبين يوميًا فقط، أو استخدام القرفة السيلانية (Ceylon Cinnamon) التي تحتوي على نسبة منخفضة جدًا من الكومارين وتعتبر أكثر أمانًا.

إن ما يجعل القرفة مميزة حقًا ليس فقط قدرتها على خفض السكر، بل أيضًا تأثيرها الشامل على الجسم من حيث تنظيم الشهية، تقليل الالتهابات، تنشيط الدماغ، وتحسين المزاج، وهي أمور ترتبط بشكل مباشر بزيادة جودة الحياة وتقليل الشعور بالإرهاق المزمن الذي يعاني منه الكثيرون.

وقد بدأت بعض الشركات الطبية في دمج مستخلص القرفة ضمن مكملات غذائية متخصصة تهدف إلى تحسين توازن السكر ومعدلات الطاقة الطبيعية في الجسم، وهو ما يعكس ثقة القطاع الطبي المتزايدة في هذا المكون الطبيعي.

الخلاصة التي توصلت إليها الأبحاث أن مشروب القرفة ليس مجرد مشروب دافئ لليالي الباردة، بل هو علاج طبيعي مذهل يساعد في ضبط مستويات السكر، تقوية جهاز المناعة، وتحفيز نشاط الجسم والعقل. إنه بحق “زلزال طبي” في عالم الأعشاب، أثبت أن الحلول الفعالة أحيانًا تكون أمامنا في أبسط صورها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!