أحداث مثيرة

شاب يضع هاتفه فـ,ـي قـ,ـبـ,ـر صديقة.. وبعد ساعات يتصل بالرقم لتحدث مفاجأة غير متوقعة

في مشهد غريب أثار الكثير من التساؤلات، أقدم أحد الشباب على وضع هاتف صديقه المتوفى في قبره أثناء عملية الدفن، كنوع من الوفاء أو تلبية لوصية أو بدافع عاطفي لحظي. بعد ساعات قليلة من الدفن، حاول هذا الشاب الاتصال بالرقم، لتحدث المفاجأة التي أصابته بالذهول وأثارت حوله جدلًا واسعًا، حيث ظل الهاتف يرن وكأنه ما زال في عالم الأحياء.

لكن بعيدا عن تفاصيل القصة المثيرة، تطرح مثل هذه المواقف عدة أسئلة مهمة: ما موقف الإسلام من مثل هذه التصرفات، وما دلالاتها النفسية والاجتماعية، وهل لها أبعاد علمية يمكن تفسيرها.

الموقف الديني والشرعي

الإسلام أوصى بكرامة الميت وحرم العبث بجسده أو قبره، قال تعالى: ولقد كرمنا بني آدم. ومن صور التكريم أن يُدفن الميت بما يليق من احترام دون إدخال أشياء دنيوية مثل الهواتف أو الأموال في القبر، لأن هذه الأمور لا تنفعه، بل قد تفتح بابًا من البدع أو الممارسات غير الصحيحة.

النبي صلى الله عليه وسلم أوضح أن ما ينفع الميت بعد وفاته هو الدعاء والصدقة الجارية والعلم النافع، لا الهواتف ولا الأدوات المادية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له.

الدلالات النفسية والاجتماعية

من الناحية النفسية، يفسر علماء السلوك هذا الفعل بأنه تعبير عن حالة إنكار الفقد وعدم القدرة على تقبل موت الأحبة، حيث يحاول الإنسان التمسك بأي وسيلة توهمه باستمرار التواصل. وضع الهاتف مع الميت قد يعكس رغبة دفينة في استمرار العلاقة رغم الانقطاع الأبدي.

علم النفس يسمي هذه المرحلة بـ “مرحلة الصدمة”، حيث قد يلجأ الإنسان لتصرفات غير عقلانية، كالحفاظ على مقتنيات الميت أو محاولة الحديث معه عبر قبره.

التفسير العلمي للاتصال بعد الدفن

المفاجأة التي أصابت الشاب حين رن الهاتف بعد ساعات قد تكون ناتجة عن عدة عوامل علمية طبيعية، منها:

1. قوة الشبكة: في بعض المناطق، حتى تحت الأرض، قد تصل إشارات ضعيفة تسمح للهاتف بالرنين.

2. البطارية: إذا كان الهاتف مشحونًا بشكل جيد، يمكنه استقبال الاتصالات لعدة ساعات أو أيام.

3. تأخير الشبكة: أحيانًا يظل الهاتف يظهر كمتصل حتى بعد توقفه الفعلي، بسبب أخطاء في أبراج الاتصالات.

كل هذه العوامل طبيعية ولا تعني بأي حال أن الميت ما زال على اتصال بالعالم الخارجي، بل هي مجرد تفسيرات تقنية.

العبرة المستفادة

هذه الحادثة وإن بدت صادمة للبعض، إلا أنها تحمل دروسًا إيمانية وإنسانية عميقة:

أن الموت حق وأن لا شيء يبقى مع الإنسان إلا عمله الصالح.

أن التمسك بالماديات بعد الوفاة لا يجلب سوى الحزن والاضطراب النفسي.

أن أفضل ما يقدمه الأحياء للأموات هو الدعاء لهم والصدقة عن أرواحهم.

أن التكنولوجيا مهما بلغت قوتها لا يمكنها أن ترد الروح أو تعيد التواصل مع من رحل.

دراسات داعمة

دراسة نُشرت في Journal of Bereavement Studies أكدت أن الاحتفاظ بمقتنيات الميت مثل الهواتف أو ملابسه يعكس حاجة عاطفية طبيعية للتخفيف من الصدمة، لكنها قد تزيد من طول فترة الحزن إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحي.

باحثون في جامعة هارفارد أشاروا إلى أن مواجهة الفقد بالإيمان واليقين يساعد على تخطي الصدمة أسرع من اللجوء إلى أوهام التواصل مع الموتى.

حادثة وضع الهاتف في القبر قد تبدو مثيرة وغريبة، لكنها تذكرنا بحقيقة كبرى وهي أن الموت نهاية حتمية وأن ما يبقى للإنسان هو عمله الصالح. الإسلام وضع منهجًا واضحًا لتكريم الميت والدعاء له، أما التصرفات العاطفية المبالغ فيها فهي لا تنفع الميت وقد تضر الأحياء نفسيًا وروحيًا.

فالواجب علينا أن نتعظ بمثل هذه المواقف وأن نعود إلى الله بالعمل الصالح، لأنه وحده الباقي، ولأن الموت لا يفرق بين غني وفقير، صغير أو كبير، وما ينفع الميت في قبره ليس الهاتف ولا المال، وإنما الرحمة والدعاء والصدقة الجارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!