فاكهة صغيرة تُعيد النظر تدريجيًا وتقوي شبكية العين وتحمي من العمى

في ظل تزايد مشكلات ضعف النظر وأمراض العيون التي باتت تهدد أعدادًا كبيرة من الناس حول العالم، ظهرت دراسات علمية حديثة تسلط الضوء على فاكهة صغيرة الحجم لكنها غنية بشكل مذهل بالعناصر الغذائية التي تدعم صحة العين وتقوي النظر تدريجيًا. هذه الفاكهة ليست نادرة أو باهظة الثمن، بل متوفرة في الأسواق وعلى موائد الكثير من العائلات، وقد وصفها بعض الباحثين بأنها درع طبيعي يحمي شبكية العين من التلف ويحافظ على حدة البصر حتى مع التقدم في العمر.
الباحثون يشيرون هنا إلى التوت البري أو ما يُعرف بالـ “Blueberry”، وهو من أكثر الفواكه التي نالت اهتمام العلماء في السنوات الأخيرة نظرًا لتركيزاته العالية من مضادات الأكسدة خاصة مركبات الأنثوسيانين. هذه المركبات تعمل على حماية شبكية العين من الإجهاد التأكسدي، وهو السبب الرئيسي لتلف الخلايا البصرية وضعف النظر التدريجي الذي قد يؤدي إلى أمراض خطيرة مثل الضمور البقعي المرتبط بالعمر والمياه الزرقاء (الغلوكوما).
دراسة نشرت في المجلة البريطانية لطب العيون أكدت أن تناول التوت بانتظام يساعد على تحسين الدورة الدموية الدقيقة في العين، مما يزيد من تدفق الأوكسجين والمواد المغذية إلى أنسجة الشبكية. هذا التأثير يعزز قدرة العين على التركيز ويقلل من مخاطر تلف العصب البصري. كما أظهرت نتائج أخرى أن مستخلص التوت يمكن أن يحسن الرؤية الليلية بشكل ملحوظ، وهو ما يفتح الباب لاستخدامه كعلاج طبيعي داعم للأشخاص الذين يعانون من صعوبة في الرؤية خلال الظلام.
وليس هذا فحسب، فالتوت غني أيضًا بفيتامين C وفيتامين E والزنك والسيلينيوم، وهي عناصر غذائية ضرورية للحفاظ على صحة عدسة العين ومنع تكوّن المياه البيضاء. هذه العناصر تعمل بشكل تكاملي لحماية العين من العمى الناتج عن التنكس أو التدهور الخلوي على المدى الطويل.
الأطباء وخبراء التغذية ينصحون بتناول حفنة من التوت الطازج أو المجمد يوميًا، أو شرب عصيره الطبيعي بدون إضافات سكرية، للحصول على فوائده الكاملة. بعض الدراسات أشارت كذلك إلى أن إدخال التوت في النظام الغذائي للأطفال قد يساعد في تقوية البصر منذ الصغر وحماية العين من العوامل البيئية الضارة مثل الشاشات الزرقاء والإضاءة الصناعية.
إضافة إلى ذلك، هناك أبحاث تربط بين استهلاك التوت وانخفاض معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، وهما من العوامل التي تؤثر بشكل غير مباشر على صحة العين. فالأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي العين تتأثر سلبًا بارتفاع الضغط وتصلب الشرايين، وبالتالي فإن حماية القلب والدورة الدموية ينعكس إيجابيًا على النظر.
خلاصة القول إن هذه الفاكهة الصغيرة تمثل بالفعل مفاجأة علمية وطبية، حيث تجمع بين الطعم اللذيذ والفائدة الوقائية والعلاجية في آن واحد. إدراج التوت البري ضمن الروتين الغذائي اليومي يمكن أن يشكل خطوة بسيطة لكنها قوية للحفاظ على النظر، تقوية شبكية العين، والوقاية من العمى وأمراض العيون المرتبطة بالتقدم في العمر. إنها مثال حي على أن الغذاء قد يكون أقوى من الدواء عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان.