كانوا فاكرين نفسهم في أمان بس ميعرفوش أنه في كاميرا بالمكان و حدث مالم يكن بالحسبان

الأمانة في الشغل مش مجرد صفة كويسة، دي أساس كل علاقة مهنية ناجحة، وركن ثابت في بناء الثقة بين الموظف والشركة
وبين الزملاء وبعضهم. الشغل مكان المفروض يكون فيه احترام، التزام، ومسؤولية، مش ساحة لتصرفات خارجة أو تجاوزات شخصية.
لما الواحد يدخل مكان عمل، بيكون داخل بعقد أخلاقي قبل ما يكون قانوني، بيقول فيه: “أنا هنا علشان أشتغل، ألتزم، وأحافظ على سمعة المكان اللي احتواني
.” أي تجاوز، مهما كان بسيط، ممكن يهز الصورة دي، ويأثر على الناس اللي حواليك، وعلى المؤسسة كلها.
اللي بيحصل من تجاوزات مش بس بيضر اللي عملها، لكن كمان بيخلق جو من التوتر، وبيخلي الناس تفقد الثقة في بعض، وفي النظام اللي بيحكمهم.
الشغل مش مكان للمجاملات أو العلاقات اللي تتعدى حدود المهنية، ومش ساحة لتجربة الحظ أو كسر القواعد.
الأمانة مش بس إنك ما تسرقش
دي كمان إنك تحترم وقتك، وتحترم زمايلك، وتحافظ على خصوصية المكان، وتتصرف كأنك قدوة للي حواليك. لأن كل تصرف صغير ممكن يبقى له أثر كبير، وكل لحظة غفلة ممكن تسيب علامة ما تتنساش.
في أحد الأيام الجو كان هادي والدنيا ساكنة، والشمس بدأت تغيب بهدوء كأنها بتنسحب من المشهد، حصلت حاجة جوه شركة كبيرة في وسط البلد، حاجة محدش كان متوقعها، بس لما حصلت، قلبت الدنيا فوق تحت.
الموظف اللي الكل كان بيحترمه، معروف إنه ملتزم وبيحب شغله، دايمًا بييجي بدري ويمشي على آخر واحد، عمره ما دخل في مشاكل، ولا حد سمع له صوت عالي.
أما زميلته، فكانت لسه جديدة، وشكلها طموحة، دايمًا ماشية بسرعة، ووشها في الورق، كأنها بتحاول تثبت نفسها بأي طريقة
.في اليوم ده، بعد ما خلص الشغل، الناس بدأت تمشي واحدة واحدة، والمكان بقى فاضي تقريبًا، بس هو وهي قرروا يفضلوا شوية علشان يخلصوا شغل متأخر.
المكتب كان ساكت، والأنوار خافتة، والهدوء عامل زي ستارة بتغطي كل حاجة. الكلام بينهم بدأ عادي، شغل في شغل، بس مع الوقت، بقى فيه ضحك، وبعدين قرب، وبعدين تصرفات مش المفروض تحصل في مكان زي ده.
يمكن هما نسوا نفسهم، أو افتكروا إنهم لوحدهم، بس اللي نسوه فعلًا إن الكاميرات شغالة، وبتسجل كل حاجة.
تاني يوم الصبح، المدير كان بيراجع التسجيلات زي ما بيعمل كل فترة، بس المرة دي شاف حاجة خلته يسكت شوية،
وبعدين وشه اتغير. المشهد اللي شافه ماكانش بسيط، كان فيه تجاوز واضح، حاجة ممكن تأثر على سمعة الشركة كلها.
استدعى الاتنين، وقعدوا قدامه،
متوترين، مش عارفين يقولوا إيه. الأسئلة كانت مباشرة، والنظرات كانت تقيلة، والجو كله كان مشحون. هما حاولوا يبرروا، بس اللي حصل كان واضح، ومفيش مجال للهروب.
الخبر اتسرب، زي ما بيحصل دايمًا، وبدأت الهمسات في الكوريدورات، والناس تبص وتتكلم، وكل واحد عنده رواية مختلفة. في ناس شافوا اللي حصل فضيحة، وفي ناس قالوا دي غلطة بشرية، بتحصل، ومش لازم نكبرها.
بس اللي حصل فتح باب كبير للنقاش: هل الكاميرات المفروض تراقب السلوك؟ هل الموظف لازم يبقى روبوت؟ فين حدود الخصوصية؟ وفين حدود المهنية؟ ناس طالبت بتشديد الرقابة، وناس قالت لازم نعلم الناس إزاي يتصرفوا، مش بس نعاقبهم لما يغلطوا.
الاتنين اللي كانوا في قلب الحدث، حياتهم اتشقلبت. هو بقى مش عارف مستقبله رايح فين، وكل اللي بناه في سنين ممكن يضيع في لحظة. وهي، اللي كانت بتحلم بمكانة في الشركة، بقت بتواجه نظرات مش سهلة، وكلام بيوجع.
التحقيق لسه ما خلصش، والقرار لسه ما طلعش، بس اللي حصل ساب أثر، مش بس فيهم، لكن في كل اللي حواليهم. بقى فيه خوف، وبقى فيه حذر، وبقى فيه كلام عن الأخلاق، وعن الحدود، وعن الإنسان لما يضعف.
اللي حصل كان لحظة، بس اللحظة دي علمت الكل درس: إن الشغل مش بس ورق ومهام، ده كمان احترام، ومسؤولية، وإن الغلطة اللي بتحصل في مكان عام، عمرها ما بتفضل سر، وإن الإنسان، مهما كان محترم، ممكن يغلط، بس المهم إزاي يتعامل مع غلطته.