“وداعا للسكري من النوع الثاني”… بذور طبيعية أثبتت الأبحاث أنها… تقلل HbA1C !!

في السنوات الأخيرة ازداد الاهتمام بالطرق الطبيعية المساندة لعلاج السكري من النوع الثاني خاصة مع تزايد أعداد المصابين حول العالم وارتفاع المضاعفات الصحية المرتبطة به مثل أمراض القلب والفشل الكلوي وفقدان البصر. من أبرز المؤشرات التي يعتمد عليها الأطباء لمتابعة حالة مرضى السكري هو تحليل HbA1C الذي يقيس معدل السكر في الدم خلال ثلاثة أشهر ماضية. كلما ارتفعت نسبة HbA1C زاد خطر المضاعفات وكلما انخفضت دل ذلك على تحكم أفضل في المرض
البحث العلمي لم يعد يقتصر على الأدوية فقط بل امتد لدراسة الأغذية والأعشاب والبذور التي قد تساهم في تحسين التحكم بالسكر. ومن أبرز ما أثار اهتمام الباحثين مؤخرا بعض أنواع البذور الطبيعية التي أظهرت نتائج واعدة في خفض مستوى HbA1C عند مرضى السكري
أهمية مؤشر HbA1C
HbA1C أو الهيموغلوبين السكري هو بروتين الهيموغلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء عندما يرتبط بجزيئات الغلوكوز. بما أن عمر خلايا الدم الحمراء يقارب ثلاثة أشهر فإن هذا التحليل يعطي صورة دقيقة عن معدل السكر في الدم خلال فترة زمنية طويلة وليس مجرد لحظة معينة مثل قياس السكر العادي. جمعية السكري الأمريكية توصي أن يبقى HbA1C أقل من 7 بالمئة لمعظم المرضى لتقليل خطر المضاعفات
البذور ودورها في التحكم بالسكر
بذور الحلبة
الحلبة واحدة من أكثر البذور التي درست بعمق فيما يتعلق بالسكري. تحتوي على ألياف قابلة للذوبان تساعد على إبطاء امتصاص الكربوهيدرات من الأمعاء مما يقلل من الارتفاع الحاد في مستوى السكر بعد الوجبات. دراسة منشورة في International Journal for Vitamin and Nutrition Research عام 2017 وجدت أن تناول مسحوق الحلبة يوميا لمدة ثلاثة أشهر خفض مستوى HbA1C بشكل ملحوظ عند مرضى السكري من النوع الثاني
بذور الكتان
بذور الكتان غنية بالألياف والليغنانات وهي مركبات نباتية لها تأثيرات مضادة للأكسدة. الألياف تساعد على تحسين حساسية الإنسولين وتقليل امتصاص الغلوكوز. دراسة أجريت في جامعة كشمير بالهند عام 2016 بينت أن إضافة بذور الكتان المطحونة إلى النظام الغذائي لمرضى السكري ساهمت في تقليل HbA1C بعد عشرة أسابيع فقط
بذور الشيا
تعتبر بذور الشيا مصدرا ممتازا للألياف الذائبة والأحماض الدهنية أوميغا 3 التي تلعب دورا في تقليل الالتهاب وتحسين استجابة الخلايا للإنسولين. بحث نشر في European Journal of Clinical Nutrition عام 2020 أوضح أن تناول بذور الشيا ضمن النظام الغذائي أدى إلى انخفاض متوسط في مستويات HbA1C لدى مرضى السكري مع تحسن واضح في الوزن وضغط الدم
بذور السمسم
السمسم يحتوي على مركبات لجنانية وزيوت طبيعية تساهم في تقليل الالتهابات وتعزيز عمل الإنسولين. دراسة أجريت في إيران عام 2019 أظهرت أن زيت السمسم وبذوره كان لهما تأثير إيجابي على مستويات سكر الدم وعلى HbA1C بعد ثلاثة أشهر من الاستخدام المنتظم
الآليات التي تجعل هذه البذور فعالة
1 الألياف القابلة للذوبان تبطئ امتصاص الغلوكوز من الأمعاء مما يمنع الارتفاع السريع لسكر الدم
2 الأحماض الدهنية أوميغا 3 في بذور الكتان والشيا تقلل الالتهابات المزمنة التي تلعب دورا في مقاومة الإنسولين
3 المركبات النباتية مثل الليغنانات والفلافونويدات تعمل كمضادات أكسدة تحمي خلايا البنكرياس من التلف
4 بعض البذور مثل الحلبة تحتوي على مركبات تشبه في عملها الهرمونات التي تحفز إفراز الإنسولين من البنكرياس
دراسات داعمة إضافية
بحث سريري في Journal of Diabetes and Metabolic Disorders عام 2021 جمع نتائج 18 دراسة حول تأثير بذور الحلبة والكتان والشيا وخلص إلى أن تناول هذه البذور ضمن نظام غذائي صحي ساهم في خفض HbA1C بمعدل يتراوح بين 0.5 و1.2 بالمئة وهو تأثير قريب مما تحققه بعض الأدوية المساعدة
كما أشارت دراسة أخرى نشرت في Nutrition Reviews إلى أن دمج الألياف النباتية من مصادر مثل بذور الحلبة والكتان مع حمية متوازنة يؤدي إلى تحسن كبير في حساسية الإنسولين وتقليل الدهون الثلاثية وخفض الالتهاب الجهازي
كيف يمكن الاستفادة من هذه البذور عمليا
يمكن إضافة بذور الكتان أو الشيا إلى الزبادي أو السلطات أو العصائر
يمكن غلي الحلبة وشربها كمشروب صباحي أو إضافتها مطحونة إلى الخبز
يمكن استخدام السمسم ضمن السلطات أو مع الطحينة كوجبة صحية
المهم أن يتم استهلاكها بشكل منتظم وبكميات معتدلة حيث أن الإفراط قد يؤدي إلى اضطرابات هضمية
ملاحظات وتحذيرات مهمة
رغم الفوائد المثبتة إلا أن هذه البذور لا تغني عن العلاج الدوائي ولا يجب أن يتوقف المريض عن أدوية السكري دون استشارة الطبيب. بعض البذور مثل الحلبة قد تتداخل مع أدوية سيولة الدم أو أدوية السكري الأخرى مما قد يسبب انخفاضا شديدا في السكر. لذلك يجب استشارة الطبيب قبل إدخال كميات كبيرة منها إلى النظام الغذائي
مرض السكري من النوع الثاني يشكل تحديا صحيا كبيرا لكن التحكم به ممكن عبر الدمج بين العلاج الدوائي ونمط حياة صحي يشمل النظام الغذائي والرياضة. البذور الطبيعية مثل الحلبة والكتان والشيا والسمسم أثبتت الأبحاث أنها ليست مجرد أطعمة تقليدية بل أدوات فعالة في تحسين التحكم بالسكر وخفض HbA1C. الدراسات العلمية تدعم استخدامها كجزء من الحمية اليومية لمرضى السكري مما يجعلها إضافة بسيطة وآمنة نسبيا يمكن أن تغير بشكل ملموس مسار المرض. الاهتمام بهذه الأغذية قد يكون خطوة مهمة في رحلة وداع السكري من النوع الثاني أو على الأقل السيطرة عليه بشكل أفضل والحد من مضاعفاته.