صوت مجهول يخرج من باطن الأرض والناس في حالة ذهول… السلطات تكشف الإجراءات فوراً

في السنوات الأخيرة تكررت تقارير من مناطق مختلفة حول العالم عن سماع أصوات غامضة قادمة من باطن الأرض، أصوات عميقة تشبه الطنين أو الدوي أو حتى أصوات الموجات المنخفضة التي لا يستطيع الإنسان تفسير مصدرها بسهولة. هذه الظاهرة تسببت في إثارة حالة واسعة من الجدل بين الناس، إذ وصفها بعضهم بأنها إنذار من الطبيعة، بينما ذهب آخرون إلى تفسيرات مرتبطة بالكوارث الطبيعية أو حتى النشاطات البشرية تحت الأرض.
أصوات الأرض.. ظاهرة حقيقية رصدها العلماء
العديد من الدراسات العلمية أكدت أن الأرض تصدر أصواتاً طبيعية باستمرار. هذه الأصوات ليست بالضرورة ناتجة عن أحداث غامضة، بل لها تفسير علمي يتعلق بالحركة المستمرة للقشرة الأرضية، والضغط الهائل في طبقات الصخور، إضافة إلى النشاط الزلزالي والبركاني. ما يميز هذه الأصوات أنها منخفضة التردد، بحيث لا يستطيع جميع البشر سماعها بوضوح، ولكن الأجهزة العلمية المتقدمة مثل أجهزة قياس الزلازل والحساسات الصوتية قادرة على التقاطها بدقة.
في عام 1991 سجلت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أصواتاً غريبة تحت سطح الأرض باستخدام معدات متطورة، ووصفها العلماء بأنها جزء من ما يسمى بالـ “همهمة الأرض” أو Earth’s Hum وهي ذبذبات منخفضة جداً تصدر من الأرض بشكل مستمر نتيجة تفاعل الغلاف الجوي مع المحيطات والقشرة الأرضية.
أصوات ما قبل الزلازل
من الظواهر المثيرة أن بعض هذه الأصوات ترتبط بالنشاط الزلزالي. فقد أثبتت أبحاث في اليابان وإيطاليا أن بعض المناطق تسمع فيها أصوات غريبة تحت الأرض قبل حدوث الزلازل القوية. هذه الأصوات تكون نتيجة حركة مفاجئة للصخور وتحرر الطاقة الهائلة من باطن الأرض، مما يولد ذبذبات مسموعة تشبه الطنين أو الانفجارات البعيدة. ولهذا فإن بعض السلطات المحلية في دول معرضة للزلازل تراقب البلاغات حول هذه الأصوات باعتبارها مؤشراً أولياً لنشاط زلزالي قادم.
دور المياه الجوفية في إصدار الأصوات
جانب آخر من التفسير العلمي لهذه الظاهرة يرتبط بحركة المياه الجوفية تحت الأرض. حين تتدفق كميات هائلة من المياه عبر الصخور والشقوق تحت ضغط شديد فإنها قد تصدر أصواتاً تشبه الهسهسة أو الدوي العميق. هذه الظاهرة رصدها باحثون في كندا عندما سمع السكان المحليون أصواتاً متقطعة تحت منازلهم، ليتبين لاحقاً أنها ناتجة عن حركة المياه الجوفية بفعل ذوبان الثلوج في فصل الربيع.
تدخل النشاط البشري
لا يمكن إغفال أن بعض الأصوات التي يعتقد الناس أنها غامضة قد تكون مرتبطة بأنشطة بشرية صناعية مثل حفر الأنفاق، التعدين، أعمال النفط والغاز، أو حتى مرور القطارات تحت الأرض في بعض الدول. الأصوات الناتجة عن هذه الأنشطة قد تنتقل لمسافات بعيدة عبر طبقات الصخور، فيظن الناس أنها أصوات مجهولة المصدر.
الحالات التي أثارت الذهول عالمياً
في عام 2011 انتشرت تقارير من مدينة كييف في أوكرانيا عن أصوات تشبه البوق تأتي من تحت الأرض. الأمر أثار جدلاً واسعاً قبل أن يعلن خبراء الجيولوجيا أن مصدرها تفاعلات جيولوجية مرتبطة بحركة الصفائح الأرضية.
في ولاية نيومكسيكو الأمريكية اشتهرت ظاهرة “همهمة تاوس” حيث يسمع السكان صوتاً منخفض التردد بشكل متواصل منذ عقود. حتى اليوم ما زال العلماء يدرسون هذه الظاهرة، وأرجع بعضهم السبب إلى تداخل الموجات الصوتية مع البنية الجيولوجية للمنطقة.
في بعض المناطق الساحلية من المحيط الهادئ، سجلت أصوات تشبه الطبول العميقة، واتضح أنها ناتجة عن اصطدام الأمواج الضخمة بالقشرة الأرضية العميقة وإحداث اهتزازات سمعية.
الإجراءات التي تتخذها السلطات
حين تبلغ السلطات عن سماع أصوات غير طبيعية من باطن الأرض، فإنها تتعامل مع الأمر بجدية. الخطوة الأولى تكون إرسال فرق جيولوجية مزودة بأجهزة لرصد الاهتزازات وتحليل طبيعة الترددات الصوتية. فإذا كانت مرتبطة بحركة زلزالية يتم رفع مستوى الاستعداد تحسباً لأي هزة أرضية. وإذا تبين أن لها علاقة بمياه جوفية أو نشاط صناعي، يتم توضيح ذلك للناس لتجنب إثارة الذعر.
كما أن بعض الحكومات بدأت بتطوير أنظمة إنذار مبكر تعتمد على تحليل الأصوات الأرضية، بحيث تتمكن من التنبؤ بوقوع الزلازل قبل حدوثها بدقائق أو ساعات، وهو ما قد ينقذ آلاف الأرواح.
العلم بين التفسير والذهول
رغم كل التفسيرات العلمية، تبقى هذه الأصوات محاطة بهالة من الغموض، خصوصاً حين يسمعها الناس فجأة في أماكن هادئة. العلماء يؤكدون أن الظاهرة ليست خارقة للطبيعة بل نتيجة عمليات جيولوجية معقدة ما زلنا نتعلم المزيد عنها. لكن هذا لا يمنع من أن تأثيرها النفسي على الناس كبير، فصوت مجهول قادم من باطن الأرض كفيل بإثارة الخوف والقلق.
الأصوات الغامضة من باطن الأرض حقيقة مثبتة علمياً، وتفسيرها يرتبط غالباً بعوامل طبيعية مثل الزلازل، حركة الصفائح الأرضية، المياه الجوفية، أو حتى الأنشطة البشرية. تعامل السلطات مع هذه الظاهرة يتم عبر الدراسات الميدانية والرصد العلمي لتحديد المخاطر المحتملة وطمأنة السكان. وبينما قد تبدو للناس أصواتاً مخيفة ومجهولة، فإن العلم يؤكد أنها إشارات طبيعية من كوكب حي يتحرك باستمرار تحت أقدامنا.