مبنى مهجور يضيء ليلاً رغم انقطاع الكهرباء عنه منذ سنوات… اللغز الذي حير سكان الحي

في حي هادئ يشهد حياة طبيعية يومية، بدأ السكان يلاحظون في الأسابيع الأخيرة ظاهرة غريبة حيرت الجميع. مبنى قديم ومهجور منذ أكثر من عشر سنوات بدأ يضيء ليلاً رغم انقطاع الكهرباء التام عن المنطقة. الضوء الذي ينبعث من نوافذ المبنى يبدو ثابتاً أحياناً ومتقطعاً أحياناً أخرى، كما لو أن المبنى يعيش حياة سرية بعيداً عن مراقبة البشر.
شهود عيان وتوثيق الظاهرة
أفاد السكان أن الضوء يظهر بشكل متكرر تقريباً كل ليلة عند ساعات متأخرة من الليل، ويستمر لعدة ساعات دون أن يكون هناك أي مصدر كهربائي ظاهر. بعض الشهود قالوا إن الضوء يغير شدته وألوانه بين الأصفر الفاتح والبرتقالي، بينما أشارت كاميرات مراقبة مثبتة في الشوارع القريبة إلى أن المبنى يضيء دون أي أسلاك أو مولدات كهربائية تعمل داخله.
عدد من السكان حاولوا الاقتراب من المبنى أو دخول الطوابق العليا، لكن الأبواب كانت مغلقة بإحكام، والنوافذ مكسورة أو مطلية بطبقات من الطلاء القديم، ما جعل أي تفسير سهل مستبعداً.
التفسيرات العلمية المحتملة
العلماء الذين اطلعوا على الفيديوهات والصور المحيطة بالمبنى طرحوا عدة فرضيات علمية لتفسير الظاهرة:
1. تأثير الفلورسنت الطبيعي للمواد القديمة
بعض المواد التي تُستخدم في المباني القديمة، مثل الطلاء أو المواد البلاستيكية والأخشاب المعالجة، يمكن أن تخزن الضوء خلال النهار وتطلقه تدريجياً في الليل، وهي ظاهرة تُعرف باسم التألق الفوسفوري. هذه الظاهرة لا تحتاج إلى كهرباء أو مولد، وتظهر في الأماكن المظلمة على شكل وهج ثابت أو متقطع.
2. تفاعلات كيميائية طبيعية
بعض التفاعلات الكيميائية التي تحدث في المباني المهجورة نتيجة الرطوبة ووجود المعادن يمكن أن تسبب تألقاً ضوئياً خفيفاً. دراسات كيميائية حديثة في أوروبا وأمريكا أوضحت أن الحديد وبعض المعادن الأخرى قد تتأكسد بطريقة معينة عند ملامستها للرطوبة والهواء، مسببة انبعاث ضوء ضعيف يمكن رؤيته في الليل.
3. الظواهر الكهربائية الطبيعية
يعتبر بعض الفيزيائيين أن التفريغ الكهربائي الساكن الناتج عن الرياح أو الرطوبة يمكن أن يخلق أحياناً وهجاً ضوئياً حول المباني المعدنية أو الأسطح المرتفعة. هذه الظاهرة تم توثيقها سابقاً في بعض المباني القديمة في الولايات المتحدة وأوروبا، لكنها غالباً لا تكون ملاحظة للعين المجردة إلا في ظروف محددة جداً.
4. انعكاس الضوء من مصادر خارجية
في بعض الحالات، يكون الضوء المنبعث من المبنى نتيجة انعكاس ضوء القمر أو مصابيح بعيدة على الزجاج أو الأسطح المعدنية للمبنى. التغييرات في شدة الضوء يمكن أن تكون مرتبطة بتغير زاوية الرؤية وحركة الغيوم والظروف الجوية.
دراسات سابقة وحالات مشابهة
ظاهرة المباني المضيئة رغم الانقطاع عن الكهرباء ليست جديدة. سجلت حالات مشابهة في بريطانيا وألمانيا وأمريكا حيث أضاءت مبانٍ مهجورة في أوقات محددة دون أي مصدر كهربائي. الدراسات التي أجريت حول هذه الظواهر أكدت أن معظمها يمكن تفسيره بظواهر فيزيائية أو كيميائية، أو انعكاسات ضوئية، إلا أن بعضها بقي غامضاً وفتح المجال لتفسيرات ثقافية وشعبية مرتبطة بالأساطير.
رد فعل السكان
أثار ظهور الضوء الغامض هلعاً وفضولاً في الوقت نفسه. بعض السكان بدأوا يروجون لفكرة وجود نشاط غامض أو طاقة غير طبيعية في المبنى، بينما حاول آخرون تفسير الأمر من منظور علمي واعتبروا أن المبنى القديم والمواد الموجودة فيه ربما تخلق هذه الظاهرة.
السلطات المحلية بدأت بمتابعة الوضع عن كثب، حيث أرسلت فرقاً هندسية وفنية لفحص المبنى، وتأكدت من عدم وجود مصادر كهرباء سرية أو مولدات تعمل داخله، ما زاد الغموض حول الظاهرة.
التفسيرات النفسية والاجتماعية
العلماء النفسيون أشاروا إلى أن البشر لديهم ميل لتفسير الظواهر الغريبة بطريقة درامية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمبنى مهجور له تاريخ قديم أو سمعة في الحي. الشعور بالخوف أو الفضول يمكن أن يجعل العين البشرية تلاحظ تفاصيل بسيطة وتحولها في ذهنها إلى شيء أكثر إثارة. الدراسات النفسية أوضحت أن الإدراك البصري والحواس الخمسة تتأثر بالعوامل النفسية، مما يجعل الإنسان يرى ضوءاً أو حركة قد تكون غير موجودة بالمعنى الفيزيائي.
حتى الآن، المبنى المهجور في الحي يواصل إبهار السكان والباحثين على حد سواء. الظاهرة يمكن أن تكون نتيجة مجموعة من العوامل الفيزيائية والكيميائية والنفسية، لكن حتى يتم إجراء دراسة علمية دقيقة، ستبقى الغموض محيطاً بهذا الضوء الغامض.
يبقى السؤال قائماً: هل ما يراه الناس مجرد انعكاس طبيعي للضوء أو تفاعلات كيميائية، أم أن هناك ظواهر غامضة لم يكتشفها العلم بعد؟ المؤكد أن هذه الظاهرة ذكرتنا بأن العالم من حولنا مليء بالأسرار، وأن المباني المهجورة يمكن أن تخفي وراء جدرانها قصصاً وأسراراً لم نعرفها بعد.