هل هناك علاقة بين نقص فيتامين ب12 والإصابة بالكبد الدهنى؟ دراسة تكشف صلة غير متوقعة!

الكبد الدهني تحت المجهر: هل فيتامين ب12 هو المفتاح الخفي؟
يُعد مرض الكبد الدهني غير الكحولي من أكثر الأمراض الصامتة انتشارًا في العالم، إذ يصيب أكثر من ربع البالغين دون أن يسبب أعراضًا واضحة في مراحله المبكرة. وبينما يُعزى ظهوره تقليديًا إلى عوامل مثل السمنة ونمط الحياة غير الصحي، بدأت الأبحاث الحديثة تشير إلى عامل آخر غير متوقع: نقص فيتامين ب12. فهل يمكن أن يكون هذا الفيتامين الحيوي هو أحد مفاتيح الوقاية من تدهور الكبد؟
ما هو مرض الكبد الدهني؟
مرض الكبد الدهني هو حالة تتراكم فيها الدهون داخل خلايا الكبد، مما قد يؤدي إلى خلل في وظائفه الحيوية. يوجد نوعان رئيسيان من هذا المرض:
مرض الكبد الدهني الكحولي (AFLD) الناتج عن استهلاك الكحول. مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) الذي يصيب الأشخاص الذين لا يستهلكون الكحول، ويُعد الأكثر شيوعًا.
NAFLD يُصيب الملايين حول العالم، ويُعتبر اليوم أحد الأسباب الرئيسية لتليف الكبد، وحتى لزراعة الكبد في الحالات المتقدمة.
أعراض قد تكون خفية ولكنها خطيرة:
غالبًا لا تظهر أعراض واضحة في البداية، لكن مع تقدم الحالة، قد يُلاحظ المصابون ما يلي:
شعور مستمر بالتعب أو الإرهاق. ألم أو انزعاج في الجزء العلوي الأيمن من البطن. فقدان غير مبرر في الوزن أو الكتلة العضلية. اصفرار الجلد أو العينين (اليرقان). تورم في البطن أو الساقين نتيجة تراكم السوائل. حكة مزعجة أو اضطراب في التركيز الذهني.
فيتامين ب12: أكثر من مجرد فيتامين للأعصاب
يُعرف فيتامين ب12 بأهميته في إنتاج خلايا الدم الحمراء ودعم وظائف الدماغ والأعصاب، ويوجد بكثرة في المصادر الحيوانية كاللحم والبيض ومنتجات الألبان. لكن الجديد في الأمر أن الأبحاث بدأت تُظهر علاقة مباشرة بين نقص هذا الفيتامين وظهور مشكلات الكبد، خاصة الكبد الدهني غير الكحولي.
دراسة تكشف العلاقة المفاجئة
في عام 2022، نشرت دراسة علمية نتائج مثيرة حول دور فيتامين ب12 في الوقاية من تطور مرض الكبد الدهني. وأوضحت أن ارتفاع مستويات حمض أميني يُعرف باسم “الهوموسيستين” في الدم (والمرتبط بنقص ب12) يؤدي إلى إضعاف بروتينات الكبد المسؤولة عن التمثيل الغذائي للدهون، مما يُسرع من تطور المرض.
الأهم من ذلك، أظهرت الدراسة أن تناول مكملات فيتامين ب12 وحمض الفوليك قد يُعيد التوازن إلى هذه البروتينات، ويُبطئ عملية تدهور الكبد، بل وقد يعكس بعض مراحل التليف الكبدي.
لماذا يُعتبر هذا الاكتشاف ثورة طبية؟
حتى الآن، لا توجد أدوية معتمدة تعالج الكبد الدهني غير الكحولي بشكل مباشر، ما يجعل هذا الاكتشاف بارقة أمل لملايين المرضى حول العالم. وما يميزه أكثر أنه يتحدث عن مكونات آمنة، متوفرة، ورخيصة الثمن نسبيًا، مقارنة بعلاجات الكبد المكلفة والمعقدة، مثل زراعة الكبد.
هل يجب أن أتناول مكملات فيتامين ب12؟
رغم أن نتائج الدراسة واعدة، إلا أن التوصيات الطبية لا تزال تُشدد على أهمية استشارة الطبيب قبل تناول أي مكملات غذائية، خاصة إذا كنت لا تعاني من نقص مثبت في ب12.
إليك بعض العلامات التي قد تشير إلى نقصه:
تنميل أو وخز في اليدين والقدمين.
ضعف الذاكرة أو التركيز.
شحوب في الجلد.
ضعف العضلات.
تغيرات مزاجية مثل الاكتئاب أو القلق.
إذا لاحظت أيا من هذه الأعراض، فربما حان الوقت لفحص مستويات فيتامين ب12 لديك.
الوقاية أفضل من العلاج
بينما تُعد التغذية الصحية والنشاط البدني من أهم العوامل في الوقاية من الكبد الدهني، فإن الحفاظ على مستويات مناسبة من الفيتامينات، وعلى رأسها ب12، قد يكون خطوة وقائية لا يُستهان بها.
الكبد لا يشتكي… حتى يفوت الأوان
مرض الكبد الدهني غالبًا ما يتطور في الخفاء، ما يجعله واحدًا من أكثر التهديدات الصامتة لصحة الإنسان. واليوم، بعد أن كشفت الأبحاث عن العلاقة بين نقص فيتامين ب12 وتدهور صحة الكبد، فإن إدراك هذه العلاقة قد يُنقذ حياة الكثيرين.
إذا كنت تهتم بصحتك حقًا، فلا تستهِن بأعراض بسيطة كالتعب أو النسيان… فقد يكون وراءها نقص بسيط يمكن علاجه قبل أن يتحول إلى مرض مزمن.