باحث بريطاني يكتشف علاج طبيعي يذيب الكوليسترول الضار ويقوي القلب

في خطوة لاقت اهتمامًا واسعًا في الأوساط الطبية والعلمية أعلن باحث بريطاني متخصص في أمراض القلب والأوعية الدموية عن نتائج دراسة حديثة تؤكد وجود علاج طبيعي يمكن أن يذيب الكوليسترول الضار في الدم ويعزز صحة القلب بطريقة آمنة وفعالة. هذه النتائج المبهرة جاءت بعد سنوات من البحث في تأثير بعض الأغذية والمستخلصات النباتية على دهون الدم ودورها في الوقاية من أمراض الشرايين التي تعد من أبرز أسباب الوفاة في العالم.
الكوليسترول مادة دهنية طبيعية يحتاجها الجسم لبناء الخلايا وإنتاج بعض الهرمونات ولكن ارتفاع مستوياته الضارة المعروفة باسم البروتين الدهني منخفض الكثافة يؤدي إلى تراكم الترسبات الدهنية في جدران الشرايين مسببة ما يعرف بتصلب الشرايين وهي الحالة التي ترفع خطر الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية بشكل كبير. لذلك يسعى الأطباء والعلماء دائمًا إلى إيجاد طرق آمنة لخفض هذه المستويات دون آثار جانبية خطيرة.
الدراسة البريطانية الجديدة ركزت على مادة طبيعية مستخلصة من الثوم النيء. حيث أظهر الباحثون أن المركبات الكبريتية النشطة الموجودة في الثوم مثل الأليسين تساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار بشكل ملحوظ عند تناولها بانتظام. وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في المجلة الأوروبية للتغذية السريرية وأكدت أن تناول فص أو فصين من الثوم يوميًا لمدة ثمانية أسابيع ساهم في خفض الكوليسترول الضار بنسبة تراوحت بين 10 إلى 15% مع ارتفاع بسيط في الكوليسترول النافع المسؤول عن حماية القلب والشرايين.
ولم يقف الأمر عند ذلك بل أشار الباحث إلى أن الثوم يمتلك أيضًا خصائص مضادة للأكسدة تقلل من الالتهابات في الأوعية الدموية وتحسن مرونتها وهو ما يساعد في تقليل ضغط الدم ودعم عمل القلب بشكل عام. هذه النتائج تعزز ما كان معروفًا منذ قرون في الطب التقليدي عن دور الثوم في تحسين صحة الدورة الدموية ولكن الجديد هنا هو التأكيد العلمي المدعوم بالتجارب السريرية المحكمة.
الدراسة لم تقتصر على الثوم فقط بل تناولت أيضًا تأثير بعض الأغذية الأخرى مثل الشوفان الغني بالألياف القابلة للذوبان والتي تعمل على منع امتصاص الكوليسترول في الأمعاء بالإضافة إلى المكسرات وخاصة الجوز واللوز التي تحتوي على الأحماض الدهنية غير المشبعة والمفيدة لصحة القلب. وأشارت النتائج إلى أن إدخال هذه الأغذية بانتظام ضمن النظام الغذائي يمكن أن يضاعف من الفوائد العلاجية ويقلل بشكل ملموس من معدلات الإصابة بأمراض القلب التاجية.
وللتأكد من النتائج أجرى الباحث وفريقه متابعة طويلة شملت أكثر من 300 متطوع يعانون من ارتفاع مستويات الكوليسترول. تم تقسيمهم إلى مجموعتين إحداهما اعتمدت على تناول الثوم والشوفان والمكسرات ضمن نظام غذائي متوازن بينما تلقت المجموعة الأخرى علاجًا دوائيًا تقليديًا. وبعد ستة أشهر تبين أن المجموعة الأولى حققت انخفاضًا في مستويات الكوليسترول الضار يقارب 18% مع تحسن واضح في ضغط الدم ونسبة الدهون الثلاثية دون ظهور أي آثار جانبية كبيرة وهو ما جعل النتائج محط إعجاب المجتمع الطبي.
الباحث البريطاني شدد على أن هذه النتائج لا تعني الاستغناء الكامل عن الأدوية الطبية خاصة في الحالات الشديدة لكنه أكد أن العلاج الطبيعي يمكن أن يكون وسيلة فعالة مساعدة خاصة للمرضى في المراحل المبكرة أو للأشخاص الراغبين في الوقاية من أمراض القلب. كما أوصى بضرورة تبني أسلوب حياة صحي يشمل النشاط البدني المنتظم والابتعاد عن التدخين والتقليل من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات المكررة.
من جهة أخرى أشار خبراء التغذية إلى أن الاعتماد على هذه الأغذية الطبيعية لا يحمل فقط فوائد للقلب بل يساعد أيضًا على تحسين صحة الجهاز الهضمي وتعزيز المناعة العامة للجسم. فالثوم مثلًا يمتلك خواصًا مضادة للبكتيريا والفطريات بينما توفر المكسرات مضادات أكسدة قوية وفيتامينات أساسية تدعم الدماغ والعظام.
أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة أمام ملايين الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول حول العالم. إذ يقدم لهم خيارًا طبيعيًا آمنًا يمكن أن يقلل من المخاطر الصحية الكبيرة المرتبطة باضطرابات الدهون ويمكّنهم من التمتع بحياة أطول وأكثر صحة. ولعل الرسالة الأهم هي أن العودة إلى الطبيعة والاهتمام بالغذاء المتوازن قد يكون الحل الأقوى لمواجهة أمراض العصر التي أرهقت المجتمعات الصحية عالميًا.