مكون موجود في كل مطبخ يرفع المناعة ويمنع نزلات البرد

في عالم مليء بالأمراض الموسمية والفيروسات التي تتنقل بسهولة بين الناس، يظل تقوية الجهاز المناعي خط الدفاع الأول للحفاظ على الصحة والوقاية من العدوى. وقد أكد طبيب ألماني بارز أن هناك مكونًا غذائيًا بسيطًا ومتوفرًا في كل مطبخ تقريبًا، يمتلك قدرة مذهلة على رفع المناعة وحماية الجسم من نزلات البرد والالتهابات المتكررة. هذا المكون ليس دواءً كيميائيًا ولا وصفة معقدة، بل هو مادة طبيعية أثبتت الأبحاث العلمية فعاليتها منذ عقود طويلة، ألا وهو الثوم.
الثوم يُعتبر واحدًا من أقدم الأغذية الطبية التي استخدمها الإنسان منذ آلاف السنين. تشير السجلات التاريخية إلى أن المصريين القدماء كانوا يقدمونه للعمال الذين يبنون الأهرامات لزيادة طاقتهم ومقاومتهم للأمراض. وفي الطب الصيني والهندي القديم كان يوصف لعلاج مشاكل التنفس والهضم وتقوية المناعة. واليوم تؤكد الدراسات الحديثة أن هذه الاستخدامات التقليدية لم تأتِ من فراغ، بل لها أساس علمي قوي.
يحتوي الثوم على مركبات كبريتية فعالة مثل الأليسين، وهو مادة نشطة تُفرز عند تقطيع أو سحق فصوص الثوم. هذه المادة لها خصائص مضادة للبكتيريا والفيروسات والفطريات، وتعمل على تحفيز خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن الدفاع عن الجسم ضد الميكروبات. وقد وجدت دراسة منشورة في مجلة Advances in Therapy أن الأشخاص الذين تناولوا مكملات الثوم بانتظام كانوا أقل عرضة للإصابة بنزلات البرد بنسبة تزيد عن 60٪ مقارنة بغيرهم، كما أن فترة المرض لديهم كانت أقصر وأخف.
إضافة إلى ذلك، يلعب الثوم دورًا مهمًا في دعم صحة القلب والدورة الدموية. فقد أظهرت أبحاث أن تناوله يساعد على خفض ضغط الدم وتقليل مستويات الكوليسترول الضار، مما يعزز تدفق الدم ويحسن وصول العناصر الغذائية والأوكسجين إلى الخلايا، وهو ما يساهم بشكل غير مباشر في تقوية جهاز المناعة. كما يحتوي الثوم على نسبة عالية من مضادات الأكسدة التي تحارب الجذور الحرة وتقلل من تلف الخلايا والشيخوخة المبكرة.
من الفوائد الأخرى المهمة للثوم أنه يعمل على تنشيط البكتيريا النافعة في الأمعاء، وهي ما يُعرف بـ”الميكروبيوم المعوي”، وهذه البكتيريا تلعب دورًا محوريًا في عمل الجهاز المناعي. فعندما تكون الأمعاء بصحة جيدة يصبح الجسم أكثر قدرة على مواجهة العدوى والتهابات الجهاز التنفسي والهضمي.
طرق تناول الثوم متعددة وبسيطة. ينصح الأطباء بتناوله نيئًا للحصول على أقصى استفادة من مادة الأليسين، حيث أن الطهي الطويل قد يقلل من فعاليتها. يمكن إضافة فصوص الثوم الطازج إلى السلطات أو الزبادي أو تناوله مع العسل لتخفيف حدة طعمه ورائحته. كما يمكن استخدامه مطبوخًا كجزء من الأطباق اليومية للاستفادة من باقي عناصره الغذائية مثل الفيتامينات والمعادن.
رغم فوائده العظيمة، يجب الاعتدال في استهلاك الثوم خاصة لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية لسيولة الدم أو الذين يعانون من مشاكل في المعدة، حيث أن الجرعات الكبيرة قد تسبب تهيجًا في الجهاز الهضمي. لذلك يُفضل استشارة الطبيب في حالة وجود أمراض مزمنة قبل الإكثار منه.
أن هذا المكون البسيط الذي يوجد في كل بيت، وهو الثوم، ليس مجرد نكهة تضيف طعمًا للطعام، بل هو علاج طبيعي قوي يرفع المناعة، يقلل خطر نزلات البرد، ويدعم صحة الجسم بشكل عام. ومع دخول فصول البرد وانتشار الفيروسات، قد يكون الحل في فص صغير من الثوم يحميك من العدوى ويعزز قوتك الداخلية.