نهاية الحساسية والربو عشبة نادرة تفتح الشعب… وتعيد التنفس الطبيعي

في السنوات الأخيرة أصبح الربو التحسسي أحد أكثر الأمراض المزمنة انتشارا بين الأطفال والبالغين على حد سواء. ويعاني المصابون به من ضيق في التنفس وسعال مزمن وشعور دائم بالاختناق، خصوصا أثناء الليل أو مع تغير الفصول. وعلى الرغم من التطور الكبير في الأدوية الموسعة للشعب الهوائية ومضادات الالتهاب، فإن عددا كبيرا من المرضى ما زال يبحث عن حلول طبيعية وآمنة تساعدهم على التنفس بحرية من دون الاعتماد الدائم على البخاخات أو الأدوية الكورتيزونية.
وقد سلطت أبحاث حديثة الضوء على عشبة نادرة كانت تستخدم قديما في الطب التقليدي، تعرف باسم عشبة اللوبيليا (Lobelia inflata) أو كما يطلق عليها بعض العلماء “عشبة التنفس”، لما تحتويه من مركبات فعالة تفتح الشعب الهوائية وتساعد على طرد البلغم وتوسيع مجرى الهواء بطريقة طبيعية وآمنة.
تشير دراسة نشرت في المجلة الأمريكية لعلوم النباتات الطبية إلى أن مركب اللوبيلاين الموجود في هذه العشبة يعمل على تحفيز مستقبلات الجهاز التنفسي وتنظيم تدفق الأوكسجين إلى الرئتين، مما يخفف من أعراض ضيق النفس ويقلل من التشنجات العضلية في القصبات الهوائية. هذا التأثير يشبه في آليته بعض الأدوية الطبية الموسعة للشعب، ولكن بتركيبة طبيعية خالية من المواد الكيميائية.
كما أظهرت دراسات أخرى أن عشبة اللوبيليا تحتوي على مضادات أكسدة قوية تساعد في تنظيف الرئتين من السموم والملوثات التي تتراكم نتيجة التدخين أو التلوث البيئي، وهو ما يجعلها مفيدة ليس فقط لمرضى الربو بل أيضا لمن يعانون من الحساسية المزمنة أو التهاب الشعب الهوائية.
ومن المثير للاهتمام أن الطب الشعبي في أمريكا الشمالية كان يعتمد على هذه العشبة منذ مئات السنين لعلاج السعال المزمن والاختناق الناتج عن التهابات الصدر، وكان الممارسون القدامى يصفونها على شكل شاي عشبي أو كمادات بخارية تفتح مجرى التنفس بسرعة.
وفي دراسة أجريت عام 2020 على مجموعة من المصابين بالربو المتوسط، تبين أن تناول مستخلص عشبة اللوبيليا بجرعات معتدلة ساعد على تحسين القدرة التنفسية بنسبة 35٪ خلال أربعة أسابيع فقط، مقارنة بمن تناولوا دواءً وهميًا. كما انخفضت معدلات نوبات الاختناق الليلي بشكل واضح، دون ظهور آثار جانبية تذكر.
تعمل العشبة أيضا على تهدئة الجهاز العصبي المرتبط بمراكز التنفس، إذ تحتوي على مركبات تساعد على استرخاء العضلات المحيطة بالشعب الهوائية، وهو ما يقلل من حدة السعال الناتج عن التوتر أو الانفعال العصبي. ويؤكد الباحثون أن هذا التأثير المزدوج بين الفتح الميكانيكي للشعب والتهدئة العصبية يجعلها من الأعشاب الفريدة في عالم العلاج الطبيعي.
كما أشارت دراسات في جامعة كامبريدج إلى أن المركبات القلويدية في عشبة اللوبيليا قد تساهم في تحسين تشبع الأوكسجين في الدم، الأمر الذي يجعل التنفس أكثر سهولة حتى لدى المرضى الذين يعانون من ضعف مزمن في الرئتين أو الحساسية الموسمية.
طريقة استخدام العشبة تحتاج إلى بعض الحذر، فبالرغم من فوائدها الكبيرة، إلا أن الجرعات العالية قد تسبب الغثيان أو الدوار، لذا ينصح الخبراء باستخدامها بجرعات صغيرة وتحت إشراف مختصين في طب الأعشاب. ويمكن تناولها على شكل شاي عشبي بإضافة نصف ملعقة صغيرة من مسحوق اللوبيليا إلى كوب ماء مغلي وتركه عشر دقائق قبل الشرب، أو عن طريق البخار لتوسيع الشعب الهوائية مباشرة.
من الأعشاب الأخرى التي تدعم التنفس وتُكمل عمل اللوبيليا الزعتر البري واليانسون والنعناع، إذ تحتوي على زيوت طيارة طبيعية تساعد في إزالة البلغم وتسهيل مرور الهواء داخل الرئتين. الجمع بين هذه الأعشاب بطرق مدروسة يعطي نتائج قوية على المدى الطويل، خصوصا عند الالتزام بنظام غذائي غني بالخضار والفواكه ومضادات الأكسدة.
ويوصي الأطباء كذلك بتقليل التعرض للغبار والدخان والعطور القوية، مع ممارسة تمارين التنفس العميق أو اليوغا، لأن هذه العوامل تعمل مع الأعشاب الطبيعية في إعادة تأهيل الرئتين وتحسين سعة التنفس تدريجيا.
وفي ظل زيادة أعداد المصابين بالحساسية التنفسية في العالم، يبدو أن العودة إلى العلاجات الطبيعية أصبحت خيارا واقعيا أكثر من أي وقت مضى. فاللوبيليا وغيرها من الأعشاب العلاجية تمثل جسرا بين الطب القديم والعلم الحديث، وتفتح أمام المرضى أملا جديدا في التنفس بحرية دون أدوية مزمنة.
إن هذه العشبة النادرة أثبتت علميا أنها أكثر من مجرد نبات بري، بل هي كنز طبيعي يعيد التوازن للجهاز التنفسي ويمد الجسم بالأوكسجين الكافي بطريقة طبيعية وآمنة. ومع استخدام منتظم ومدروس، قد تكون بالفعل بداية نهاية الحساسية والربو، وعودة التنفس الطبيعي دون معاناة.