الدهون الثلاثية تعد من أهم المؤشرات التي يطلبها الأطباء في تحاليل الدم عند تقييم صحة القلب والأوعية الدموية. هذه الدهون ليست مادة غريبة بل هي الشكل الأساسي الذي يخزن فيه الجسم السعرات الحرارية الزائدة عن حاجته اليومية. عند تناول كميات كبيرة من السكريات أو الدهون أو السعرات الحرارية عموما يقوم الكبد بتحويلها إلى دهون ثلاثية يتم تخزينها في الخلايا الدهنية لاستخدامها لاحقا كمصدر للطاقة. لكن المشكلة تظهر حين يرتفع مستوى الدهون الثلاثية في الدم بشكل مزمن حيث تتحول من مخزون طبيعي للطاقة إلى عامل خطر رئيسي يهدد صحة القلب ويزيد من احتمال الإصابة بتصلب الشرايين والسكتات الدماغية والتهاب البنكرياس وحتى الكبد الدهني.
ما هي الدهون الثلاثية ولماذا هي خطيرة
مستوى الدهون الثلاثية الطبيعي في الدم يجب أن يكون أقل من 150 مليغراما لكل ديسيلتر. القيم بين 150 و199 تعتبر مرتفعة بشكل طفيف بينما 200 إلى 499 مرتفعة بشكل واضح وأكثر من 500 تعد خطيرة. ارتفاع الدهون الثلاثية لا يأتي بمفرده عادة بل يرتبط بمشكلات أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم وزيادة الكوليسترول الضار وانخفاض الكوليسترول النافع ومقاومة الإنسولين وزيادة الوزن خاصة حول البطن. لهذا يعتبرها الأطباء أحد مكونات متلازمة الأيض التي تزيد بشكل كبير من احتمال الإصابة بالسكري وأمراض القلب.
المشروب المنزلي الذي يساعد على إذابة الدهون الثلاثية
أحد أكثر المشروبات التي أثبتت الدراسات العلمية فائدتها في خفض مستوى الدهون الثلاثية هو مشروب الشاي الأخضر بالليمون والزنجبيل. هذا المشروب يجمع بين ثلاثة عناصر طبيعية لكل منها تأثير مثبت على التمثيل الغذائي للدهون وعلى صحة القلب.
الشاي الأخضر غني بمركبات الكاتيشين وهي نوع من مضادات الأكسدة التي تعمل على تعزيز أكسدة الدهون في الكبد وتقليل امتصاصها في الأمعاء. عدة دراسات أكدت أن تناول الشاي الأخضر بانتظام يخفض مستوى الدهون الثلاثية والكوليسترول الكلي.
الزنجبيل يحتوي على مركبات الجينجيرول والشوجول التي تحفز عملية التمثيل الغذائي وتزيد من حرق السعرات وتقلل من تخزين الدهون في الكبد. كما أن له تأثيرات مضادة للالتهابات تحمي الأوعية الدموية من التلف الناتج عن ارتفاع الدهون.
الليمون مصدر غني بفيتامين سي والفلافونويدات التي تحسن من نشاط الإنزيمات الكبدية المسؤولة عن تكسير الدهون وتساعد على تقليل أكسدة الكوليسترول الضار.
الأدلة العلمية
في دراسة نشرت عام 2005 في American Journal of Clinical Nutrition تبين أن تناول مستخلص الشاي الأخضر لمدة 12 أسبوعا أدى إلى انخفاض واضح في الوزن ودهون الجسم وكذلك في مستويات الدهون الثلاثية عند المشاركين الذين يعانون من السمنة.
دراسة أخرى أجريت في إيران عام 2016 حول تأثير الزنجبيل على مرضى السكري من النوع الثاني أظهرت أن تناول غرامين من مسحوق الزنجبيل يوميا لمدة 12 أسبوعا أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستوى الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار مع تحسن في حساسية الإنسولين.
أما الليمون فدراسة نشرت في مجلة Nutrition عام 2017 أوضحت أن تناول عصير الليمون الطازج بانتظام ساعد على تقليل الدهون في الكبد وتحسين صورة الدهون في الدم بفضل محتواه العالي من مضادات الأكسدة.
طريقة تحضير المشروب
لتحضير هذا المشروب المنزلي الفعال يمكن غلي كوب من الماء ثم إضافة نصف ملعقة صغيرة من الشاي الأخضر مع شريحتين من الزنجبيل الطازج وتركه لبضع دقائق. بعد التصفية يضاف عصير نصف ليمونة ويشرب دافئا مرة أو مرتين يوميا ويفضل بعد الوجبات الدسمة لتقليل امتصاص الدهون.
من المهم أن يكون الشاي الأخضر طازجا وليس محلى بالسكر حتى لا يفقد فوائده. يمكن تحليته بكمية صغيرة من العسل الطبيعي عند الحاجة لكن الأفضل تناوله بدون إضافات.
أعشاب ومشروبات أخرى تدعم خفض الدهون الثلاثية
القرفة التي أثبتت فعاليتها في تحسين استقلاب الجلوكوز والدهون وخفض مستوى الدهون الثلاثية كما بينت عدة دراسات هندية وأمريكية
الحلبة التي تحتوي على ألياف قابلة للذوبان تقلل امتصاص الدهون في الأمعاء وتخفض مستوياتها في الدم
الكركم بفضل مادة الكركمين التي تحمي الكبد وتقلل من تخزين الدهون فيه وتساعد على خفض الالتهابات المصاحبة لارتفاع الدهون
الثوم الذي أظهرت دراسات متعددة أنه يقلل من الكوليسترول والدهون الثلاثية بفضل مركبات الكبريت النشطة
دور نمط الحياة
رغم أن المشروبات العشبية مثل الشاي الأخضر بالليمون والزنجبيل لها تأثير قوي على إذابة الدهون الثلاثية إلا أن فعاليتها تزداد بشكل كبير عند دمجها مع تغييرات في نمط الحياة مثل
ممارسة النشاط البدني بانتظام خاصة التمارين الهوائية مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة
تقليل تناول السكريات المكررة والمشروبات الغازية التي تعد من أكبر مسببات ارتفاع الدهون الثلاثية
تجنب الإفراط في تناول الكحول لأنه يرفع الدهون الثلاثية بشكل مباشر
الاعتماد على الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات والأسماك الغنية بأوميغا 3
فقدان الوزن الزائد حيث أن انخفاض 5 إلى 10 بالمئة من الوزن كفيل بتقليل الدهون الثلاثية بشكل ملحوظ.
ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم خطر صامت قد لا يسبب أعراضا مباشرة لكنه يضاعف احتمال الإصابة بأمراض القلب والكبد والبنكرياس. الحل ليس دوما في الأدوية فقط بل يمكن للطبيعة أن تقدم علاجات داعمة قوية. المشروب المنزلي المكون من الشاي الأخضر والزنجبيل والليمون يمثل مزيجا فعالا يساعد على إذابة الدهون الثلاثية وتحسين صحة الأوعية الدموية. ومع الالتزام بنمط حياة صحي يصبح من الممكن السيطرة على مستويات الدهون والوقاية من المضاعفات الخطيرة.
إن المفاجأة الحقيقية ليست في وجود مشروب سحري واحد بل في أن التوازن بين التغذية الطبيعية والحركة والنوم الكافي يمكن أن يغير مسار الصحة بالكامل ويجعل الجسم قادرا على تجديد نفسه وحماية القلب من أخطر الأعداء الصامتين.
