منوعات عامة

“كارثة صامتة”… الاستخدام الطويل لسماعات الأذن قد يضعف العصب السمعي ويقود لفقدان السمع التدريجي!!

في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبحت سماعات الأذن جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. نستخدمها في المواصلات، أثناء العمل، في ممارسة الرياضة، وحتى قبل النوم. ورغم الراحة التي توفرها، إلا أن الأطباء وخبراء السمع يقرعون ناقوس الخطر: الاستخدام الطويل لسماعات الأذن، خاصة مع رفع مستوى الصوت، قد يشكل كارثة صامتة تهدد حاسة السمع.

المشكلة أن فقدان السمع الناتج عن الضوضاء لا يحدث فجأة، بل يتطور ببطء على مدى سنوات، مما يجعل كثيرًا من الناس لا يلاحظونه إلا بعد فوات الأوان.

كيف تعمل الأذن والعصب السمعي؟

لفهم خطورة السماعات، لا بد من التعرف على كيفية عمل جهاز السمع:

تنتقل الموجات الصوتية من البيئة المحيطة إلى الأذن الخارجية، ثم الوسطى، وصولًا إلى الأذن الداخلية.

في الأذن الداخلية توجد خلايا دقيقة جدًا تُسمى الخلايا الشعرية، وظيفتها تحويل الاهتزازات الصوتية إلى إشارات كهربائية.

هذه الإشارات تُنقل عبر العصب السمعي إلى الدماغ ليتم تفسيرها على شكل أصوات.

لكن عند تعرض هذه الخلايا لمستويات عالية من الضوضاء لفترات طويلة، فإنها تبدأ بالتلف، وبمجرد أن تتلف لا يمكن تعويضها أو تجديدها، مما يؤدي إلى ضعف دائم في السمع.

كيف تسبب سماعات الأذن تلفًا سمعيًا؟

1. القرب الشديد من طبلة الأذن

سماعات الأذن الصغيرة توضع مباشرة في قناة الأذن، ما يجعل مستوى الصوت أقرب بكثير إلى طبلة الأذن مقارنة بمكبرات الصوت أو السماعات الكبيرة. هذا القرب يضاعف شدة الصوت التي تصل إلى الأذن الداخلية.

2. رفع مستوى الصوت للتغلب على الضوضاء

في الأماكن المزدحمة أو المواصلات، يضطر الكثيرون لرفع الصوت بشكل مفرط حتى يتمكنوا من الاستماع بوضوح. هذا الارتفاع المستمر هو أخطر ما يهدد العصب السمعي.

3. الاستخدام الطويل دون راحة

الاستماع لساعات طويلة يوميًا يؤدي إلى إجهاد الأذن الداخلية. الخلايا السمعية تحتاج فترات من الراحة، وإلا تبدأ بالتعرض للتلف التدريجي.

ما الذي تقوله الدراسات الطبية؟

منظمة الصحة العالمية (WHO) حذّرت في تقرير عام 2019 أن أكثر من مليار شاب حول العالم معرضون لخطر فقدان السمع بسبب الاستماع المفرط للموسيقى عبر سماعات الأذن.

المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة أكد أن التعرض المستمر لأصوات أعلى من 85 ديسيبل لفترة طويلة قد يسبب أضرارًا دائمة للخلايا الشعرية.

دراسة نشرتها مجلة الجمعية الأمريكية للسمعيات وجدت أن الشباب الذين يستخدمون السماعات أكثر من 3 ساعات يوميًا كانوا أكثر عرضة للإصابة بطنين الأذن وفقدان السمع المبكر مقارنة بغيرهم.

أعراض مبكرة لفقدان السمع الناتج عن السماعات

صعوبة سماع الأصوات الخافتة أو المحادثات في الأماكن المزدحمة.

الحاجة إلى رفع صوت التلفاز أو الهاتف أكثر من المعتاد.

سماع أصوات طنين أو صفير في الأذن خاصة بعد استخدام السماعات.

الشعور بانسداد أو ثِقَل داخل الأذن.

فقدان القدرة على تمييز بعض الترددات الصوتية، مثل أصوات الطيور أو الهمس.

تأثيرات أخرى غير فقدان السمع

طنين الأذن المستمر: قد يصبح مزعجًا لدرجة تؤثر على النوم والتركيز.

الصداع والتوتر: نتيجة الإجهاد السمعي المستمر.

ضعف التركيز والإدراك: لأن الدماغ يستهلك جهدًا أكبر لفهم الأصوات في وجود ضعف سمعي.

العزلة الاجتماعية: فقدان السمع التدريجي قد يدفع المصاب للانعزال عن المحادثات الاجتماعية.

كيف تحمي نفسك من هذه الكارثة الصامتة؟

1. قاعدة 60-60

يوصي الأطباء بالالتزام بما يُعرف بـ قاعدة 60-60:

لا ترفع الصوت أكثر من 60% من الحد الأقصى.

لا تستخدم السماعات لأكثر من 60 دقيقة متواصلة.

2. اختيار سماعات آمنة

السماعات الكبيرة التي تُغطّي الأذن (Over-ear) أفضل من تلك التي توضع داخل الأذن.

استخدام سماعات بميزة إلغاء الضوضاء يساعد على الاستماع بمستوى صوت منخفض.

3. منح الأذن فترات راحة

بعد كل ساعة من الاستماع، أزل السماعات واترك أذنيك تستريحان 5-10 دقائق.

تجنب استخدام السماعات أثناء النوم.

4. الفحص الدوري للسمع

إذا كنت تستخدم السماعات بكثرة، من المهم إجراء فحص سمع دوري.

الاكتشاف المبكر لأي ضعف في السمع قد يساعد على منعه من التدهور.

بدائل آمنة لاستخدام الصوت

الاستماع عبر مكبرات صوت خارجية بمستوى صوت معتدل.

استخدام برامج أو تطبيقات لتحديد مدة استخدام السماعات.

تثقيف الأطفال والمراهقين بخطورة رفع الصوت.

ماذا يقول الأطباء؟

الأطباء يعتبرون فقدان السمع الناتج عن الضوضاء إصابة يمكن الوقاية منها تمامًا. لكن المشكلة أن كثيرين لا ينتبهون للخطر إلا بعد أن يبدأوا بفقدان القدرة على السمع بشكل واضح. ولهذا فإن التغيير المبكر في عادات الاستخدام هو الحل الوحيد للحفاظ على السمع.

سماعات الأذن ابتكار رائع جعل الاستماع للموسيقى والاتصالات أسهل من أي وقت مضى، لكنها في الوقت نفسه تحمل وجهًا مظلمًا إذا أسيء استخدامها. الكارثة أنها لا تؤذي الأذن بشكل فوري، بل تدمر العصب السمعي بصمت وعلى مدى سنوات.

تذكر أن السمع نعمة لا تُقدّر بثمن، وما تفقده منها لا يمكن استعادته. حماية أذنيك تبدأ بقرارات بسيطة: اخفض الصوت، قلل من مدة الاستماع، امنح أذنيك الراحة، واختر سماعات أكثر أمانًا.

فلا تجعل الراحة اللحظية تتحول إلى فقدان دائم لأحد أهم حواسك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!