اعتقال صحافيين كبار في تركيا بعد كشفهم تحقيق صادم يهدد أردوغان.. والصحف المعارضة تستغيث: حرية الصحافة في خطر!

في مشهدٍ أعاد للأذهان أصعب فصول التضييق على الحريات، أقدمت السلطات التركية على احتجاز اثنين من أبرز الصحافيين الاستقصائيين في البلاد، ما أثار عاصفة من الغضب في الأوساط الإعلامية والسياسية، وأشعل نقاشًا واسعًا حول حدود حرية التعبير، خصوصًا حين تقترب الحقيقة من السلطة.
تيمور سويكان ومراد أغيريل، وهما من أشهر الصحافيين العاملين في الصحف المعارضة “جمهورييت” و”بيرغون”، تم توقيفهما يوم الخميس بعد تفتيش منزليهما، بتهم مثيرة للجدل هي: “الابتزاز” و”التهديد”، وذلك في سياق تحقيق مثير للريبة حول بيع محطة “فلاش هابر” التلفزيونية.
ما وراء التوقيف؟
رغم أن التهمة المعلنة تدور حول الابتزاز في صفقة بيع إعلامية، إلا أن الوقائع تشير إلى أمر مختلف تمامًا. حيث كان الصحافيان قد نشرا تحقيقات استقصائية دقيقة تناولت جوانب خفية في اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو، وهو الرجل الذي يُنظر إليه كأقوى منافس محتمل للرئيس رجب طيب إردوغان في الانتخابات القادمة.
التحقيقات التي نشراها على اليوتيوب مؤخرًا، تناولت معلومات صادمة تتعلق بما قيل إنها تلاعبات وتجاوزات قانونية طالت عددًا من رؤساء البلديات المعارضين، ما جعل الحكومة – بحسب مراقبين – تتحرك بسرعة لإخماد “صوت الحقيقة”.
احتجاجات وغضب شعبي
بيان النيابة العامة في إسطنبول جاء مقتضبًا، مؤكدًا أن الإجراءات “قانونية” وتشمل تفتيشًا ومصادرة لأغراض شخصية. لكن ردّة الفعل من الصحف المعارضة كانت صاخبة، حيث اعتبرت صحيفة “جمهورييت” أن التوقيف “سياسي بامتياز”، فيما كتب رئيس مجلس إدارة “بيرغون” إبراهيم أيدين:
“الحكومة لا تطارد المجرمين، بل تطارد من يكشف عنهم.”
سويكان وأغيريل.. صوت الشارع
الصحافيان المحتجزان يُعرفان بجرأتهما في تناول ملفات فساد وتجاوزات أمنية حساسة، وقد عملا سابقًا على تحقيقات كشفت تورّط مسؤولين كبار في قضايا تتعلق بالمال العام والصفقات المريبة.
وبحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، فإنهما واجها تهديدات متكررة، لكنهما واصلا العمل دون تراجع. المنظمة نفسها وصفت اعتقالهما بأنه “ضربة جديدة لحريّة الإعلام في تركيا”، خصوصًا أن البلاد شهدت اعتقال ١٣ صحافيًا منذ بدء احتجاجات ١٩ مارس التي اندلعت عقب اعتقال إمام أوغلو.
المشهد يزداد قتامة
اعتقال الصحافيين لا يقف عند حدود القصة المحلية، بل يعكس صراعًا أعمق بين السلطة وحرية الكلمة، خاصةً في بلدٍ يعاني إعلامه من الرقابة والقيود. ومع اقتراب موعد محاكمة عدد من الصحافيين في ١٨ أبريل، من ضمنهم مصور وكالة فرانس برس، يرى كثيرون أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل حرية التعبير بتركيا.
صدى دولي وقلق عالمي
الخبر لم يتوقف داخل حدود تركيا، بل أثار اهتمام وسائل إعلام أوروبية ودولية، خاصةً بعد اعتقال صحافي سويدي مؤخرًا بتهمة “الإرهاب” و”إهانة إردوغان”، وهو ما زاد من قلق المجتمع الدولي حيال تصاعد القمع الإعلامي في دولة تُعد حليفة للغرب ضمن حلف الناتو.
رسالة مفتوحة من الشارع التركي: “لن تُسكتونا!”
وسط هذه الأحداث المتسارعة، انطلقت حملات تضامن على مواقع التواصل مع الصحافيين المعتقلين، وتحوّلت تغريداتهم الأخيرة إلى شعارات احتجاجية، أبرزها:
“لن نُوقف حتى نُسكت.. ولن نُسكت إلا إن توقفتم عن الكذب!”
هل تُجبر هذه الموجة الحكومة التركية على التراجع؟ أم أن المشهد سيتّجه إلى مزيد من التوتر؟
الأيام القادمة قد تحمل مفاجآت ساخنة..
وسؤال واحد يطرح نفسه الآن: من التالي؟