“كارثة تنفسية تهدد الملايين ليلاً”… وضعية خاطئة أثناء النوم ترفع فرص الجلطات والسكتات المفاجئة… انتبه قبل أن يفوت الأوان !!

في كل ليلة، يخلد ملايين الأشخاص إلى النوم ظنًا منهم أنهم يركنون إلى الراحة والسكينة، غير مدركين أن وضعية نومهم قد تحمل في طياتها خطرًا صامتًا يتسلل إلى أجسادهم دون أن يشعروا. فبينما يظن البعض أن النوم على الظهر أو البطن أو الجنب هو مجرد تفضيل شخصي، تُظهر الدراسات الطبية أن بعض الوضعيات قد تؤدي إلى اضطرابات تنفسية حادة، بل وربما ترفع من احتمالية الإصابة بجلطات دموية وسكتات دماغية مفاجئة أثناء النوم.
فهل من المعقول أن تكون وضعية نومك السبب في كارثة صحية قد تودي بحياتك؟ هذا ما سنتناوله بالتفصيل في هذا التحقيق الطبي الحقيقي والخطير.
بحسب تقرير صدر عن المعهد الوطني الأمريكي لأمراض القلب والرئة والدم، فإن النوم في وضعية غير مناسبة، وخصوصًا على الظهر، قد يؤدي إلى انزلاق اللسان نحو الخلف مما يعيق مجرى الهواء جزئيًا أو كليًا. هذا الانسداد يمكن أن يسبب انقطاع التنفس أثناء النوم وهو ما يُعرف بـ “Sleep Apnea” أو انقطاع النفس النومي.
انقطاع النفس المتكرر يؤدي إلى نقص الأكسجين في الدماغ والقلب، مما يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، واضطرابات نظم القلب، والسكتات الدماغية، بل وحتى النوبات القلبية المفاجئة في الحالات الشديدة.
ملايين الحالات لا تعلم أنها تعاني
المفاجئ في الأمر أن الملايين حول العالم يعانون من هذا الاضطراب دون أن يدركوا. فهم ينامون ويستيقظون وهم يشعرون بالإرهاق، أو بصداع صباحي، أو ضيق في الصدر، دون أن يربطوا ذلك بوضعية نومهم أو بوجود مشكلة تنفسية حادة تحدث في الليل. وفي حالات كثيرة، تكون أول إشارة لمشكلة النوم تلك هي جلطة مفاجئة أو سكتة دماغية أثناء الليل أو بعد الاستيقاظ مباشرة.
ماذا تقول الأبحاث الحديثة؟
أشارت دراسة حديثة نشرت في مجلة الجمعية الأمريكية للقلب أن هناك علاقة مباشرة بين انقطاع النفس النومي وبين خطر الإصابة بالجلطات الدماغية بنسبة قد تصل إلى ٣ أضعاف لدى الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب دون علاج.
وتوضح الدراسة أن الجسم في حالة انقطاع النفس يفرز كميات كبيرة من الأدرينالين والكورتيزول، وهي هرمونات ترفع من ضغط الدم وتؤثر على مرونة الأوعية الدموية. ومع التكرار اليومي لهذا الانقطاع التنفسي، تبدأ الأوعية في التدهور مما يجعل الجسم عرضة للانسداد أو التجلط.
النوم على البطن… خيار غير آمن
قد يعتقد البعض أن النوم على البطن يمنع الشخير أو يحسن التنفس، لكنه في الحقيقة يزيد من الضغط على الرقبة والفقرات العنقية، ويؤدي إلى انضغاط الرئتين مما يعيق دخول الهواء بشكل طبيعي. هذا الضغط المستمر يساهم في تقليل كمية الأكسجين الداخلة إلى الجسم، ويجعل القلب يعمل بجهد أكبر لتعويض النقص، ما يؤدي مع مرور الوقت إلى إرهاق عضلة القلب ورفع فرص السكتة القلبية أو الدماغية.
الوضعية الأكثر أمانًا أثناء النوم
بحسب التوصيات الطبية، تُعتبر وضعية النوم على الجنب الأيسر هي الأكثر أمانًا لصحة القلب والرئتين والجهاز الهضمي. هذه الوضعية تسمح بتصريف الليمف والسوائل من الجسم بسهولة، وتقلل من الضغط على القلب، وتفتح مجرى التنفس بشكل أفضل.
وفي المقابل، ينصح الأطباء بشدة بتجنب النوم على الظهر بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الشخير أو مشاكل التنفس، وكذلك تجنب النوم على البطن خصوصًا لمن لديهم تاريخ من أمراض القلب أو اضطرابات التنفس.
أعراض يجب أن لا تتجاهلها
إذا كنت تعاني من أحد الأعراض التالية، فربما يكون ذلك مؤشرًا على وجود اضطراب في التنفس أثناء النوم، وعليك مراجعة الطبيب فورًا:
الشخير المرتفع والمتكرر
توقف النفس أثناء النوم
الصداع الصباحي المتكرر
الإرهاق الشديد رغم نوم ساعات كافية
الاستيقاظ المفاجئ مع الشعور بالاختناق
ضعف التركيز والذاكرة
رسالة توعية وتحذير قبل فوات الأوان
الكثير من الناس لا يدركون أن النوم الخاطئ قد يكون سببًا في كارثة صحية صامتة. ولأن الوقاية خير من العلاج، فإن إعادة النظر في وضعية النوم أمر ضروري، لا سيما لدى كبار السن، ومرضى الضغط والقلب، ومن يعانون من السمنة أو السكري.
من المهم أيضًا مراجعة الطبيب المختص في حال وجود أي أعراض مقلقة، وقد يحتاج البعض إلى إجراء دراسة نوم كاملة لتشخيص المشكلة بدقة واتخاذ التدابير المناسبة قبل أن يقع المحظور.
وضعية نومك قد تبدو مسألة بسيطة في الظاهر، لكنها في الواقع قد تُحدث فرقًا بين الحياة والموت. وبينما يبحث الجميع عن الراحة، يجب أن نعي أن الراحة الحقيقية لا تأتي إلا حين يكون الجسد في وضعية سليمة تسمح له بالتنفس الصحيح ودوران الدم الطبيعي.