“اكتشاف يهز الأوساط الطبية”… نبات شائع في البيوت العربية قد يكون سلاحاً ضد سرطان القولون!!

في عالم الطب الحديث، ومع التطور الهائل في العلاجات والتقنيات، لا يزال العلماء يبحثون عن بدائل أكثر أمانًا وفعالية لعلاج الأمراض المستعصية، وعلى رأسها السرطان. وبينما يركز معظم الباحثين على العقاقير المصنعة مخبريًا، بدأت الأنظار مؤخرًا تتجه نحو النباتات الطبية التي طالما استخدمها البشر عبر التاريخ، لكنها لم تحظى بالدراسة العلمية الكافية.
أحدث ما تم الإعلان عنه مؤخرًا جاء من جامعة الشارقة، حيث كشف فريق بحثي عن نتائج مثيرة تتعلق بعشبة الشيح الأبيض، وهي نبات عطري طبي معروف في مناطق شمال أفريقيا والشرق الأوسط، استُخدم منذ مئات السنين لعلاج أمراض مختلفة مثل الالتهابات المعوية، أمراض الجهاز التنفسي، ارتفاع ضغط الدم، وحتى داء السكري.
الاكتشاف العلمي الذي أدهش الباحثين
في دراسة حديثة نشرت في مجلة علمية محكمة متخصصة في علوم الغذاء والتغذية، قام الباحثون بفحص تأثير مستخلص عشبة الشيح الأبيض على خلايا سرطان القولون والمستقيم. النتائج كانت مدهشة بكل المقاييس، حيث تبين أن المستخلص قادر على إيقاف نمو الخلايا السرطانية وتحفيز موتها بشكل انتقائي، دون التأثير على الخلايا السليمة بنفس الدرجة.
تفاصيل التجربة
تم جمع عينات من الشيح الأبيض من جنوب الأردن في مايو 2021، وهي مناطق معروفة بجودة هذا النبات. بعد عملية التجفيف في الظل للحفاظ على مكوناته الفعالة، طُحنت الأجزاء الهوائية للنبات إلى مسحوق ناعم، ثم خضع هذا المسحوق لعملية استخلاص دقيقة للحصول على أعلى تركيز من المواد الكيميائية النباتية النشطة.
عند اختبار المستخلص على ثمانية أنواع مختلفة من خلايا سرطان القولون والمستقيم في بيئة مخبرية، لاحظ العلماء عدة تأثيرات أساسية:
تثبيط نمو الخلايا السرطانية خلال فترة قصيرة نسبيًا.
تحفيز موت الخلايا المبرمج وهي عملية انتحار طبيعية تقوم بها الخلايا التالفة.
تعطيل بروتينات حيوية مثل Cyclin B1 وCDK1 المسؤولة عن انقسام الخلايا السرطانية.
حجب مسارات إشارات خلوية خطيرة مثل PI3K/AKT/mTOR والتي تعتبر أساسية في تطور وانتشار الأورام.
لماذا يعد هذا الاكتشاف مهمًا؟
سرطان القولون والمستقيم يُعد ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم، وهو سبب رئيسي للوفيات الناتجة عن الأورام. وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى تسجيل ما يقرب من مليوني إصابة جديدة سنويًا، مع أكثر من مليون حالة وفاة، خاصة بين من تجاوزوا سن الخمسين.
العلاج الكيميائي التقليدي، على الرغم من فعاليته، يرتبط بآثار جانبية قوية مثل تساقط الشعر، ضعف المناعة، الإرهاق الشديد، وفقدان الشهية. والأسوأ من ذلك أن بعض الخلايا السرطانية تصبح مقاومة له بمرور الوقت. وهنا تأتي أهمية اكتشاف مثل هذا النبات، الذي قد يوفر بديلاً أو علاجًا مكملاً بآثار جانبية أقل.
ماذا يقول العلماء؟
تقول الدكتورة لارا بو ملهب، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إن النتائج التي توصلوا إليها تفتح الباب أمام تطوير علاجات طبيعية جديدة للسرطان. وتضيف أن المستخلص أظهر سمية انتقائية ضد الخلايا السرطانية دون التأثير الكبير على الخلايا الطبيعية، وهو ما يشير إلى إمكانية دمجه مع العلاجات الحالية لتقليل الجرعات الدوائية وتقليل الآثار السلبية على المريض.
ما الذي يجعل الشيح الأبيض مميزًا؟
الشيح الأبيض يحتوي على مجموعة واسعة من المركبات النشطة مثل الفلافونويدات، التربينات، والزيوت الطيارة، وهي مواد معروفة بخصائصها المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات والمضادة للأورام. هذه المواد تعمل بشكل متكامل لتعطيل العمليات الحيوية التي تحتاجها الخلايا السرطانية للبقاء والانقسام.
الخطوة التالية
الباحثون يؤكدون أن هذه النتائج، رغم قوتها، لا تزال في المرحلة المخبرية، وأن هناك حاجة إلى تجارب أوسع على الحيوانات والبشر قبل اعتماد الشيح الأبيض كعلاج معتمد. ومع ذلك، فإن هذا الاكتشاف يعد إشارة قوية إلى أن الطبيعة لا تزال تحمل بين طياتها حلولًا قد تغير قواعد اللعبة في مكافحة السرطان.
قد تكون عشبة تنمو على أطراف الحقول وفي الأراضي الجافة مفتاحًا جديدًا لعلاج أحد أخطر الأمراض في عصرنا. الشيح الأبيض، الذي عرفته أجدادنا كعلاج شعبي بسيط، ربما يتحول قريبًا إلى جزء أساسي من بروتوكولات علاج السرطان الحديثة.