منوعات عامة

مشروبًا طبيعي يوازن الكوليسترول ويحمي من أمراض القلب

في واحدة من أكثر الدراسات الطبية إثارة في السنوات الأخيرة، كشف طبيب بريطاني بارز متخصص في أمراض القلب والأوعية الدموية عن مشروب طبيعي بسيط يمكنه أن يحدث فرقًا حقيقيًا في صحة القلب ويقلل من خطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية. المشروب الذي تحدث عنه الطبيب ليس مكلفًا ولا نادر الوجود، بل هو متوفر في أغلب المنازل ويمكن تحضيره بسهولة، ومع ذلك فإن تأثيره على الجسم فاق التوقعات الطبية وأكدته دراسات علمية متعددة.

الدكتور “مايكل جونستون”، استشاري القلب في مستشفى لندن الجامعي، أوضح أن مشروب الشاي الأخضر يمتلك قدرة فريدة على خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL في الدم، مع الحفاظ على الكوليسترول النافع HDL، ما يجعله واحدًا من أفضل المشروبات الوقائية لصحة القلب. وأشار في تقرير نشرته صحيفة British Medical Journal إلى أن الانتظام في تناول كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميًا من الشاي الأخضر يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 25%.

السر في فعالية هذا المشروب يكمن في احتوائه على مركبات قوية تُعرف باسم الكاتيشينات، وهي من مضادات الأكسدة التي تمنع تراكم الدهون على جدران الشرايين وتُبطئ من عملية الأكسدة التي تؤدي إلى تصلب الشرايين. هذه المركبات تعمل أيضًا على تحسين مرونة الأوعية الدموية وتنظيم ضغط الدم، مما ينعكس بشكل مباشر على خفض احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية أو الجلطات الدماغية.

وبحسب دراسة أجراها باحثون من جامعة هارفارد الأمريكية، فإن الأشخاص الذين يتناولون الشاي الأخضر بانتظام يتمتعون بنسبة كوليسترول متوازنة أفضل من أولئك الذين لا يشربونه. وأشارت الدراسة إلى أن الكاتيشينات الموجودة في الشاي الأخضر تعمل على زيادة نشاط الكبد في التخلص من الدهون الثلاثية والكوليسترول الزائد، وهو ما يؤدي إلى تحسين شامل في عملية الأيض وحماية القلب من الترسبات الدهنية.

إضافة إلى ذلك، يحتوي الشاي الأخضر على مركب الإبيغالوكاتيشين جاليت (EGCG) الذي يُعتبر أقوى مضاد أكسدة طبيعي مكتشف حتى الآن، إذ يهاجم الجذور الحرة التي تسبب تلف الخلايا ويساهم في إبطاء الشيخوخة المبكرة لخلايا القلب والأوعية الدموية. كما أنه يساعد في تحسين كفاءة الجهاز المناعي وحماية الجسم من الالتهابات المزمنة التي تعد من العوامل المسببة لأمراض القلب.

الدكتور جونستون أشار أيضًا إلى أن الشاي الأخضر يساهم في تنظيم مستوى السكر في الدم، وهو عامل مهم في الوقاية من أمراض القلب، حيث إن ارتفاع السكر المزمن يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية. تناول الشاي الأخضر بشكل معتدل يساعد على تحسين حساسية الجسم للأنسولين ويقلل من الالتهابات الداخلية التي تضعف بطانة الأوعية الدموية.

من جهة أخرى، أكدت دراسة حديثة من جامعة كيوتو اليابانية أن الأشخاص الذين يتناولون الشاي الأخضر يوميًا لديهم معدل أقل للإصابة بارتفاع ضغط الدم، كما لوحظ لديهم انخفاض في مستوى الدهون الضارة في الدم. وأوضح الباحثون أن تأثير الشاي الأخضر يكون تراكميًا، أي أن نتائجه تتحسن مع الاستمرار في تناوله لفترات طويلة.

لكن الأطباء يشددون على أن طريقة تحضير المشروب تلعب دورًا أساسيًا في الاستفادة من فوائده. إذ يُنصح بتحضيره بالماء الساخن دون غليان مباشر على النار، لأن الحرارة الزائدة قد تدمر بعض المركبات النشطة في أوراق الشاي. كما يُفضّل شربه دون إضافة السكر، لأن السكر قد يُضعف من تأثير مضادات الأكسدة ويزيد من مستوى الدهون الثلاثية في الدم.

ويؤكد الأطباء أن الشاي الأخضر لا يُعد علاجًا مباشرًا لارتفاع الكوليسترول، ولكنه وسيلة فعالة داعمة للنظام الغذائي الصحي. لذلك ينصح بتناوله إلى جانب نظام غذائي متوازن يعتمد على الخضروات الطازجة، الأسماك الدهنية مثل السلمون، المكسرات، الحبوب الكاملة، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة والمقلية.

من الجدير بالذكر أن منظمة القلب البريطانية أوصت بإدخال الشاي الأخضر ضمن العادات الغذائية اليومية، خصوصًا للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع أمراض القلب أو الكوليسترول المرتفع. كما أظهرت مراجعة علمية شاملة نشرتها جامعة أكسفورد أن تناول الشاي الأخضر بانتظام يمكن أن يساهم في خفض معدل الوفيات الناتجة عن أمراض القلب بنسبة تصل إلى 20%.

ولا يقتصر تأثير هذا المشروب على القلب فحسب، بل يمتد إلى تحسين صحة الكبد والمخ وتقوية الذاكرة بسبب خصائصه المضادة للأكسدة والالتهابات. وقد أظهرت أبحاث أولية أن تناول الشاي الأخضر قد يساهم أيضًا في الوقاية من بعض أنواع السرطان بفضل تأثيره القوي في مقاومة تكاثر الخلايا غير الطبيعية.

يؤكد الدكتور جونستون أن الوقاية من أمراض القلب لا تعتمد على دواء أو مكمل واحد، بل على أسلوب حياة متكامل يشمل التغذية المتوازنة، النشاط البدني المنتظم، والراحة النفسية، ولكن وجود مشروب طبيعي مثل الشاي الأخضر يمكن أن يكون عنصرًا قويًا في دعم صحة القلب والشرايين بشكل مستمر وطبيعي وآمن.

إنه مثال واضح على كيف يمكن لعنصر بسيط من الطبيعة أن يتحول إلى سلاح فعّال في مواجهة أحد أكثر الأمراض انتشارًا في العالم. فقط كوب أو اثنان من هذا المشروب يوميًا قد يكونان كفيلين بإحداث فرق حقيقي في حياتك وصحتك القلبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!