أحداث مثيرة

عادة خطيرة يقوم بها الناس بعد الاستحمام مباشرة تُرهق القلب وتُعرض للجلطات

في خضم الحياة اليومية السريعة، قد لا ينتبه كثير من الناس إلى بعض السلوكيات البسيطة التي يظنون أنها عادية، لكنها في الحقيقة تُشكّل خطرًا كبيرًا على صحتهم القلبية والجسدية. من بين هذه العادات المنتشرة بشكل واسع، عادة خطيرة جدًا يقوم بها الناس بعد الاستحمام مباشرة دون إدراك لما تسببه من أضرار خفية، حيث كشف الأطباء أن هذه الممارسة يمكن أن تُرهق القلب، وتؤدي مع مرور الوقت إلى اضطرابات في الدورة الدموية، بل وقد ترفع من خطر الجلطات القلبية والمخية.

الأبحاث الطبية الحديثة بدأت تتناول تأثير الاستحمام على الجسم من منظور فسيولوجي دقيق، فعملية الاستحمام لا تقتصر على تنظيف الجسم فحسب، بل تُحدث تغيرات فورية في ضغط الدم، ودرجة حرارة الجلد، وتدفق الدم نحو الأطراف. وعندما يخرج الإنسان من الحمام فجأة أو يتعرض لتيارات هواء باردة بعد الاستحمام، تحدث صدمة حرارية صغيرة في الجسم. هذه الصدمة تدفع الأوعية الدموية إلى الانقباض بسرعة لحماية حرارة الجسم الداخلية، مما يُجهد القلب الذي يحاول الحفاظ على التوازن الحراري وضخ الدم بكفاءة.

لكن الأخطر من ذلك هو ما يفعله الكثيرون بعد الاستحمام مباشرة، وهو النوم أو الجلوس لفترة طويلة دون تجفيف الجسم جيدًا. فحين يظل الجلد رطبًا وباردًا، يتعرض الجسم لتقلب مفاجئ في درجة الحرارة الداخلية، وهذا يسبب ارتباكًا للجهاز العصبي الذاتي المسؤول عن تنظيم عمل القلب والأوعية الدموية. دراسات عدة أشارت إلى أن الأشخاص الذين يعتادون النوم بعد الاستحمام مباشرة في فترات المساء، خصوصًا بعد يوم طويل من التعب، هم أكثر عرضة لاضطراب ضربات القلب والشعور بالدوخة أو الخفقان المفاجئ.

وفي دراسة نُشرت في المجلة الأوروبية لعلم وظائف الأعضاء، أُجريت على أكثر من 200 شخص تتراوح أعمارهم بين 25 و55 عامًا، تبين أن التعرّض المفاجئ لبرودة الجو بعد الاستحمام الساخن يرفع ضغط الدم الانقباضي بنسبة تصل إلى 30% خلال دقائق فقط. هذه الزيادة المفاجئة تشكل ضغطًا على عضلة القلب، خاصة لدى من يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل في الشرايين. كما لوحظ أن هذه التغيرات المفاجئة قد تُضعف وظيفة الأوعية الدموية وتجعلها أكثر عرضة للتصلب بمرور الوقت.

عادة أخرى خطيرة يمارسها البعض هي الاستحمام بعد الأكل مباشرة. الجسم بعد تناول الطعام يوجه نسبة كبيرة من الدم نحو الجهاز الهضمي للمساعدة في عملية الهضم. وعندما يستحم الشخص بعد الأكل، فإن الأوعية الدموية في الجلد تتمدد بفعل حرارة الماء، ما يُضعف تدفق الدم نحو الأمعاء، ويُرهق القلب الذي يحاول تعويض هذا الخلل. وهذا يفسر شعور بعض الأشخاص بالدوخة أو الخمول الشديد بعد الاستحمام في هذه الحالة، وقد يؤدي تكرارها إلى إجهاد القلب أو حتى انهيار مفاجئ لدى كبار السن أو المصابين بأمراض القلب.

كما حذر الأطباء من الاستحمام بالماء شديد البرودة بعد مجهود بدني أو ممارسة رياضة مكثفة، لأن الجسم في تلك اللحظة يكون في حالة توسع وعائي وزيادة في ضربات القلب. وعند التعرض المفاجئ للماء البارد، تنقبض الأوعية بسرعة مما يؤدي إلى اضطراب في تدفق الدم إلى القلب والمخ. وقد تم تسجيل عدة حالات لجلطات قلبية حدثت بعد دقائق من الاستحمام البارد مباشرة عقب التمارين.

ولذلك، ينصح الخبراء باتباع خطوات محددة للحفاظ على سلامة القلب والدورة الدموية أثناء وبعد الاستحمام:

1. تجنب الخروج المفاجئ من الحمام إلى أماكن باردة أو تحت المكيف مباشرة. يُفضل البقاء لبضع دقائق داخل الحمام حتى يتأقلم الجسم تدريجيًا مع درجة الحرارة.

2. تجفيف الجسم بالكامل بمنشفة دافئة قبل ارتداء الملابس، لتفادي فقدان الحرارة السريع.

3. عدم الاستحمام بعد الأكل مباشرة، بل الانتظار مدة لا تقل عن 60 إلى 90 دقيقة.

4. تجنب النوم فورًا بعد الاستحمام لأن الجسم يحتاج إلى وقت ليستعيد توازنه الحراري، ويفضّل الجلوس أو المشي الخفيف لبعض الوقت.

5. في الشتاء، يُنصح باستخدام ماء فاتر وليس ساخنًا جدًا، لأن الحرارة العالية تُسبب توسعًا مفرطًا في الأوعية الدموية، ما قد يؤدي إلى انخفاض مفاجئ في ضغط الدم عند الخروج من الحمام.

وتشير دراسات أخرى أجرتها جامعة طوكيو إلى أن الأشخاص الذين يستحمون بالماء الفاتر في المساء مع تجفيف الجسم جيدًا والنوم بعد نصف ساعة يتمتعون بنوم أعمق ونبض قلبي أكثر انتظامًا مقارنة بمن يستحمون مباشرة قبل النوم.

الأطباء أيضًا يلفتون الانتباه إلى أن القلب لا يحب التغيرات المفاجئة سواء في درجة الحرارة أو في نمط التنفس، وأن الجسم بعد الاستحمام يكون في حالة حساسة، خصوصًا لدى من يعانون من أمراض القلب أو ارتفاع الكولسترول. لذلك، يُعد الحفاظ على اعتدال درجة الحرارة والتصرف بهدوء بعد الاستحمام من الأمور البسيطة التي يمكن أن تقي الإنسان من مضاعفات خطيرة في المستقبل.

إن ما يظنه البعض أمرًا بسيطًا أو عادة يومية لا تستحق الانتباه، قد يكون في الحقيقة عامل خطر غير متوقع. فالقلب – وهو العضو الذي لا يتوقف عن العمل – يحتاج إلى توازن دائم واستقرار في ضغط الدم ودرجة الحرارة. وأي اضطراب مفاجئ بسبب عادات خاطئة بعد الاستحمام قد يخلّ بهذا التوازن ويعرض صاحبه لأزمات قلبية غير متوقعة.

في النهاية، يمكن القول إن الوعي بالعادات اليومية الصغيرة يُعد أحد أهم مفاتيح الوقاية من أمراض القلب والجلطات. فالاستحمام يجب أن يكون لحظة راحة وتجديد، لا سببًا في إنهاك القلب أو إصابته بالإجهاد. والعلم اليوم يؤكد أن الوقاية تبدأ من التفاصيل الصغيرة التي نتجاهلها، مثل الطريقة التي نخرج بها من الحمام أو ما نفعله بعدها مباشرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!