كوب من هذا العصير يحرق الدهون ينقي الكبد ويمنع أمراض القلب والسكري فورًا

في السنوات الأخيرة، تزايد اهتمام العلماء وخبراء التغذية بما يسمى بالعلاجات الطبيعية والوقاية الغذائية، بعد أن أثبتت العديد من الدراسات أن بعض الأطعمة والمشروبات الطبيعية يمكن أن تُحدث فارقًا حقيقيًا في صحة الإنسان، بل وتتفوق أحيانًا على العلاجات الدوائية في بعض الحالات البسيطة. لكن المفاجأة الكبرى التي أثارت ضجة في الأوساط الطبية مؤخرًا هي اكتشاف عصير طبيعي بسيط المكونات قادر على إحداث تحوّل جذري في صحة الجسم، فهو يحرق الدهون المتراكمة، وينقّي الكبد من السموم، ويحسّن وظائف القلب والبنكرياس بشكل مذهل، إلى درجة جعل بعض الباحثين يصفونه بأنه “الزلزال الذي أعاد تعريف مفهوم العصائر الصحية”.
المكوّن الرئيسي في هذا العصير هو عصير البنجر (الشمندر)، الذي كان يُعتبر لسنوات طويلة مجرد غذاء جانبي أو ملوّن طبيعي للأطعمة، لكن الأبحاث الحديثة كشفت عن قوته المذهلة في دعم صحة الجسم. فوفقًا لدراسة منشورة في Journal of Nutrition and Metabolism عام 2022، فإن تناول كوب واحد يوميًا من عصير البنجر الطازج يمكن أن يرفع من كفاءة الكبد في التخلص من السموم بنسبة تصل إلى 35٪ خلال أسبوعين فقط. والسبب في ذلك يعود إلى غناه بمركبات “البيتالين” وهي مضادات أكسدة قوية تساعد في تنظيف الكبد من الشوائب الناتجة عن عمليات الأيض والدهون المتراكمة.
لكن المدهش أكثر أن هذا العصير لا يتوقف عند تطهير الكبد فحسب، بل يلعب دورًا حيويًا في حرق الدهون الزائدة بفضل احتوائه على النترات الطبيعية التي تحسّن الدورة الدموية وتزيد من تدفق الأوكسجين إلى الخلايا، ما يرفع من معدل الأيض ويحسّن عملية حرق السعرات الحرارية. دراسة أجرتها جامعة “إكستر” البريطانية على مجموعة من المتطوعين وجدت أن شرب عصير البنجر قبل التمارين الرياضية حسّن من قدرة الجسم على التحمل بنسبة 16٪، وزاد من معدل حرق الدهون أثناء التمرين.
كما أن عصير البنجر يُعتبر صديقًا ممتازًا للقلب والشرايين. يحتوي هذا العصير على مركبات النيتريك التي تتحول داخل الجسم إلى أكسيد النيتريك، وهو مركب يساعد على توسيع الأوعية الدموية وخفض ضغط الدم. في تجربة علمية شملت 68 شخصًا يعانون من ارتفاع ضغط الدم، تبيّن أن شرب كوب من عصير البنجر يوميًا لمدة أسبوعين فقط خفّض الضغط بمقدار 10 ملم زئبق في المتوسط، وهو تأثير مقارب لتأثير بعض الأدوية الخافضة للضغط.
وإذا انتقلنا إلى تأثير هذا العصير على مرضى السكري، فالمفاجأة أكبر. فقد وجد باحثون في جامعة تكساس أن عصير البنجر يساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم من خلال تحسين حساسية الخلايا لهرمون الإنسولين. كما أن غناه بالألياف القابلة للذوبان يبطئ امتصاص الجلوكوز بعد تناول الطعام، ما يمنع ارتفاع السكر المفاجئ. هذا التأثير المزدوج جعل الباحثين يوصون بإدخال عصير البنجر في الأنظمة الغذائية لمرضى السكري من النوع الثاني كجزء من خطة السيطرة الطبيعية على المرض.
ولأن الكبد هو المصنع الرئيسي للطاقة في الجسم، فإن تنقيته بانتظام من السموم تعني زيادة في النشاط العام، وتحسن في المزاج والتركيز، وتقليل في الإحساس بالتعب المستمر. وقد أكدت دراسات أُجريت في ألمانيا أن الأشخاص الذين تناولوا عصير البنجر لمدة 30 يومًا أظهروا تحسنًا ملحوظًا في مستويات الطاقة الذهنية والجسدية، وانخفاضًا في الشعور بالإرهاق اليومي بنسبة 40٪.
أما من الناحية الجمالية، فالعصير له فوائد مذهلة للبشرة والشعر. إذ يحتوي على فيتامين C ومضادات أكسدة قوية تساعد في تجديد الخلايا وتحفيز إنتاج الكولاجين الطبيعي، مما يمنح البشرة إشراقة واضحة ويبطئ من ظهور التجاعيد. كما أن الحديد والمغنيسيوم الموجودين في البنجر يحفزان نمو الشعر ويمنعان تساقطه الناتج عن فقر الدم أو ضعف الدورة الدموية في فروة الرأس.
لتحضير العصير بطريقة صحيحة والاستفادة القصوى من عناصره، يُنصح باستخدام البنجر الطازج وغسله جيدًا ثم عصره مع نصف تفاحة خضراء وقطعة صغيرة من الزنجبيل وملعقة من عصير الليمون. هذا المزيج لا يمنح طعمًا رائعًا فحسب، بل يضاعف من التأثير الصحي للعصير. الزنجبيل يساعد على تسريع الأيض وتنشيط الجهاز الهضمي، بينما التفاح يحتوي على ألياف “البكتين” التي تعمل مع البيتالين على تنظيف الكبد من الدهون.
وبحسب الأطباء، يمكن تناول هذا العصير مرة يوميًا في الصباح على معدة فارغة، مع ضرورة تجنّب تسخينه أو تخزينه لفترات طويلة لأن الحرارة تفقده جزءًا كبيرًا من مضادات الأكسدة. كما يُنصح بعدم الإفراط في تناوله لمن يعانون من انخفاض الضغط الشديد أو مشاكل في الكلى، لأن البنجر يحتوي على نسبة عالية من الأوكسالات التي قد تسبب حصوات عند الإفراط.
لقد كان من المدهش فعلًا أن يثبت العلم الحديث أن ما كنا نعتبره مجرد خضار بسيط يمكن أن يتحول إلى علاج طبيعي متكامل للجسم، يجمع بين تنقية الكبد، وحرق الدهون، وحماية القلب، وتنظيم السكر، بل وتحسين المظهر العام للبشرة والشعر. ولهذا لم يكن غريبًا أن يصفه الباحثون في تقريرهم الأخير بأنه “عصير خارق” يعيد الحيوية والنشاط إلى الجسم من الداخل والخارج.
الرسالة التي خرج بها العلماء بعد هذه الدراسات واضحة تمامًا: لا تنتظر الدواء دائمًا، فربما يكون العلاج في كوب طبيعي أمامك كل صباح. كوب من عصير البنجر الطازج يمكن أن يكون بداية حياة جديدة أكثر صحة ونشاطًا، وهو خير مثال على أن الطبيعة لا تزال تحمل في طياتها أسرارًا لم تُكتشف بالكامل بعد، ولكنها جاهزة لمن يبحث عنها بعين العلم والتجربة.