منوعات عامة

فاكهة مهملة تنظف الشرايين وتقوي المناعة وتمنع الشيخوخة المبكرة

في عالم تتسارع فيه وتيرة الاكتشافات العلمية الطبية، يخرج العلماء بين حين وآخر بنتائج تُحدث ضجة حقيقية في الأوساط الصحية، لكن ما تم الإعلان عنه مؤخرًا فاجأ الجميع، إذ تبيّن أن فاكهة مهملة ورخيصة الثمن، متوفرة في أغلب الأسواق، تمتلك خصائص علاجية ووقائية مذهلة قادرة على تنظيف الشرايين من الترسبات الدهنية، تعزيز جهاز المناعة، وإبطاء مظاهر الشيخوخة المبكرة بشكل لم يسبق توثيقه من قبل. هذه الفاكهة التي كان الناس يتجاهلونها لسنوات، أصبحت اليوم محط اهتمام الباحثين حول العالم بعد سلسلة دراسات طبية أثبتت فعاليتها المذهلة.

البحث الذي أجراه فريق من جامعة هارفارد بالتعاون مع معهد التغذية بجامعة أكسفورد ركّز على فاكهة الكيوي، التي تبيّن أنها ليست مجرد مصدر لفيتامين سي، بل تحتوي على تركيبة فريدة من مضادات الأكسدة القوية مثل البوليفينولات والفلافونويدات، إضافة إلى الإنزيم النادر المسمى أكتينيدين الذي يساهم في تفكيك البروتينات وتنظيف الجهاز الهضمي من السموم. نتائج الدراسة أوضحت أن تناول ثمرتين من الكيوي يوميًا لمدة ثمانية أسابيع أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات الكولسترول الضار LDL وارتفاع نسبة الكولسترول الجيد HDL، مما يعني تحسين تدفق الدم وتقليل احتمالية انسداد الشرايين.

الأمر المدهش أن الكيوي لا يكتفي فقط بدعم القلب، بل يعمل على تقوية جهاز المناعة بشكل استثنائي. فقد كشفت دراسة أخرى نُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية الإكلينيكية أن الأشخاص الذين تناولوا الكيوي يوميًا كانوا أقل عرضة للإصابة بنزلات البرد والالتهابات الفيروسية مقارنة بمن لم يتناولوه. ويُعزى هذا التأثير إلى احتواء الكيوي على جرعات عالية من فيتامين سي وفيتامين إي، وهما من أقوى مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من الإجهاد التأكسدي الذي يسبب ضعف المناعة وشيخوخة الخلايا.

كما أشارت الأبحاث إلى أن هذه الفاكهة الصغيرة تمتلك قدرة فريدة على محاربة الشيخوخة المبكرة. فالكيوي غني بمركبات تحفّز إنتاج الكولاجين في البشرة، مما يساعد على الحفاظ على مرونة الجلد وتأخير ظهور التجاعيد. وفي دراسة أجرتها جامعة طوكيو، لاحظ العلماء أن تناول الكيوي بانتظام حسّن من بنية البشرة وزاد من ترطيبها الطبيعي، بفضل احتوائه على مركبات نباتية تحمي الخلايا من أضرار الأشعة فوق البنفسجية والجذور الحرة التي تتسبب بتلف الخلايا.

إضافة إلى فوائده للقلب والمناعة والبشرة، للكيوي دور فعّال في تحسين الهضم، إذ يحتوي على ألياف قابلة للذوبان تساعد على تنظيم حركة الأمعاء وتقليل الانتفاخ والإمساك. هذه الخاصية جعلت العديد من خبراء التغذية ينصحون بإدخاله ضمن النظام الغذائي اليومي، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات القولون أو عسر الهضم. كما أن الكيوي يتميز بمؤشر سكري منخفض، ما يجعله آمنًا لمرضى السكري الذين يحتاجون إلى ضبط مستوى الجلوكوز في الدم دون حرمان أنفسهم من الفواكه.

ومن الجوانب المثيرة للاهتمام أن الكيوي يمتلك تأثيرًا إيجابيًا على جودة النوم، إذ يحتوي على السيروتونين الطبيعي الذي يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتحسين المزاج وتنظيم دورة النوم. دراسة من جامعة تايبيه الطبية أظهرت أن الأشخاص الذين تناولوا حبتين من الكيوي قبل النوم بساعة واحدة يوميًا لمدة شهر، لاحظوا تحسنًا كبيرًا في جودة نومهم واستغراقهم السريع فيه، وهو ما يجعل الكيوي غذاءً مثاليًا للذين يعانون من الأرق أو اضطرابات النوم.

ولا تتوقف فوائد الكيوي عند هذا الحد، فقد اكتشف العلماء أنه يحتوي على مستويات مرتفعة من مادة اللوتين والزياكسانثين، وهما مركبان يحميان شبكية العين من التلف الناتج عن التعرض المستمر للأشعة الزرقاء والضوء القوي. هذا يعني أن تناول الكيوي بانتظام يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالتنكس البقعي المرتبط بتقدم العمر، وهو أحد الأسباب الرئيسية لفقدان البصر لدى كبار السن.

من الناحية الغذائية، يحتوي كل 100 غرام من الكيوي على حوالي 90 ملغ من فيتامين سي، أي أكثر من ضعف الكمية الموجودة في البرتقال. كما أنه غني بالبوتاسيوم والمغنيسيوم، وهما عنصران ضروريان للحفاظ على توازن ضغط الدم وصحة العضلات. هذه التركيبة الغذائية تجعله أحد أكثر الفواكه تكاملًا من الناحية الصحية، مما يبرر الاهتمام العالمي المتزايد به في الأبحاث الحديثة.

ويؤكد الأطباء وخبراء التغذية أن سر فعالية الكيوي يكمن في تناوله طازجًا دون طهي، لأن الحرارة العالية قد تُفقده نسبة من مضادات الأكسدة والفيتامينات الحساسة. كما يُنصح بتناوله مع القشر بعد غسله جيدًا، إذ يحتوي القشر على نسبة مرتفعة من الألياف ومركبات الفلافونويد التي تعزز مقاومة الجسم للأمراض.

إن ما تم اكتشافه حول الكيوي ليس مجرد خبر عابر، بل يمثل تحولًا في فهمنا لتأثير الفواكه على صحة الإنسان. فهذه الفاكهة المهملة التي ربما كنا نتجاهلها على رفوف الأسواق أصبحت اليوم رمزًا للغذاء الوقائي القادر على تحسين عمل القلب، تعزيز المناعة، مكافحة الشيخوخة، وتنشيط خلايا الجسم بشكل طبيعي وآمن. ومع تصاعد الاهتمام بالوقاية بدل العلاج، يبدو أن الكيوي سيأخذ مكانه المستحق كواحد من أهم أسرار الصحة الدائمة والشباب المتجدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!