مشروب طبيعي من عشبة مشهورة يوقف التهاب المفاصل… ويعيد الحركة للركب خلال أيام

في واحدة من أكثر الدراسات الطبية التي أثارت اهتمام الأطباء في أوروبا مؤخرًا، كشف طبيب ألماني متخصص في أمراض العظام والمفاصل عن نتائج مذهلة لمشروب طبيعي بسيط يُحضّر من عشبة معروفة في معظم دول العالم، وُجد أنه قادر على تخفيف التهابات المفاصل وتحسين مرونة الركب خلال فترة قصيرة، حتى لدى المرضى الذين يعانون من تصلب المفاصل المزمن. هذا الاكتشاف أعاد الأمل لملايين الأشخاص الذين يعانون من الألم وصعوبة الحركة اليومية، خاصة في الفئات المتقدمة في العمر.
الدراسة التي أجراها البروفيسور هاينز مولر من جامعة ميونيخ، ركزت على عشبة الكركم التي تُعرف في الطب التقليدي بخصائصها العلاجية القوية ضد الالتهاب. يقول البروفيسور مولر إنّ الكركم يحتوي على مادة فعالة تُسمّى الكركمين، وهي من أقوى مضادات الالتهابات الطبيعية التي تم التعرف عليها حتى اليوم. وقد لاحظ الباحثون أنّ تناول مشروب محضّر من الكركم بانتظام أدى إلى انخفاض ملحوظ في مؤشرات الالتهاب في الدم، وتحسّن واضح في مرونة المفاصل، خاصة في الركبتين.
الدراسة استمرت على مدى ثلاثة أشهر وشارك فيها أكثر من 200 مريض يعانون من التهاب المفاصل بدرجات متفاوتة. تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين: الأولى تناولت مشروب الكركم يوميًا، بينما الثانية تناولت دواءً تقليديًا مضادًا للالتهاب. المفاجأة كانت أنّ نتائج المجموعة التي اعتمدت على الكركم فاقت التوقعات، حيث شهد أكثر من 80% من المرضى تحسّنًا ملحوظًا في الحركة وانخفاضًا في الألم دون أي آثار جانبية تُذكر، مقارنة بالمجموعة الثانية التي تعرض بعض أفرادها لمشكلات في المعدة والكبد نتيجة الدواء الكيميائي.
وأوصى الأطباء بإعداد المشروب بطريقة بسيطة تضمن الاستفادة القصوى من مادة الكركمين، وذلك عبر غلي نصف ملعقة صغيرة من مسحوق الكركم الطازج في كوب من الماء لمدة خمس دقائق، ثم تركه ليبرد قليلًا وإضافة بضع قطرات من زيت الزيتون أو رشة صغيرة من الفلفل الأسود. السبب في ذلك أنّ مادة الكركمين لا تذوب جيدًا في الماء، لكن الدهون والفلفل الأسود يزيدان من امتصاصها في الجسم بمعدل قد يصل إلى 2000% حسب دراسات منشورة في Journal of Nutritional Biochemistry.
ولم تتوقف الفوائد عند هذا الحد، فقد أظهرت تجارب لاحقة أنّ مشروب الكركم يساعد أيضًا في تقوية العظام وتحسين كثافتها، بفضل محتواه من مضادات الأكسدة التي تحارب الجذور الحرة المسببة لتلف الأنسجة. كما أن الكركم يعزز إفراز الكولاجين الطبيعي في المفاصل، ما يساعد على استعادة مرونة الغضاريف وتخفيف الاحتكاك بين العظام.
في حديثه لوسائل الإعلام الألمانية، عبّر الدكتور مولر عن دهشته قائلاً: “لقد اختبرنا عشرات التركيبات الدوائية خلال السنوات الماضية، لكن النتائج التي رأيناها مع الكركم كانت مدهشة بحق. بعض المرضى الذين كانوا يستخدمون العكازات لاستطاعتهم السير أصبحوا قادرين على المشي دون مساعدة خلال أقل من ثلاثة أسابيع.”
ويُشير الباحثون إلى أنّ استخدام الكركم يعود إلى آلاف السنين في الطب الهندي والصيني التقليدي لعلاج الروماتيزم وآلام العضلات والمفاصل، إلا أن الطب الحديث بدأ مؤخرًا فقط بفهم آلية عمل هذه العشبة على المستوى الخلوي. فالكركمين يعمل على تثبيط إنزيمات الالتهاب مثل COX-2 وLOX ويمنع إفراز السيتوكينات المسببة لتورم المفاصل. كما أنّه يحفز إنتاج الإنزيمات المضادة للأكسدة مثل الجلوتاثيون بيروكسيداز التي تحمي الخلايا من التلف.
ولتحقيق أفضل النتائج، ينصح الأطباء بأن يتم تناول مشروب الكركم مرتين يوميًا بعد الوجبات، مع تجنب الإكثار منه بشكل مفرط، إذ أن الجرعات العالية قد تسبب اضطرابات بسيطة في الجهاز الهضمي لبعض الأشخاص. كما يُفضّل استخدام الكركم العضوي الخالي من الإضافات الكيميائية لضمان نقاء المادة الفعالة.
إلى جانب فوائده للمفاصل، أثبتت الأبحاث أنّ الكركم يملك قدرة مذهلة على تحسين صحة الكبد وتنقية الدم وتنشيط الدورة الدموية، مما ينعكس إيجابيًا على الجسم كله. وقد أوضحت دراسة من جامعة كاليفورنيا أنّ الكركم يساهم في خفض مستوى الكوليسترول الضار ويحسّن توازن السكر في الدم، وهو ما يجعله خيارًا ممتازًا لمرضى السكري والسمنة الذين يعانون في الوقت ذاته من التهابات المفاصل.
يبدو أنّ الطبيعة ما زالت تحمل أسرارًا لم يكتشفها الطب الحديث بعد، وأن الحلول البسيطة قد تكون أقوى مما نظن. فمشروب الكركم ليس مجرد وصفة منزلية تقليدية، بل علاج طبيعي متكامل مدعوم بأدلة علمية قوية. ومع استمرار الأبحاث، يأمل العلماء أن يُعتمد الكركم يومًا كخيار أساسي في علاج أمراض المفاصل المزمنة، ليمنح المرضى حول العالم حياة أكثر راحة وحرية في الحركة دون ألم أو دواء كيميائي.