منوعات عامة

“سر الفاكهة الحمراء” طبيب يعلن أن تناولها يوميًا يقي من الزهايمر… ويقوي الذاكرة بقوة

في عالم الطب الحديث، ما زال العلماء يكتشفون يومًا بعد يوم قوة الغذاء في الوقاية من الأمراض المزمنة التي تهدد صحة الإنسان. من بين هذه الاكتشافات، برزت فاكهة حمراء اللون أصبحت محور اهتمام الباحثين والأطباء حول العالم، بعد أن أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أنها تملك قدرة مدهشة على حماية الدماغ من الزهايمر وتعزيز الذاكرة بشكل ملحوظ عند تناولها بانتظام. إنها التوت الأحمر، تلك الثمرة الصغيرة التي تخفي وراء لونها الجذاب سرًا كبيرًا يتعلق بصحة العقل ووظائف الدماغ.

في السنوات الأخيرة، زادت معدلات الإصابة بمرض الزهايمر ومشكلات الذاكرة بشكل لافت نتيجة أنماط الحياة السريعة، والنظام الغذائي السيئ، وقلة النوم، وارتفاع معدلات التوتر. لكن دراسة أجرتها جامعة هارفارد الأمريكية كشفت أن تناول التوت الأحمر بشكل يومي يمكن أن يحد من هذه المخاطر بنسبة تصل إلى 30%، بفضل احتوائه على مركبات فريدة تُعرف باسم الأنثوسيانين، وهي مواد نباتية مضادة للأكسدة تعمل على حماية خلايا الدماغ من التلف الناتج عن الجذور الحرة، وتحافظ على الإشارات العصبية بين الخلايا العصبية.

الأنثوسيانين لا تقتصر فوائدها على حماية الدماغ فقط، بل تلعب دورًا رئيسيًا في تحسين تدفق الدم إلى الدماغ مما يرفع من مستوى التركيز والانتباه والقدرة على التعلّم. وفي دراسة أخرى نُشرت في مجلة التغذية السريرية الأمريكية عام 2021، تبيّن أن الأشخاص الذين تناولوا كوبًا من التوت الأحمر يوميًا لمدة 12 أسبوعًا أظهروا تحسنًا ملحوظًا في اختبارات الذاكرة قصيرة المدى مقارنة بمن لم يتناولوه.

إضافة إلى ذلك، يحتوي التوت الأحمر على نسب عالية من فيتامين C وفيتامين K وحمض الفوليك، وهي عناصر تلعب دورًا مهمًا في دعم صحة الجهاز العصبي. كما أن هذه الفاكهة تساعد في تقليل الالتهابات الدقيقة في الدماغ التي ترتبط بضعف الإدراك، وفقًا لتقارير علمية صادرة عن المعهد القومي للصحة في الولايات المتحدة.

من الناحية البيوكيميائية، يعمل التوت الأحمر على تنظيم نشاط إنزيمات معينة في الدماغ مثل أسيتيل كولين إستيراز، وهو الإنزيم المسؤول عن تدهور الناقل العصبي “أسيتيل كولين” الضروري للذاكرة والتعلّم. بفضل هذه الخاصية، يصبح التوت أحد العوامل الطبيعية التي تحافظ على مستوى هذا الناقل العصبي، وهو ما يشبه مفعول بعض الأدوية التي تُستخدم في علاج الزهايمر، ولكن بصورة طبيعية وآمنة.

الطبيب البريطاني “ريتشارد تومسون”، أحد أبرز الباحثين في مجال التغذية العصبية، أوضح في مقابلة تلفزيونية أن “تناول حفنة من التوت الأحمر يوميًا يعادل تناول مكمل غذائي غني بمضادات الأكسدة، وأن أثره على الدماغ يبدأ بالظهور خلال أسابيع قليلة فقط”. وأكد أن الأشخاص الذين يدمجون هذه الفاكهة في نظامهم الغذائي يشعرون بتحسن في الذاكرة والنوم والمزاج العام بسبب توازن الهرمونات العصبية لديهم.

أما فيما يتعلق بآلية تأثير التوت الأحمر على الوقاية من الزهايمر، فقد وُجد أنه يعمل على منع تراكم البروتينات الضارة في الدماغ مثل بروتين بيتا أميلويد الذي يُعتبر المسبب الرئيسي لتلف الخلايا العصبية. وهذا يعني أن تناول التوت بانتظام يمكن أن يكون بمثابة درع واقٍ يمنع بدء أو تطور المرض في مراحله المبكرة.

ويؤكد الأطباء أن دمج التوت الأحمر في النظام الغذائي لا يحتاج إلى وصفات معقدة، فيمكن تناوله طازجًا في وجبة الإفطار، أو إضافته إلى الزبادي والشوفان، أو خلطه في العصائر الطبيعية. كما يمكن حفظه مجمدًا دون أن يفقد قيمته الغذائية أو قدرته على تحسين الذاكرة.

اللافت أن بعض الدراسات الحديثة أظهرت أن التوت الأزرق والتوت البري يمتلكان خصائص مشابهة للتوت الأحمر، إذ يحتويان على نسب أعلى من الفلافونويدات التي تُحسن الاتصال العصبي في الدماغ. لكن التوت الأحمر يظل الأكثر تميزًا من حيث محتواه من مضادات الأكسدة وسهولة توفره في الأسواق على مدار العام.

ومن المثير للاهتمام أن المجتمعات التي تستهلك كميات كبيرة من الفواكه الحمراء كجزء من نظامها الغذائي، مثل سكان شمال أوروبا واليابان، تسجل معدلات منخفضة جدًا من أمراض الذاكرة والخرف مقارنة بدول أخرى، مما يعزز الفرضية القائلة بأن الغذاء الطبيعي قد يكون أفضل وسيلة لحماية الدماغ.

التوت الأحمر ليس مجرد فاكهة لذيذة الطعم، بل هو “دواء طبيعي” يقدم للإنسان فرصة حقيقية للحفاظ على قدراته الذهنية مع التقدم في العمر. فالاستمرار في تناوله يمكن أن يبطئ التدهور المعرفي ويزيد من كفاءة الدماغ في معالجة المعلومات، وهو ما أكده تقرير نشرته منظمة ألزهايمر العالمية عام 2023 حيث أوصت بتضمينه ضمن الأغذية الوقائية الأساسية.

إن الاهتمام بصحة الدماغ يبدأ من المطبخ، وليس من الصيدلية. فمع كل وجبة غنية بالألوان الطبيعية والألياف والفيتامينات، نمنح خلايانا العصبية حياة أطول وأقوى. لذلك فإن عادة بسيطة كتناول كوب من التوت الأحمر يوميًا يمكن أن تكون الخط الفاصل بين الشيخوخة الذهنية والحيوية العقلية المستمرة.

سر الفاكهة الحمراء لم يعد خافيًا بعد الآن. إنها ليست فقط غذاءً للبدن، بل غذاءٌ للعقل والروح والذاكرة، وكنز طبيعي يحمي الإنسان من الزهايمر والتدهور المعرفي الذي يخشاه الكثيرون. العلم أثبت أن الحلول البسيطة والمستمرة هي الأكثر فاعلية، وربما كانت حفنة من التوت الأحمر كل صباح كافية لتمنح العقل شبابًا دائمًا وحضورًا ذهنيًا متقدًا مدى الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!