منوعات عامة

“أشهر عُشبة هندية في الوطن العربي” تخفض السكر في الدم في دقائق معدودة… وتحسن وظائف الكلى والكبد

تُعتبر شجرة الكاري أو كما تُعرف علميًا باسم Murraya koenigii من الأعشاب العريقة التي لطالما كانت جزءًا أساسيًا من الطب التقليدي الهندي المعروف باسم “الأيورفيدا”. وقد بدأت شهرتها تمتد بسرعة إلى الوطن العربي في السنوات الأخيرة بعدما كشفت الدراسات الحديثة عن فوائد مذهلة لهذه النبتة، خصوصًا في خفض مستوى السكر في الدم وتحسين صحة الكلى والكبد بشكل طبيعي وآمن دون أي آثار جانبية تُذكر.

تشير العديد من الأبحاث العلمية إلى أن أوراق شجرة الكاري تحتوي على مجموعة من المركبات النشطة مثل الكارازول والمورين والألكالويدات الطبيعية، وهي مواد قوية تمتلك تأثيرًا مباشرًا على تنظيم مستوى الجلوكوز في الدم. فقد بينت دراسة منشورة في Journal of Plant Biochemistry أن تناول مستخلص أوراق الكاري بانتظام يمكن أن يحفّز خلايا بيتا في البنكرياس على إنتاج الإنسولين بشكل أكثر كفاءة، وهو ما يساعد على خفض نسبة السكر المرتفعة بسرعة ملحوظة. كما تعمل هذه المركبات على إبطاء امتصاص السكر في الأمعاء بعد الوجبات، مما يقلل من ارتفاع الجلوكوز المفاجئ في الدم.

ولم تقتصر الفوائد على الجانب السكري فحسب، بل أظهرت دراسات أخرى أن شجرة الكاري تمتلك قدرة كبيرة على حماية الكبد من السموم وتنشيط وظائفه الحيوية. ففي تجربة أجريت على مجموعة من المرضى الذين يعانون من ارتفاع إنزيمات الكبد نتيجة تناول الأدوية لفترات طويلة، تبيّن أن تناول منقوع أوراق الكاري لمدة أربعة أسابيع ساعد على خفض الإنزيمات وتحسين أداء الكبد في التخلص من السموم والدهون المتراكمة. ويُعتقد أن هذه الفعالية ترجع إلى محتوى الأوراق العالي من مضادات الأكسدة مثل الفلافونويدات والفيتامينات A وC، التي تعمل على تقليل الإجهاد التأكسدي في خلايا الكبد وحمايتها من التلف.

أما بالنسبة للكلى، فقد أظهرت نتائج بحث نشر في International Journal of Pharmacology and Biological Sciences أن مستخلص أوراق الكاري ساعد على تقليل مستويات الكرياتينين واليوريا في الدم، وهما مؤشرين مهمين لصحة الكلى. وأكد العلماء أن المواد الفعالة في أوراق الكاري تعمل على تحسين تدفق الدم إلى الكلى وتعزيز قدرتها على تنقية السموم، كما تساعد في الوقاية من تكون الحصى بسبب خصائصها المدرة للبول بشكل طبيعي وآمن.

وتتميز عشبة الكاري بتركيبة غنية جدًا بالعناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم، فهي تحتوي على الحديد، الكالسيوم، المغنيسيوم، الزنك، والفسفور، إضافة إلى الألياف الغذائية التي تساهم في تحسين عملية الهضم وخفض الكوليسترول الضار في الدم. كما أن رائحتها المميزة ناتجة عن زيوت طيارة تمتلك خصائص مضادة للبكتيريا والالتهابات، مما يجعلها مفيدة أيضًا لصحة الجهاز المناعي.

طريقة استخدام أوراق الكاري سهلة ومتنوعة. يمكن غلي من 10 إلى 15 ورقة في كوب من الماء لمدة خمس دقائق، ثم تصفيتها وشربها دافئة مرة واحدة يوميًا على معدة فارغة. هذا المشروب يساعد على خفض السكر في الدم خلال وقت قصير جدًا، ويمنح الجسم طاقة متجددة دون التأثير على ضغط الدم أو التسبب بانخفاض مفرط في مستوى الجلوكوز. كما يمكن إضافتها طازجة أو مجففة إلى الطعام مثل الأرز والمرق والشوربات لإضفاء نكهة مميزة وفائدة إضافية.

ويُنصح بالاستمرار على تناول أوراق الكاري بانتظام كجزء من نمط حياة صحي، حيث تعمل على تنشيط البنكرياس، تحسين التمثيل الغذائي للدهون والسكريات، وتقليل الالتهابات الداخلية التي تعتبر أحد أهم أسباب مضاعفات السكري وأمراض الكبد والكلى.

ومن الناحية العلمية، يرى الباحثون أن السبب وراء فعالية أوراق الكاري في خفض السكر يعود إلى احتوائها على مركبات الكومارين التي تُساعد على تنظيم إنتاج الإنسولين، إضافة إلى مادة النيكوتيناميد التي تساهم في تحسين حساسية خلايا الجسم للإنسولين، مما يؤدي إلى استقرار مستويات الجلوكوز لفترات طويلة.

وليس هذا فحسب، فالكثير من الأشخاص الذين جربوا تناول مشروب أوراق الكاري لاحظوا تحسنًا عامًا في صحتهم العامة، إذ شعروا بنشاط أكبر، وبشرة أنقى، ونوم أفضل، نتيجة قدرة العشبة على تنظيف الدم من السموم وتنشيط الكبد. كما أظهرت بعض التجارب أن الانتظام على تناولها يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، لأنها تعمل على خفض الدهون الثلاثية وتوازن الكوليسترول في الجسم.

من المهم الإشارة إلى أن تناول أوراق الكاري لا يُغني عن استشارة الطبيب أو إيقاف الأدوية الخاصة بمرض السكري، لكنها تُعتبر مكملًا طبيعيًا فعّالًا وآمنًا يمكن أن يساعد في تحسين النتائج بشكل ملحوظ. كما ينصح المختصون بعدم الإفراط في الكمية اليومية والاكتفاء بكوب واحد من المنقوع أو بضع أوراق في الطعام، لتفادي أي اضطرابات هضمية بسيطة قد تحدث عند الاستخدام المفرط.

في ضوء كل هذه النتائج، يتضح أن عشبة شجرة الكاري ليست مجرد نبتة لإضفاء النكهة على الأطعمة، بل هي كنز طبيعي متكامل يحمل في طياته قدرة مذهلة على تحسين وظائف الجسم الحيوية ومقاومة الأمراض المزمنة. ومع تزايد الاهتمام بالأعشاب الطبيعية في الوطن العربي، أصبحت شجرة الكاري تحظى بمكانة مميزة بين الباحثين عن العلاجات الآمنة والفعّالة، خاصة لأولئك الذين يسعون للسيطرة على مرض السكري وتحسين صحة الكبد والكلى في الوقت ذاته.

وهكذا، فإن هذه العشبة التي تنمو في الحدائق والمزارع العادية في الهند وسريلانكا، أثبتت أنها واحدة من أعظم الهدايا التي تقدمها الطبيعة للإنسان، إذ تجمع بين الفاعلية الطبية والسلامة والاستخدام السهل، لتجعل من “ورقة الكاري” علاجًا طبيعيًا مدهشًا بحق، يُعيد للجسم توازنه ويمنحه حماية حقيقية من أمراض العصر المزمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!