أربع أوقات يحرم فيها الجما.ع بين الزوجين حددها القرآن الكريم.. فاحذر هذا التوقيت كفارته 10 جرام من الذهب!

العلاقة الزوجية في الإسلام هي رباط مقدس، شرع الله تعالى لها الأحكام التي تنظمها، وتحفظ لها قدسيتها، وتصون حقوق كلا الزوجين. ومن رحمة الله تعالى أنه بين ما هو حلال وما هو حرام بشكل واضح، ومن بين هذه التنظيمات أوقات يحرم فيها الجماع بين الزوجين.
في هذا المقال، سنستعرض معاً الأوقات الأربعة التي حرم فيها القرآن الكريم الجماع، كما وردت في آيات بينات، مع شرح الحكمة من التحريم، والكفارة المترتبة على من خالف أحد هذه الأوقات بشكل خاص.
التحريم في نهار رمضان.. والكفارة العظيمة
هذا هو الوقت الوحيد من بين الأوقات الأربعة الذي تترتب على مخالفته كفارة مغلظة.
· النص القرآني: قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]. والرفث هنا يعني الجماع ومقدماته. فإذا حل الليل (بعد أذان المغرب) حتى طلوع الفجر الصادق، فقد أحل الله الجماع. أما من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، فهو محرم.
· الحكمة من التحريم: الصيام هو عبادة لله تعالى، وهي تقتضي الإمساك عن جميع المفطرات من طعام وشراب وشهوة، من أجل تحقيق التقوى وتهذيب النفس.
· الكفارة: إذا جامع الزوجان في نهار رمضان عامدين مختارين غير مكرهين، فقد أفطرا، وعليهما القضاء معاً. لكن الكفارة المغلظة تترتب على الزوج فقط في هذه الحالة. والكفارة هي:
1. عتق رقبة (وهذا غير متاح في زماننا).
2. فإن لم يجد، فصيام شهرين متتابعين.
3. فإن لم يستطع، فإطعام ستين مسكيناً.
قيمة إطعام 60 مسكيناً: يقدر الإطعام بوجبة عن كل مسكين. وقدرها الكثير من الفقهاء المعاصرين بما يعادل نصف صاع من قوت البلد (كيلو ونصف تقريباً) من الأرز أو غيره عن كل مسكين. وبحساب القيمة المالية، قد تصل إلى ما يعادل 10 جرامات من الذهب أو أكثر حسب أسعار الطعام في بلدك. وهذا تقدير تقريبي، والأصل الرجوع لدار الإفتاء في بلدك للحصول على التقدير الدقيق.
المصدر:
· موقع “دار الإفتاء المصرية”: في بيان كفارة الجماع في نهار رمضان وقيمتها المالية المقدرة.
التحريم أثناء الاعتكاف في المسجد
· النص القرآني: قال تعالى في سياق آيات الصيام والاعتكاف: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
· الحكمة من التحريم: الاعتكاف هو عبادة تقوم على الانقطاع إلى الله تعالى في بيته، والإقبال عليه بكليّة القلب والروح. والجماع ومقدماته ينافي هذا المقصود، لأنه يشغل القلب والبدن عن العبادة الخالصة.
التحريم أثناء الحيض
· النص القرآني: قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]. والمقصود اعتزال الجماع في الفرج.
· الحكمة من التحريم:
1. الحكمة الصحية: لحماية المرأة من الأضرار الصحية التي قد تنتج عن الجماع في هذه الفترة.
2. الحكمة النفسية: المرأة في فترة الحيض غالباً ما تكون في حالة نفسية وجسدية غير مستقرة.
3. الحكمة الروحية: الحيض يعتبر نجاسة تمنع المرأة من الصلاة والصيام وغيرها من العبادات، والجماع في هذه الحالة لا يتناسب مع طهارة العلاقة الزوجية.
ملاحظة هامة: يجوز للزوج أن يستمتع بزوجته في غير محل الحيض أثناء هذه الفترة.
التحريم أثناء الإحرام بالحج أو العمرة
· النص القرآني: قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]. والرفث هنا يشمل الجماع ومقدماته القولية والفعلية.
· الحكمة من التحريم: الإحرام هو حالة روحانية خاصة، يتجرد فيها المسلم من ملذات الدنيا وشهواتها المعتادة (كالتطيب ولبس المخيط للرجل) لتكون كل همته منصبة على عبادة الله والتقرب إليه. والجماع منافٍ كلياً لهذه الحالة.
عقوبة الجماع في الإحرام:
· إذا كان قبل التحلل الأول (قبل رمي جمرة العقبة): يفسد الحج، ويجب عليه المضي فيه وقضاؤه لاحقاً، مع وجوب ذبح بدنة (ناقة أو بقرة) كفارة.
· إذا كان بعد التحلل الأول: فلا يفسد الحج، ولكن عليه ذبح شاة كفارة.
وفي ختام المقال الحكمة الإلهية في تنظيم الحياة الزوجية
هذه الأحكام ليست قيوداً على حرية الزوجين، بل هي ضوابط رحيمة تحقق:
1. الطهارة: طهارة القلب والبدن والعلاقة.
2. الصحة: حماية للأزواج من الأضرار الجسدية.
3. الروحانية: احتراماً لأوقات العبادة الخالصة مثل الصيام والاعتكاف والحج.
4. الانضباط: تهذيباً للنفس وتعليماً للصبر.
فالحمد لله الذي شرع لنا ما فيه صلاح ديننا ودنيانا. وعلى الزوجين أن يتعاونا على الطاعة، ويحتسبا الأجر في هذه اللمحات من الحرمان المؤقت، ليعودا إلى العلاقة الحلال بعد زوال المانع بقوة روحية ونفسية أكبر، وببركة من الله تعالى.
تنويه هام: هذه المقالة لأغراض التوعية الدينية فقط. للاستفسارات الشرعية التفصيلية أو للحصول على حكم خاص بحالتك، يرجى الرجوع إلى علماء الدين الموثوقين أو دار الإفتاء في بلدك.




