العلماء مندهشون… فاكهة موسمية ترفع المناعة وتمنع نزلات البرد بسرعة

في ظل تزايد الأمراض الفيروسية الموسمية مثل نزلات البرد والإنفلونزا، يبحث الكثير من الناس عن وسائل طبيعية وآمنة لدعم جهاز المناعة. وبينما يلجأ البعض إلى المكملات الغذائية أو الأدوية الوقائية، فإن الأبحاث العلمية الحديثة أكدت أن الحل قد يكون موجوداً ببساطة في فاكهة موسمية شائعة عرفها الإنسان منذ آلاف السنين. إنها البرتقال والحمضيات التي تبين أنها من أقوى الأطعمة الطبيعية لتعزيز المناعة والوقاية من نزلات البرد.
قوة فيتامين سي
البرتقال والليمون والجريب فروت واليوسفي جميعها غنية جداً بفيتامين سي، وهو الفيتامين الذي ارتبط اسمه تاريخياً بالوقاية من نزلات البرد. الدراسات الحديثة تؤكد أن فيتامين سي لا يمنع الإصابة بالبرد بشكل كامل، لكنه يقلل بشكل ملحوظ من مدة المرض وشدة الأعراض. دراسة نُشرت في مجلة التغذية السريرية الأمريكية عام 2017 بينت أن الأشخاص الذين تناولوا كميات كافية من فيتامين سي يومياً كانوا أقل عرضة للإصابة بالعدوى التنفسية بنسبة 30 بالمئة، كما أن أعراض البرد لديهم اختفت أسرع مقارنة بغيرهم.
مضادات الأكسدة المتنوعة
إلى جانب فيتامين سي، تحتوي الحمضيات على مجموعة واسعة من مضادات الأكسدة مثل الفلافونويدات والكاروتينات. هذه المركبات النباتية تلعب دوراً أساسياً في محاربة الجذور الحرة التي تضعف الجهاز المناعي وتزيد من خطر الالتهابات. باحثون في جامعة هلسنكي أكدوا أن الفلافونويد الموجود في قشور الحمضيات يمتلك خصائص مضادة للفيروسات والبكتيريا، وقد يساعد على تقليل الالتهابات في الجهاز التنفسي.
تعزيز إنتاج خلايا الدم البيضاء
جهاز المناعة يعتمد بشكل رئيسي على خلايا الدم البيضاء لمهاجمة الميكروبات. فيتامين سي الموجود بكثرة في الحمضيات يحفز إنتاج هذه الخلايا ويزيد من كفاءتها. دراسة أجريت في اليابان عام 2020 أظهرت أن الأشخاص الذين تناولوا عصير البرتقال الطازج يومياً لمدة شهر شهدوا زيادة ملحوظة في نشاط خلايا الدم البيضاء، إضافة إلى انخفاض في معدل الالتهابات المزمنة التي ترتبط بضعف المناعة.
الترطيب ودوره في المناعة
واحدة من أهم ميزات هذه الفاكهة أنها غنية بالماء والألياف. الترطيب الجيد للجسم يعتبر عاملاً حيوياً لمقاومة العدوى، إذ يساعد على إبقاء الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي رطبة مما يجعلها خط الدفاع الأول ضد الفيروسات. كما أن الألياف الغذائية تعزز صحة الأمعاء، حيث يعيش أكثر من 70 بالمئة من خلايا المناعة، ما يجعل الجهاز الهضمي عنصراً أساسياً في قوة الجهاز المناعي.
دراسات على الأطفال وكبار السن
الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة لنزلات البرد بسبب ضعف جهازهم المناعي. دراسة أجريت في فنلندا عام 2019 على أكثر من 500 طفل في المدارس الابتدائية أظهرت أن تناول الحمضيات يومياً قلل من معدل الإصابة بالبرد بنسبة 25 بالمئة. وفي دراسة أخرى على كبار السن في إيطاليا، تبين أن الذين تناولوا برتقالتين يومياً عانوا من أعراض برد أقل حدة مقارنة بمجموعة أخرى لم تستهلك الحمضيات بانتظام.
كيف يمكن الاستفادة منها يومياً
الخبراء ينصحون بتناول الحمضيات طازجة قدر الإمكان للحصول على أعلى فائدة غذائية. كوب واحد من عصير البرتقال الطبيعي الطازج يوفر أكثر من 100 بالمئة من الاحتياج اليومي لفيتامين سي. كما يمكن تناول اليوسفي كوجبة خفيفة، أو إضافة شرائح الليمون إلى الماء والشاي. لكن من المهم تجنب العصائر المعلبة التي تحتوي على سكريات مضافة تقلل من فوائدها.
ماذا يقول الأطباء عن الجرعات
رغم فوائد فيتامين سي الكبيرة، يحذر الأطباء من الإفراط في تناوله عبر المكملات الغذائية، إذ قد يسبب مشاكل هضمية مثل الإسهال أو الغثيان. الجرعة اليومية الموصى بها للبالغين هي نحو 75 إلى 90 مليغراماً، وهي كمية يمكن الحصول عليها بسهولة من خلال حبتين من البرتقال أو الجريب فروت يومياً.
عوامل أخرى مرتبطة بالمناعة
من المهم التوضيح أن تناول الحمضيات وحدها لا يكفي لحماية الجسم بالكامل من نزلات البرد، بل يجب أن تكون جزءاً من نظام غذائي متوازن يشمل الخضروات والبروتينات الصحية، إلى جانب ممارسة النشاط البدني المنتظم والحصول على قسط كافٍ من النوم. لكن الدراسات تؤكد أن وجود هذه الفاكهة في النظام الغذائي اليومي يشكل دعماً كبيراً للمناعة.
العلماء لم يندهشوا عبثاً عندما أظهرت الدراسات الحديثة أن فاكهة موسمية بسيطة مثل البرتقال والحمضيات يمكن أن تلعب دوراً فعالاً في تعزيز المناعة والوقاية من نزلات البرد. فهي غنية بفيتامين سي، مليئة بمضادات الأكسدة، تحفز خلايا الدم البيضاء، وتساهم في الترطيب وصحة الأمعاء. ومع توفرها بأسعار زهيدة في كل بيت تقريباً، يمكن اعتبارها واحدة من أقوى الأسلحة الطبيعية التي وهبتها لنا الطبيعة للدفاع عن صحتنا.