“العلماء يفقدون عقولهم”… مكون طبيعي يوقف نمو الخلايا السرطانية خلال 48 ساعة فقط !!

في لحظة تبدو أقرب لقصة خيالية، أعلن باحثون في مجال الطب الجزيئي أن مستخلص إكليل الجبل، ذلك العشبة العطرية التي نستخدمها يوميًا في المطبخ لزيتها المنعش ورائحتها المميزة، أظهر قدرة مذهلة على إيقاف نمو الخلايا السرطانية في المختبر خلال أقل من 48 ساعة فقط. هذا الكشف أحدث صدمة في الأوساط الطبية، وسط حديث عن إعادة التفكير في ما نستهلكه من عناصر طبيعية قد تكون أكثر فعالية من عدّة أدوية.
بداية القصة: من المطبخ إلى المختبر
إكليل الجبل، أو الروزماري، له تاريخ عريق في الطب الشعبي، استُخدم لعلاج مشاكل الهضم، تحسين الدورة الدموية، وحتى رفع الذاكرة. لكن ما لم يكن معروفًا على نطاق واسع هو أن الزيت الطيّار والمستخلصات المركزة تحتوي على مركبات مثل كارنوسول وكارنوسيك أسيد التي تحمل خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب، وبالتالي لها تأثير على الخلايا السرطانية.
النتائج الأولى: توقف مؤقت أو معدّل
فريق بحثي من جامعة مرموقة أجرى تجارب على خلايا سرطان القولون وسرطان الثدي في طبق المختبر، وأعطاها جرعات محسوبة من مستخلص الروزماري المركز. النتيجة: تراجع نمو الخلايا بأكثر من سبعين في المئة خلال يومين، مصحوبًا بزيادة واضحة في مؤشرات الموت المبرمج (Apoptosis).
هذه النتيجة القوية أثارت الإنبهار، ليس فقط بسبب سرعة التأثير بعد 48 ساعة، بل أيضًا لكونها انتقاءً للخلايا السرطانية دون أن تؤثر كثيرًا على الخلايا السليمة في المختبر.
ما وراء الفاعلية: شرح علمي مبسّط
التحليل الجزيئي أوضح أن هذه المركبات تتداخل مع مسارات حيوية مثل:
PI3K/Akt: وهو مسار أساسي لتحفيز نمو الخلية وبقائها. الكارنسول يعطّله.
MAPK/ERK: يعمل في نقل الإشارات التي تدفع الخلية للانقسام. الكارنسك أسيد يخفف نشاطه.
كما يوجد تأثير تحفيزي لبعض بروتينات الموت المبرمج مثل Bax وCaspase 3.
الدراسات الحديثة: ما هي المصادر وما الذي قالته
1. Cancer Letters (2024): نشرت دراسة استقصائية أثبتت أن معاملة خلايا سرطان القولون بمستخلص الروزماري مركز أثره في تثبيط النمو بنسبة تجاوزت 70 في المئة في أقل من 48 ساعة، وارتفعت مؤشرات موت الخلايا المبرمج بشكل ملحوظ.
2. Journal of Ethnopharmacology (2023): قامت بتجارب في نماذج حيوانية (فئران) مصابة بورم الثدي، ولاحظ الباحثون تراجع حجم الورم بنسبة تصل إلى 50 في المئة خلال أربعة أسابيع، دون تسجيل سمية سلبية كبيرة.
3. Molecular Cancer Therapeutics (2024): أظهر تحليل جزيئي أن المركبات العطرية في الروزماري تخفض نشاط مستقبلات النمو وتقوي جهاز القضاء الطبيعي على الخلايا الشاذة داخل الجسم.
تحذيرات وواقع تطبيقي
النتائج رغم أنها مثيرة فإنها مبنية على تجارب أولية في المختبر وتجارب حيوانية. لا يمكن القول مطلقاً أن تناول الروزماري في السلطة أو الشاي سيعالج السرطان.
الجرعات العلاجية المستخدمة في المختبر تصل إلى مستويات أعلى بكثير من تلك التي نستهلكها في الطعام.
قد تتداخل هذه المركبات مع أدوية أخرى أو تؤثر على عمل الكبد أو الهرمونات، لا سيما إذا تم تناولها كمكمل مركز.
حتى الآن لا توجد تجارب سريرية موثقة لمعرفة السلامة أو الفعالية على البشر.
الجانب التاريخي والثقافي
لقد استُخدم الروزماري عبر قرون في الطب الشعبي في أوروبا وكان رمزاً للذكريات والذاكرة. استخدمته الحضارات القديمة في تحنيط المومياوات، وكذلك درجت العشبة في الطب الشعبي لعلاج الصداع والالتهابات. عندما نرى اليوم أن لعطرها فوائده المحتملة في الوقاية أو حتى مكافحة السرطان، يبدو التاريخ يلتف بنا بابتسامة.
هل يمكن أن يدخل الروزماري يومًا في العلاج؟
الكثير من الباحثين حريصون على تطوير مستخلصات قياسية تحتوي على كميات معروفة من الكارنسول والكارنوسيك أسيد واختبارها سريريًا مع مراقبة الوظائف الحيوية والتفاعلات الدوائية. إذا أثبتت سلامتها وفعاليتها، فقد تُستخدم كمكمل علاجي بجانب العلاجات التقليدية، أو للمساعدة في تقليل الجرعات من الأدوية المؤثرة سلبًا على الجسم مثل بعض أنواع العلاج الكيميائي.
اكتشاف قدرة مستخلص إكليل الجبل على تعطيل نمو الخلايا السرطانية في المختبر خلال أقل من 48 ساعة هو إنجاز مدهش يفتح آفاقًا واعدة. لكن لا شيء في العلم يتحقق فورًا. الروزماري نبات طيب الطعم ورائحته جميلة، وهنا يكمن الدرس: قيمة الطبيعة غير محدودة، لكن الاستخدام العلمي والرؤية الطبية هما وحدهما يمكن أن يحققا تقدمًا حقيقيًا في علاج السرطان. الخطوة المقبلة تعتمد على التجارب السريرية المحكمة التي تثبت أنها فعلاً أكثر من مجرد نكهة في مطبخك بل قد تصبح جزءًا من مستقبل العلاج الطبي.