أصبحت مشكلات العيون في السنوات الأخيرة من أكثر القضايا الصحية التي تثير القلق عالميًا، حيث تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن مئات الملايين من الأشخاص يعانون من ضعف البصر بدرجات متفاوتة، وأن نسبة كبيرة من هذه الحالات يمكن الوقاية منها إذا تم التدخل مبكرًا بالعناية بالتغذية ونمط الحياة. ومع تزايد الاعتماد على الشاشات الإلكترونية لساعات طويلة يوميًا، بات البحث عن وسائل طبيعية تدعم صحة العين وتقلل من مخاطر الإصابة بالعمى المبكر أو التنكس البقعي المرتبط بالتقدم في العمر أمرًا في غاية الأهمية. وفي هذا السياق كشف أحد أطباء العيون البارزين عن مشروب طبيعي بسيط يمكن أن يساهم في تقوية النظر بشكل ملحوظ وحماية العين من الأمراض المزمنة.
هذا المشروب يعتمد أساسًا على الجزر والبرتقال والسبانخ، حيث إن هذه المكونات الثلاثة معروفة بقيمتها الغذائية العالية واحتوائها على مركبات ضرورية لصحة العين. فالجزر يحتوي على البيتا كاروتين الذي يتحول في الجسم إلى فيتامين أ، وهو عنصر أساسي للحفاظ على شبكية العين ومنع الإصابة بمرض العشى الليلي. أما البرتقال فيعد مصدرًا غنيًا بفيتامين سي، أحد أقوى مضادات الأكسدة التي تقلل من تلف الخلايا الناتج عن الجذور الحرة، وتساهم في الوقاية من إعتام عدسة العين. وبالنسبة للسبانخ فهي تحتوي على مادتي اللوتين والزياكسانثين، وهما مركبان نباتيان يتركزان في شبكية العين ويعملان كدرع واقٍ يحميها من الأشعة فوق البنفسجية والضوء الأزرق الصادر من الشاشات.
دراسة منشورة في مجلة Investigative Ophthalmology & Visual Science أكدت أن تناول الأطعمة الغنية باللوتين والزياكسانثين بانتظام يقلل من خطر الإصابة بالتنكس البقعي المرتبط بالعمر بنسبة تصل إلى 40%. كما أظهرت دراسات أخرى أن الأشخاص الذين يحصلون على جرعات كافية من فيتامين سي وفيتامين أ يتمتعون بمعدل أقل بكثير من أمراض العين التنكسية. وهذا ما يجعل الجمع بين هذه العناصر في مشروب واحد خيارًا ذكيًا وفعالًا.
طريقة تحضير هذا المشروب سهلة للغاية: يتم عصر حبتين من الجزر مع برتقالة واحدة وكمية صغيرة من أوراق السبانخ الطازجة، ويمكن إضافة نصف كوب من الماء لتخفيف القوام. ينصح الأطباء بتناول هذا المشروب 3 إلى 4 مرات أسبوعيًا للحصول على أفضل النتائج. وبحسب تجارب عملية رصدها الباحثون، فإن المواظبة على هذا المشروب لمدة شهرين أظهرت تحسنًا في وضوح الرؤية وتقليل إجهاد العين خصوصًا لدى الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة.
من الناحية الطبية، يساهم هذا المشروب أيضًا في دعم الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي شبكية العين، مما يقلل من احتمالية حدوث نزيف شبكي أو اعتلال في الأوعية الناتج عن مرض السكري. كما أنه يساعد في تقوية الجهاز المناعي بشكل عام بفضل مضادات الأكسدة المتوافرة فيه، وهو ما يحمي العين من الالتهابات البكتيرية والفيروسية.
ورغم أن هذا المشروب يعد خيارًا ممتازًا لتعزيز صحة العين، إلا أنه لا يغني عن الفحوص الدورية لدى طبيب العيون، خاصة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع أمراض مثل الجلوكوما أو التنكس البقعي. كما يجب أن يكون جزءًا من نمط غذائي متوازن يتضمن الأسماك الغنية بالأوميغا 3 والمكسرات الغنية بفيتامين هـ، حيث أثبتت الدراسات أن هذه العناصر تعمل معًا على تعزيز قوة النظر والوقاية من العمى المبكر.
أن هذا المشروب الطبيعي البسيط يجمع بين قوة مضادات الأكسدة والفيتامينات الضرورية لحماية العيون، وهو خبر سار لكل من يعاني من ضعف النظر أو يخشى من أمراض العين المرتبطة بالتقدم في العمر. فمع المداومة على هذا المشروب واتباع نمط حياة صحي، يمكن بالفعل تقليل خطر العمى المبكر والحفاظ على نعمة البصر قوية وواضحة لأطول فترة ممكنة.
