كارثة صامتة… عادة صباحية ترفع مقاومة الإنسولين… وتدمر البنكرياس !!

من المعروف أن مرض السكري وخاصة من النوع الثاني أصبح من أخطر التحديات الصحية في القرن الحالي حيث تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن مئات الملايين من البشر يعانون منه وأن أعداد الإصابات في تزايد مستمر نتيجة أنماط الحياة غير الصحية والعادات الغذائية الخاطئة وفي قلب هذا المرض تقبع مشكلة مقاومة الإنسولين وهي حالة تصبح فيها الخلايا أقل استجابة لهرمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس مما يجبر البنكرياس على إنتاج كميات أكبر حتى يحافظ على مستوى السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية ومع مرور الوقت ينهك البنكرياس ويضعف ويصبح غير قادر على الاستمرار في الإفراز بشكل كاف الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بالسكري الكامل
لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن بعض العادات الصباحية البسيطة التي يظن الناس أنها عادية أو حتى صحية قد تكون سببا خفيا في رفع مقاومة الإنسولين وبالتالي تسريع تدمير البنكرياس
الإفطار الغني بالسكريات السريعة
من أخطر هذه العادات تناول وجبة إفطار مليئة بالكربوهيدرات المكررة والسكريات مثل المعجنات المحلاة أو الفطائر السكرية أو المشروبات الغازية وحتى بعض أنواع عصائر الفواكه التجارية الغنية بالسكر هذه الوجبة الصباحية تؤدي إلى ارتفاع حاد وسريع في مستوى السكر في الدم وهو ما يجبر البنكرياس على إفراز دفعة قوية من الإنسولين لمواجهة الارتفاع ومع تكرار هذه العملية يوميا تصبح الخلايا أقل حساسية للإنسولين ما يخلق دائرة مفرغة من ارتفاع السكر وارتفاع الإنسولين ومقاومته
دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية عام 2017 أكدت أن تناول الإفطار عالي المؤشر الجلايسيمي يرفع بشكل ملحوظ من مستويات الجلوكوز والإنسولين بعد الوجبة مقارنة بوجبات منخفضة المؤشر الجلايسيمي وأن الاستمرار على ذلك يضعف قدرة الجسم على التعامل مع السكر على المدى البعيد
إهمال وجبة الإفطار
عادة أخرى منتشرة هي تجاهل وجبة الإفطار والاعتماد على فنجان قهوة فقط حتى منتصف النهار قد يظن البعض أن ذلك يساعد على إنقاص الوزن لكن الدراسات أوضحت أن تخطي الإفطار مرتبط بزيادة مقاومة الإنسولين وزيادة محيط الخصر وارتفاع خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني دراسة يابانية عام 2019 تابعت أكثر من خمسين ألف شخص بينت أن الذين اعتادوا على تخطي الإفطار كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكري بنسبة 20 في المئة مقارنة بمن يتناولون إفطارا متوازنا
الآلية العلمية وراء ذلك تكمن في أن الجسم عندما يحرم من الغذاء فترة طويلة ثم يحصل فجأة على وجبة غنية بالطاقة يستجيب بإفراز كميات أكبر من الإنسولين لمواجهة التدفق المفاجئ للجلوكوز مما يعزز مقاومة الإنسولين
الإفراط في القهوة أو مشروبات الطاقة على معدة فارغة
الكافيين في حد ذاته ليس ضارا إذا استهلك بجرعات معتدلة لكن تناوله على معدة فارغة بكميات كبيرة كما يفعل كثيرون في الصباح قد يرفع من مستوى هرمونات التوتر مثل الكورتيزول الذي يؤثر سلبا على استجابة الجسم للإنسولين دراسة كندية عام 2008 نشرت في مجلة علم الغدد الصماء وجدت أن تناول الكافيين بكثرة قبل الوجبات أدى إلى ارتفاع مستويات السكر والإنسولين بعد الأكل لدى المصابين بمقدمات السكري
قلة النوم والسهر الليلي
رغم أن هذه ليست عادة صباحية بحتة إلا أن أثرها يظهر في الصباح السهر المزمن وقلة النوم يرفعان مقاومة الإنسولين بشكل مباشر إذ يختل إفراز الهرمونات المنظمة للتمثيل الغذائي ويزداد إفراز هرمونات التوتر وعندما يبدأ الشخص يومه بعد نوم سيئ يكون جهازه الأيضي في حالة خلل تزيد من إجهاد البنكرياس دراسة أمريكية في جامعة شيكاغو أظهرت أن الحرمان من النوم لخمس ليال متتالية فقط يكفي لخفض حساسية الإنسولين بنسبة تزيد عن 20 في المئة
حلول عملية لحماية البنكرياس
1 تناول إفطار متوازن يحتوي على بروتين مثل البيض أو اللبن قليل الدسم مع حبوب كاملة غنية بالألياف وخضروات أو فواكه طازجة
2 تجنب العصائر الصناعية والمخبوزات السكرية واستبدالها بفاكهة كاملة أو شوفان
3 تقليل الاعتماد على الكافيين في الصباح أو تناوله بعد الإفطار وليس قبله
4 المحافظة على نوم كاف لا يقل عن سبع ساعات يوميا لضبط الهرمونات المسؤولة عن التمثيل الغذائي
5 ممارسة نشاط بدني خفيف بعد الإفطار مثل المشي لدقائق لتحسين استجابة الخلايا للإنسولين
إن ما يبدو عادة بسيطة في الصباح مثل نوعية الإفطار أو الاعتماد على القهوة بدلا من الطعام أو حتى تجاهل الإفطار تماما يمكن أن يشكل كارثة صامتة تدمر البنكرياس ببطء عبر رفع مقاومة الإنسولين المشكلة لا تظهر في يوم أو يومين لكنها تتراكم لسنوات حتى يجد الشخص نفسه مصابا بالسكري ومضاعفاته لذلك فإن الوعي بهذه الحقائق وتغيير العادات الصباحية قد يكون خط الدفاع الأول لحماية البنكرياس والحفاظ على الصحة.