“احذر قبل فوات الأوان”… موجة الحر تهاجم معدتك من الداخل.. الجفاف لا يسبب العطش فقط بل يُدمر جهازك الهضمي بصمت !!
مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، تبدأ أجسادنا في فقدان كميات كبيرة من السوائل من خلال التعرق، وهذا ما يجعل خطر الإصابة بالجفاف أمرًا شائعًا ومقلقًا، خاصة في المناطق الحارة والمزدحمة. ورغم أن الجفاف يؤثر على الجسم بأكمله، إلا أن تأثيره على الجهاز الهضمي والمعدة تحديدًا قد يكون خفيًا ومؤلمًا في آنٍ واحد.
كيف يؤثر الجفاف على المعدة؟
عندما يفقد الجسم كمية كبيرة من الماء، فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى أعضاء الجسم المختلفة، ومن بينها الجهاز الهضمي. هذا النقص في تدفق الدم يؤثر بشكل مباشر على قدرة المعدة على إنتاج العصارات الهضمية التي تساعد على تكسير الطعام وهضمه. نتيجة لذلك، يشعر الإنسان بثقل في المعدة، وقد يصاب بعسر الهضم، أو حرقة المعدة، أو حتى الغثيان المتكرر.
الأخطر من ذلك أن الجفاف المزمن قد يؤثر على جدار المعدة نفسه، حيث يُصبح أكثر عرضة للتقرحات، خصوصًا عند الأشخاص الذين يتناولون أدوية مضادة للالتهاب أو يشربون القهوة بكثرة في الطقس الحار دون تعويض السوائل.
علامات تشير إلى أن معدتك تعاني بسبب الجفاف
هناك عدة مؤشرات تنذر بأن الجفاف بدأ يؤثر على جهازك الهضمي، ومنها:
الإحساس المستمر بالانتفاخ أو التقلصات بعد الأكل
صعوبة في الهضم رغم تناول كميات صغيرة من الطعام
الإحساس بالغثيان خاصة في الصباح
نقص الشهية بشكل مفاجئ
الشعور بحرقة أو حموضة حتى بدون وجود أسباب غذائية واضحة
إذا كنت تعاني من هذه الأعراض في الطقس الحار، فقد يكون السبب هو الجفاف وتأثيره على معدتك، وليس فقط نوعية الطعام أو توقيت تناوله.
ما علاقة الجفاف بالإمساك؟
الجفاف لا يؤثر فقط على المعدة، بل يمتد أيضًا إلى الأمعاء. فقلة السوائل تؤدي إلى صعوبة حركة الأمعاء، مما يسبب إمساكًا مزمنًا لدى البعض. وفي حالات شديدة، قد تتصلب الفضلات داخل القولون، وهو ما يعرف بالانحشار البرازي، وقد يتطلب تدخلاً طبياً عاجلاً.
ما الذي يحدث للكبد والبنكرياس أثناء الجفاف؟
من المعروف أن المعدة لا تعمل بمعزل عن بقية الأعضاء. فالكبد والبنكرياس يشاركان بشكل فعّال في عملية الهضم. وعند حدوث الجفاف، تقل كفاءة هذه الأعضاء في إفراز الإنزيمات والمواد الحيوية اللازمة لهضم الدهون والبروتينات. هذا التراجع في الأداء قد يسبب شعورًا عامًا بالخمول، والانتفاخ، واضطرابات في مستويات السكر في الدم.
ماذا نفعل لتقليل تأثير الجفاف على المعدة؟
لحماية معدتك وجهازك الهضمي من آثار الجفاف خلال أيام الحر الشديد، إليك هذه النصائح الواقعية والمهمة:
١. اشرب الماء بانتظام
لا تنتظر حتى تشعر بالعطش. اجعل من شرب الماء عادة ثابتة كل ساعة أو ساعتين. يحتاج البالغ في المتوسط إلى ما لا يقل عن ٨ إلى ١٠ أكواب من الماء يوميًا، وقد تزيد الكمية في أيام الصيف.
٢. تجنب المشروبات التي تزيد من الجفاف
المشروبات الغازية، والقهوة، والشاي الأسود، ومشروبات الطاقة كلها تزيد من إدرار البول وبالتالي فقدان السوائل. حاول تقليلها قدر الإمكان، واستبدلها بمشروبات طبيعية مثل عصير الخيار، أو الليمون، أو ماء جوز الهند.
٣. تناول الطعام الغني بالماء
الخيار، والبطيخ، والخس، والطماطم، والكوسا من أكثر الأطعمة الغنية بالماء. أدخلها في وجباتك الرئيسية أو كوجبة خفيفة بين الوجبات.
٤. لا تأكل بكثرة في الطقس الحار
تناول وجبات صغيرة وخفيفة. المعدة تحتاج إلى مجهود لهضم الوجبات الدسمة، مما يسبب إرهاقًا إضافيًا للجسم، خاصة في وقت الجفاف.
٥. راقب لون البول
يعتبر لون البول مؤشرًا بسيطًا على حالة ترطيب جسمك. كلما كان لون البول أفتح، كلما كنت أقرب إلى الترطيب الجيد. أما اللون الداكن فيشير إلى بداية الجفاف.
٦. تجنب التعرض للشمس في أوقات الذروة
إذا اضطررت للخروج، فاحرص على ارتداء ملابس فاتحة، وقبعة تحمي الرأس، وخذ معك زجاجة ماء دائمًا.
هل الجفاف يسبب اضطرابات هرمونية؟
نعم، تشير بعض الدراسات إلى أن الجفاف قد يسبب خللاً في الهرمونات، خصوصًا هرمونات التوتر مثل الكورتيزول. وعند ارتفاع هذا الهرمون، قد يشعر الإنسان بالعصبية والتوتر والقلق، وهو ما قد ينعكس بدوره على المعدة ويؤدي إلى اضطرابات نفسية هضمية مثل القولون العصبي.
إن ارتفاع درجات الحرارة لا يجب أن يكون مرادفًا للمرض أو الإرهاق. مع بعض التعديلات البسيطة في نمط الحياة، والاهتمام بشرب الماء، وتناول الأغذية الصحية، يمكننا الحفاظ على سلامة المعدة، ووقاية أجسادنا من آثار الجفاف. فالماء ليس مجرد حاجة جسدية، بل هو خط الدفاع الأول ضد الأمراض الصامتة التي تبدأ من المعدة.
